«عمران» الذي بصق على إنسانيتنا
الأحد / 18 / ذو القعدة / 1437 هـ الاحد 21 أغسطس 2016 21:09
عبدالرحمن الطريري
تصدرت صورة الطفل السوري عمران جل الصحف الغربية، فشربوا قهوة الصباح في تأثر شديد وربما شربوها مرة، وساروا في الطريق إلى أعمالهم، بكت مذيعة السي إن إن على الطفل عمران، وخصوصا على أنه رغم كل شيء لم يبك، لأن ابن الخمس سنوات لم يفهم من الصدمة أن هذة كانت أسوا خمس سنوات في سورية، أما صناع القرار من القراء أو المشاهدين لم يحركوا ساكنا.
الأسبوع الماضي وضعت روسيا طائراتها في قاعدة همدان الإيرانية، فكان ردة فعل الغرب اعتبار هذا التصرف مخالفا لقرار مجلس الأمن 2231، والذي «يحظر إمداد أو بيع أو تحويل أي طائرات مقاتلة لإيران»، كقرار منظم للتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي مع الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن بالإضافة لألمانيا.
ولكن متى احترمت إيران أي قرارت دولية، أو أجبرها أحد على ذلك، خلال عام من الاتفاق النووي طورت صواريخ باليستية واحتجزت جنودا أمريكيين لساعات، فكان ردة الفعل القوية من الرئيس أوباما عبر حذف الجزء المتضمن الحديث عن الاتفاق النووي مع إيران كأحد منجزاته كرئيس، بل إن أمريكا اعترفت أخيراً بأنها قدمت فدية بمبلغ أربعمائة ألف دولار وإطلاق سجناء، مقابل إطلاق سجناء أمريكان، بعد أن كان الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري قد صرحا سابقا، بأن المبلغ لا علاقة له بإطلاق السجناء الأمريكان.
وحتى القرارت التي تكون مشروعا أمريكيا، لا توجد الإرادة السياسية الكافية لتنفيذها، كالقرار 2254 المتعلق بسورية، والذي تضمن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام والمعارضة السوريين للمشاركة «على وجه السرعة» في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي، على أن تبدأ تلك المفاوضات مطلع يناير 2016 «بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة».
وحينها حاول النظام السوري أن يتعذر بتشرذم المعارضة لتعطيل أي حل سياسي، فكان تحرك الرياض بجمع أوسع طيف من المعارضة العسكرية والمدنية السورية المعتدلة، فكان أن ابتكر الروس وفدا ثالثا يضم صالح مسلم وآخرين، ولكن الهدف كان شراء الوقت والحسم العسكري لا البحث عن حل سياسي، وما زال الخيار العسكري هو الخيار المفضل لحلفاء الأسد (روسيا، إيران، حزب الله)، وحتى تركيا أخيرا أصبحت مواقفها حول دعم المعارضه أضعف.
أما إدارة أوباما فكان عنوانها في هذه السنوات خذلان الحلفاء، فحتى حلفاؤها الأكراد بعد أن حرروا منبج، لم تفعل شيئا لردع طائرات الأسد التي قصفتهم في الحكسة، ولا حتى ضغطت لينفذ الحد الأدنى من القرار عبر إدخال المساعدات الإنسانية لحلب أو دير الزُّور وغيرها من المناطق المنكوبة.
روسيا التي قارب العام تدخلها المكثف عسكريا، هي بالتأكيد لا تهتم بقرارات مجلس الأمن ولو كان عضوا رئيسيا فيه، وأصبحت تتعامل مع الملف السوري كتدريب عسكري، ومع الشعب السوري كدمى للعب بها، من بحر قزوين أطلقت صواريخ على أهداف في سورية، والأسبوع الماضي أطلقت صواريخ من قطع بحرية في البحر الأبيض المتوسط، وجربت الطيران من مسافات قريبة للأهداف عبر قاعدة حميميم السورية، ومن مسافات بعيدة عبر قاعدة همدان الإيرانية. ماسأة صورة عمران التي أبكتنا، هي مأسأة يومية تحصل في اليمن عبر تجنيد الحوثيين للأطفال، وعبر أطفال كثر من بين الأربعمائة ألف قتيل في سورية والتي لم نشاهد صور أغلبهم، وبين مئات الأطفال في حمص نحرهم عناصر حزب الله قبل عامين خشية أن يكون منهم حفيد ليزيد بحسب الحزب، وبين أكثر من نصف الشعب السورية النازح، وفي لحظة صار معتادا لنا مشاهدة مناظر الدم والدمار خصوصا في سورية، خرج علينا عمران ليبصق على إنسانيتنا.
aaltrairi@gmail.com
Twitter : @aAltrairi
الأسبوع الماضي وضعت روسيا طائراتها في قاعدة همدان الإيرانية، فكان ردة فعل الغرب اعتبار هذا التصرف مخالفا لقرار مجلس الأمن 2231، والذي «يحظر إمداد أو بيع أو تحويل أي طائرات مقاتلة لإيران»، كقرار منظم للتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي مع الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن بالإضافة لألمانيا.
ولكن متى احترمت إيران أي قرارت دولية، أو أجبرها أحد على ذلك، خلال عام من الاتفاق النووي طورت صواريخ باليستية واحتجزت جنودا أمريكيين لساعات، فكان ردة الفعل القوية من الرئيس أوباما عبر حذف الجزء المتضمن الحديث عن الاتفاق النووي مع إيران كأحد منجزاته كرئيس، بل إن أمريكا اعترفت أخيراً بأنها قدمت فدية بمبلغ أربعمائة ألف دولار وإطلاق سجناء، مقابل إطلاق سجناء أمريكان، بعد أن كان الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري قد صرحا سابقا، بأن المبلغ لا علاقة له بإطلاق السجناء الأمريكان.
وحتى القرارت التي تكون مشروعا أمريكيا، لا توجد الإرادة السياسية الكافية لتنفيذها، كالقرار 2254 المتعلق بسورية، والذي تضمن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام والمعارضة السوريين للمشاركة «على وجه السرعة» في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي، على أن تبدأ تلك المفاوضات مطلع يناير 2016 «بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة».
وحينها حاول النظام السوري أن يتعذر بتشرذم المعارضة لتعطيل أي حل سياسي، فكان تحرك الرياض بجمع أوسع طيف من المعارضة العسكرية والمدنية السورية المعتدلة، فكان أن ابتكر الروس وفدا ثالثا يضم صالح مسلم وآخرين، ولكن الهدف كان شراء الوقت والحسم العسكري لا البحث عن حل سياسي، وما زال الخيار العسكري هو الخيار المفضل لحلفاء الأسد (روسيا، إيران، حزب الله)، وحتى تركيا أخيرا أصبحت مواقفها حول دعم المعارضه أضعف.
أما إدارة أوباما فكان عنوانها في هذه السنوات خذلان الحلفاء، فحتى حلفاؤها الأكراد بعد أن حرروا منبج، لم تفعل شيئا لردع طائرات الأسد التي قصفتهم في الحكسة، ولا حتى ضغطت لينفذ الحد الأدنى من القرار عبر إدخال المساعدات الإنسانية لحلب أو دير الزُّور وغيرها من المناطق المنكوبة.
روسيا التي قارب العام تدخلها المكثف عسكريا، هي بالتأكيد لا تهتم بقرارات مجلس الأمن ولو كان عضوا رئيسيا فيه، وأصبحت تتعامل مع الملف السوري كتدريب عسكري، ومع الشعب السوري كدمى للعب بها، من بحر قزوين أطلقت صواريخ على أهداف في سورية، والأسبوع الماضي أطلقت صواريخ من قطع بحرية في البحر الأبيض المتوسط، وجربت الطيران من مسافات قريبة للأهداف عبر قاعدة حميميم السورية، ومن مسافات بعيدة عبر قاعدة همدان الإيرانية. ماسأة صورة عمران التي أبكتنا، هي مأسأة يومية تحصل في اليمن عبر تجنيد الحوثيين للأطفال، وعبر أطفال كثر من بين الأربعمائة ألف قتيل في سورية والتي لم نشاهد صور أغلبهم، وبين مئات الأطفال في حمص نحرهم عناصر حزب الله قبل عامين خشية أن يكون منهم حفيد ليزيد بحسب الحزب، وبين أكثر من نصف الشعب السورية النازح، وفي لحظة صار معتادا لنا مشاهدة مناظر الدم والدمار خصوصا في سورية، خرج علينا عمران ليبصق على إنسانيتنا.
aaltrairi@gmail.com
Twitter : @aAltrairi