هل الجماعات الإرهابية هي الأخطر على المملكة؟

في أعقاب حيثيات محاكمة خلية التجسس الإيرانية

هل الجماعات الإرهابية هي الأخطر على المملكة؟

د. عبدالرزاق بن عبدالعزيز المرجان (*) خبير الأمن الإلكتروني

دقة المعلومات وتكاملها سلاح مهم يمكن توظيفه لتدمير الدول سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. لذا ارتكزت إستراتيجية إيران في تكوين خلية التجسس في المملكة على تجنيد فئة قليلة ومعزولة في القطاع الحكومي والخاص لغرض التخابر لمصلحة الاستخبارات الإيرانية وتحقيق أهدافها الإرهابية.
بعيدا عن الشبهات
جندت الاستخبارات الإيرانية مجموعة أفراد من السلك التعليمي والديني والطبي وغيرهم واللافت للانتباه هو التجنيد النوعي المستخدم في هذه الخلية وهو التركيز على تجنيد ستة أفراد من السلك التعليمي، خمسة من ذوي المؤهلات العليا وآخر في السلك التعليمي ما يمكنهم من التأثير الكبير على من حولهم وسهولة تنقلهم داخل المجتمع تحت الغطاء الأكاديمي ويسهل لهم جمع المعلومات بطرق كثيرة مثل المقابلات الشخصية أو الاستبانات أو الحوارات الجانبية بعيداً عن الشبهات.
طلاب إيران في الجامعات
يمتاز أصحاب المؤهلات العليا بالدقة في جمع المعلومات ويتضح ذلك في المتهم 15 (عضو هيئة تدريس) والمتهم 2 (حاصل على الماجستير ويعمل مدرباً في إحدى كليات التقنية) والمتهمين ( 18، 23 و24 طلاب دكتوراه.) والمتهم 16 (موظف في التعليم) وكانت أدوارهم تتعلق بنقل معلومات إلى الاستخبارات الإيرانية عن التجمعات وأعمال الشغب التي وقعت في المنطقة الشرقية وأنشطة بعض القنوات الدينية الناطقة بالفارسية والعاملين بها ثم رصد أسماء الطلاب الإيرانيين الدارسين في جامعات سعودية لرصدهم والاستفادة منهم.
معلومات مهمة وحساسة
ومن أنشطة الخلية -كما تم رصدها تقديم معلومات مهمة وحساسة إلى الاستخبارات الإيرانية تتعلق بتحديد محل إقامة كبار المسؤولين في موسم الحج والطرق التي يسلكونها لرمي الجمرات. ثم تسخير تخصص الفيزياء النووية لخدمة إيران. ومن الأنشطة كذلك جمع معلومات شخصية عن الشيعة المتورطين في قضايا إرهابية، وعن الموقوفين في التجمعات وأعمال الشغب التي وقعت بالقطيف وأسماء من هم على ذمم قضايا أمنية والاتهامات الموجهة إليهم. ومن المهام أيضا جمع معلومات شخصية لغرض التواصل والتجنيد عن العاملين في القطاعات المختلفة العامة والخاصة وأعضاء هيئة التدريس في احدى الجامعات لغرض تجنيدهم إلى جانب مقابلة عناصر من الاستخبارات الإيرانية داخل وخارج المملكة.
إفشاء أسرار الهواتف
جندت الاستخبارات الإيرانية مجموعة من موظفي القطاع الخاص (الطاقة، مصارف، اتصالات وعامل مطعم)، لجمع معلومات عن المنشآت الاقتصادية وتفصيلات مهامهم كالآتي - المتهم 14 فني مختبر في شركة قدم بيانات عن مقر عمله وصوراً عن حقل الغوار إلى الاستخبارات الإيرانية.
المتهمان 3 و 30 يعملان في أحد البنوك وتلخص دورهما في إفشاء ونشر معلومات في غاية السرية والبحث عن أشخاص للعمل في قناة العالم الإخبارية ومقرها طهران لتشويه سمعة البلاد ودعم أعمال الشغب والتخريب والفوضى وتقديم معلومات عن طريقة التحايل على النظام البنكي بشأن تحويل العملات من إيران إلى المملكة والبحث عن مراكز بحثية تقدم دراسات اجتماعية عن المجتمع السعودي للاستفادة منها من قبل الاستخبارات الإيرانية.
عامل مطعم .. جاسوس
المتهم 22 من كبار المحاسبين في إحدى شركات الاتصالات. ودوره التأكد من ملكية الأرقام إلى الأشخاص الذين يقيمون في الأحساء. واستفاد المتهم 28 من معرفته بموظفين يعملان بشركات الاتصالات لمعرفة أصحاب بعض الهواتف بناء على طلب من الاستخبارات الإيرانية. أما المتهم 17 عامل مطعم بالقرب من إسكان قطاع عسكري فقد تلخص دوره في جمع معلومات عن العسكريين الذين يترددون على المطعم والتكفل بمصاريف وتأجير سيارة باسمه لعنصر الاستخبارات الإيرانية ووضعها بموقف أحد الأسواق التجارية ووضع المفتاح في مكان متفق عليه حتى لا ينكشف أمرهما.
أذرع إيران ..تتلقى المعلومات
الوقائع والحقائق أيضاً تثبت تورط الاستخبارات الإيرانية باستخدام بعثاتها الدبلوماسية لتجنيد أفراد الخلية لجمع معلومات عن المجال العسكري والاقتصادي.
الخطر الحقيقي لخلية الخونة ليس تقديم معلومات في غاية الخطورة إلى إيران فقط، ولكن كيفية استخدام هذه المعلومات من قبل إيران. هل سيتم تمريرها إلى أذرعتها الإرهابية كالقاعدة وداعش وحزب الله والحوثيين لتنفيذ العمليات الإرهابية أو الجيش الإيراني؟ هل ستستخدم هذه المعلومات في الحرب الناعمة كنشر تعاميم سرية والمعلومات الخاصة في تويتر؟ جميع النتائج تؤدي إلى نهاية واحدة وهي تهديد الأمن الداخلي.
يتضح من المعطيات أن الاستخبارات الإيرانية اتبعت إستراتيجية تجنيد أفراد من القطاع العام بسبب إمكان دخولهم إلى أماكن أعمالهم بطريقة مشروعة وقدرتهم على الوصول إلى المعلومة المطلوبة بطريقة مشروعة وحصولهم على الثقة في المكان الذي يعملون فيه. ثم صعوبة كشف أمرهم وتتبعهم بحكم أن هذه الأعمال تندرج تحت غطاء أعمالهم اليومية والنظامية.
بناء على المعطيات، يتضح ان الجامعات من الأماكن المحببة للخونة .. نحن بحاجة لإعادة النظر في المسح الأمني الحالي (جمع معلومات فقط) وتطويره لتحويله إلى نظام مسح أمني متكامل وكذلك رفع مستوى الحس الأمني للمجتمع.