قضايا متفرقة تستحق التأمل

خالد عباس طاشكندي

• (ارتفاع رسوم المدارس الأهلية).. على رغم أن وزارة التعليم تقول إنها منعت زيادة رسوم المدارس الأهلية إلا بموافقتها، وإن زيادة الرسوم تخضع للقواعد المنظمة للرسوم المدرسية، إلا أن كل هذه الإجراءات التنظيمية لم تكبح الزيادة السنوية في رسوم المدارس الأهلية بحجة ارتفاع تكلفة التشغيل وتكلفة استقطاب الكفاءات السعودية للتدريس في المدارس العالمية وندرتها.
والسبب الرئيسي والأساسي في هذا الارتفاع «النظامي» والمستمر للرسوم الدراسية، هو أن أنظمة وزارة «العمل» وبرنامجها «نطاقات» الخاص بالتوطين ورفع نسب السعودة في القطاع الخاص واللوائح التنفيذية لم تُعد وتصمم بشكل مرن ومنطقي وعقلاني وذكي حتى تميز الفارق بين قطاع الأغذية والتموين، على سبيل المثال، المتخصص في «ملء البطون» وقطاع التعليم الأهلي المتخصص في «تغذية العقول»!.
• (إيقاف «بخاري» وتغريمه).. بغض النظر عن حجم العقوبة التي صدرت بحق عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور عبداللطيف بخاري، على خلفية ما غرد به في حسابه الشخصي عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأنه يشم وجود ترتيبات دنيئة لتتويج نادي الهلال بلقب دوري جميل للمحترفين، كان لا بد أن تطاله عقوبة قانونية وفقاً للأنظمة، وهذا هو المنطق وما يجب أن يتم.
وعلى رغم تعاطف بعض الجماهير الرياضية معه، ودفاعهم عنه بحجة أن ما ذكره مجرد رأي شخصي من منطلق حرية التعبير، ولكن يجب على هؤلاء إدراك أن هناك فرقا بين أن توجه انتقادات من باب «حرية التعبير» وبين «الاتهام والإساءة»، وعلى كل مغرد في موقع «تويتر» ومواقع التواصل المختلفة أن يستفيد ويستخلص العبر من «درس بخاري» ويعي قيمة الحكمة التي تقول: (لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك).
• (#بلاش_بربرة).. وهي قضية أزمة المراسلات الإلكترونية التي وقعت بين «وزير» وأحد المديرين التنفيذيين، إذ رفض الأخير تنفيذ أمر وزاري، معتبراً أنه إجراء غير نظامي، فرد عليه الوزير بـ«بلاش بربرة»، ثم أعلن المدير استقالته وقام بتعميم المراسلات على موظفي الوزارة، ولم تمض سويعات حتى وجد الغسيل منشورا على ساحات التواصل الاجتماعي، التي احتفى روادها بهذا المدير وحظي بتعاطف جماهيري كبير، ووصفوه بالبطل النزيه المخلص والمؤتمن.. إلخ.
ومن وجهة نظري، كان مقال الكاتب هاني الظاهري الأسبوع الماضي في «عكاظ» بعنوان: «شوفوني وأنا أستقيل» هو أبلغ رأي وأهم تعليق طرح حول هذه القضية، على رغم أنه كان من قلائل الكتاب الذين لم ينساقوا خلف الرأي الجماهيري السائد بأن ذلك المسؤول كان على حق، إذ يرى الظاهري أن ما فعله ذلك المدير كان محاولة ساذجة لتسجيل بطولة وهمية، وأن تسريبه المباشر أو غير المباشر للمكاتبات الرسمية كان أمراً «معيباً» وبهدف كسب تعاطف الناس وتحريض الرأي العام على مرجعه سواء كان على حق أو باطل، بل وأن ما فعله قد يعد من ضمن الجرائم الإلكترونية، وكان عليه أن يستخدم القنوات النظامية لتقديم شكوى وليس الأمر فوضى.
ولذلك أتفق مع رأي الكاتب الظاهري لأن الخطأ (إن وجد) لا يعالج بخطأ أفدح، وعلى رغم أن ما طرحه كان على النقيض من غالبية الآراء الجماهيرية في وسائل التواصل، إلا أن كاتب الرأي لا يجب أن ينساق مع أهواء الجماهير، بل يمارس مهمته الأساسية في طرح آراء مستنيرة تهدف إلى ضبط مؤشر الرأي العام نحو الاتجاه الصحيح والكفاح من أجل ذلك.
• (انفصال أنجلينا جولي وبراد بيت).. أثارت قضية طلب النجمة العالمية الفاتنة أنجلينا جولي الطلاق من زوجها النجم براد بيت صدمة كبيرة وجدلاً واسعاً على مستوى العالم، فكلاهما يملكان المال الوفير والشهرة الواسعة ورزقا بالأطفال إناثاً وذكوراً، و«جولي» سيدة حسناء فاتنة وفي غاية الجمال، وزوجها «بيت» رجل شديد الوسامة أنيق المظهر، واختارا بعضهما عن حب وتزوجا عن قناعة تامة، وعاشا بحسب الأنظار المسلطة عليهما حياة هانئة مفعمة بالرومانسية استمرت لقرابة 12 عاماً، وعلى رغم كل هذه النعم لم تنجح علاقتهما الزوجية وقررا الانفصال.
وفي رأيي الشخصي، أنه لم يعد في هذا الزمان معيار قوي وأساسي وثابت لضمان استقرار العلاقات الزوجية على مستوى العالم، الذي يشهد ارتفاعا متزايدا في معدلات الطلاق سنويا، وحتى عندما تجتمع نعم المال والجمال والبنين والحب والثقة والود والاحترام والدين وحسن الخلق تظل فرص نشوب الخلافات الزوجية والطلاق قائمة، ومعدلات الطلاق متصاعدة على مستوى غالبية دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية، وحتى هنا في المملكة نعاني من تنامي ظاهرة الطلاق، إذ كشفت إحصائيات وزارة العدل العام الماضي وقوع ثماني حالات طلاق في الساعة، أي نحو 188 حالة يومياً، وأن لدينا حالة طلاق أمام كل خمس حالات زواج.
وسبب كل هذا التأزم في العلاقات الإنسانية على الأرجح أنه نتيجة لتغيرات متسارعة طرأت على ملامح الحياة البشرية ونتيجة لتطور التقنية التي خلقت لنا مجتمعات افتراضية تزاحم علاقاتنا الإنسانية الطبيعية في التواصل مع الأهل والأصدقاء وزملاء العمل، ونتيجة لهذا العالم الموازي الذي أنتجته لنا تقنيات التواصل الافتراضي ابتعدنا عن عالمنا الواقعي شيئاً فشيئاً حتى أصبح ارتباط الأسر الممتدة يأخذ في التلاشي، والأسرة النواة بدأت في التفكك، أي أن الفطرة الإنسانية الطبيعية برمتها اختلت.