«عاصفة الحزم» عرقلت مخططاً عدوانياً..؟!

صدقة يحي فاضل

تتعرض الأمة العربية والإسلامية، بصفة عامة، والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة (وباعتبارها الآن كبرى الدول العربية) لمؤامرة إقليمية وعالمية نشطة، تهدف إلى: إضعافها وإذلالها وإنزال ضرر فادح بها... عبر ضرب أجزائها ببعض، واستغلال ما في مجتمعاتها من تناقضات، وما بها من عيوب ذاتيه قاتلة، لتقسيمها وشرذمتها، ومن ثم إحكام القبضة أكثر على مكوناتها، بما يفاقم من ضعف العرب والمسلمين وتخلفهم، ويخدم مصالح أعدائها.
ذلك هو «الهدف»، وتلكم هي «الوسائل» التي تستخدم لتحقيق هذا الهدف الشرير والقاتل. أما الأطراف المعادية في هذه «المؤامرة» فهي: إسرائيل إقليمياً، والقوى الغربية المتنفذة عالمياً، وكل من يدور في أفلاك هؤلاء، ويقدم خدماته لهم. ولا بد هنا من إضافة إيران، جنبا الى جنب مع إسرائيل، كطرف إقليمي معاد، طالما استمرت القيادة الإيرانية الحالية (حكومة الملالي) في سياسات التوسع الإيراني العدواني التي بدأتها تلك القيادة منذ أكثر من ثلاثة عقود. وتظل إسرائيل – في رأيي – هي العدو الإقليمي الأخطر، وهي الحليف الأول، والأخطر، لأعداء الأمة العربية والإسلامية.
***
وقبل أن يقفز البعض لرفض فكرة «المؤامرة»، أكرر ما أؤكد عليه دائما، وهو: إن ضعف الأمة العربية ومهانتها ناجم من مسببين متداخلين: أسباب ذاتية (الاستبداد، الطائفية، المذهبية، سوء تفسير الدين الإسلامي، العنصرية، الجهل... إلخ). وأسباب خارجية تتمثل في «سياسة» (خطط) دول الغرب المتنفذ، المتعاونة مع القوى الإقليمية الكارهة لهذه الأمة. وإن كانت كلمة «مؤامرة» تثير حساسية مرضية عند البعض، فلنغيرها إلى كلمة «سياسة» (أو خطة). ولا أظن أن هناك عاقلاً يمكن أن يدعي بعدم وجود سياسة سلبية (مدمرة) لبعض القوى المتنفذة، تجاه العرب والمسلمين.
الأحداث المأساوية في المنطقة تتفاقم من وقت لآخر، وأحياناً بتسارع عجيب. ولكن «جوهر» كل من الأهداف والوسائل، التي أشرنا إليها آنفاً، يظل واحداً. وأحداث المنطقة الدامية الحالية استغل الخلاف السني ــ الشيعي، وغيره، لإشعالها... حربا ضروسا بين هذين الطرفين المسلمين... حربا شبه باردة حتى الآن، وربما ساخنة قريبا... وذلك يؤدي غالبا إلى تدمير وإضعاف الدول العربية بالمنطقة، وتقسيمها إلى دويلات مستضعفة ومتهالكة.
***
لإيران سياسات توسعية (قومية ــ مذهبية) واضحة، تهدف لمد النفوذ الإيراني على أكبر قدر ممكن من بلاد الجوار (العربية). فإيران تسعى لإقامة «الهلال الشيعي» وقيادته. هذا التكتل الذى يمتد جغرافيا من أفغانستان شرقا، إلى مشارف البحر الأبيض المتوسط غربا، لن يتم إلا على حساب الدول العربية المجاورة، وعلى حساب حقوقها وكرامتها. وأهم وسائل إيران لتحقيق هذا الهدف المرعب هي: التدخل السافر والظاهر في الشؤون الداخلية للبلاد المستهدفة، وتمكين الأقليات الشيعية المتعاطفة معها للهيمنة على الأغلبية السنية في بلادها، وتسيير الأمور بما يخدم المصالح الإيرانية. وقد أخذت إيران تحقق بعض النجاحات في هذه السياسة البشعة، إذ تكاد تهيمن الآن على أربع عواصم عربية.
وآخر وأخطر تحركات إيران في هذا الاتجاه، هي محاولتها السيطرة على اليمن (خاصرة السعودية، وبقية شبه الجزيرة العربية) عبر تمكين الحوثيين ومليشيات الرئيس المخلوع صالح (وهم يمثلون – مجتمعين – قلة قليلة من أبناء الشعب اليمني) من السيطرة على السلطة باليمن، ومن ثم الانطلاق من اليمن تجاه المملكة... لبث الاضطراب والقلاقل في أكبر الدول العربية، وأكثرها أهمية. ولتنفيذ هذه «المؤامرة»، زودت إيران الحوثيين وصالح بأسلحة هائلة... تكفي لمقارعة دول كبيرة كالمملكة. وبدأ هؤلاء العملاء يتحركون وفق توجيهات إيران، فاستولوا على السلطة باليمن، وشرعوا في احتلال معظم أجزاء اليمن، في انقلاب إجرامي، على حكومة الرئيس هادى الشرعية.
وعند هذه النقطة، انطلقت «عاصفة الحزم» العربية السعودية يوم 1436/6/6هـ، لتوقف هذا التحرك الإجرامي، وتجهض المخطط الإيراني المتمركز في اليمن. وكان هدف هذه الحملة التاريخية الرئيس هو: وقف النفوذ الإيراني في اليمن، عبر: إجهاض ذلك الانقلاب، وإعادة الحكومة الشرعية إلى مكانها، ومن ثم بدء العملية السياسية التي تتضمن: صياغة دستور يمني جديد تتفق عليه كافة الأطراف السياسية اليمنية، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يتمخض عنها حكومة يمنية تمثل غالبية الشعب اليمني، وتحظى بتأييد هذه الغالبية، مع مراعاة الحقوق المشروعة للأقليات المختلفة.
فوجئ الأعداء بهذا الرد الحاسم والحازم، والذي عطل زحفهم، وأوقف تقدمهم نحو مكة المكرمة، كما سبق أن أعلنوا. حيث قال أحد زعماء الحوثيين، إنهم سيحجون إلى مكة العام القادم (يقصد سنة 1437هـ) داخلين إليها بأسلحتهم...؟!. ومما قوى هذا الرد الحازم هو التأييد الذى حظي به من قبل غالبية العرب والمسلمين، وبقية دول العالم، وصدور القرار الأممي رقم 2216 الداعم لهذه الحملة. ولهذا الحديث صلة.