الحدث السعيد

جعفر عباس

جاءتني رسالة الكترونية غاضبة ألخص فحواها في ما يلي: أنت وغيرك تنقدون القنوات الفضائية التجارية بقسوة مبررة، وتنبهون إلى السقطات الأخلاقية لبعض العاملين والعاملات في مجال الغناء والتمثيل والبث التلفزيوني، ولكن نفس الصحيفة التي تنشر مقالاتكم تفرد عدة صفحات لأحوال وأخبار وصور فتيات الفياغرا الفضائيات اللواتي تسبونهن وتتهمونهن بممارسة العهر الالكتروني.. صاحب الرسالة معه الحق، ولكن المشكلة ليست في الصحف، بل في القراء، فالجريدة أو المجلة ليست مشروعا خيريا، فغايتها زيادة التوزيع وكلما ارتفع التوزيع كلما ازدادت مساحة الإعلانات وازداد دخلها تبعا لذلك.. وباستقراء تجربتي الطويلة مع الصحافة المكتوبة والمرئية استطيع ان أقول بقلب جامد إن أي مطبوعة تجارية لا تنشر ما يسمى بأخبار الفن وأهل الفن مصيرها الإفلاس! لماذا؟ لأن شريحة ضخمة من القراء يهمها أن تعرف أن روبي أو شيرين اشترت فستانا بنصف مليون دولار لإحياء حفل في الفلوجة ببغداد، أكثر من اهتمامهم بمقتل نصف مليون من سكان الفلوجة.. ولكن ما أحتج عليه ولا أقره هو الإسفاف في تناول أمور تتعلق بـ«أهل الفن»: أوساط فنية عليمة تؤكد ان نانسي عجرم تزوجت عرفيا بجعفر عباس! هب أنني – لا قدر الله – معجب بأغنيات نانسي،.. فيم يهمني او يعنيني أن تتزوج بجعفر أو شعبان عبد الرحيم؟ هيفاء وهبي أصيبت بالتواء في القدم بعد سقوطها من سلم كهربائي! ما علاقة هذا بكونها مغنية؟ (دعك مما يقال إنها تغني بأعضاء من جسمها غير الفم والحنجرة والحبال الصوتية).. فيفي عبده تقيم موائد رمضانية للفقراء! مجرد حرصها على تسريب تلك المعلومة للصحف دليل على أن نيتها ليست خالصة لوجه الله وأنها أقامت تلك الموائد للترويج لنفسها كراقصة.. عبد الله بلخير يسافر الى المغرب للاستجمام! يسافر للاستجمام او الاستحمام، هذه مشكلته هو ولا يعنيني ماذا يفعل بعيدا عن المايكروفون (في حقيقة الأمر لا يعنيني ما يقوله عبر المايكروفون). ولكن لو كنت الصحفي المناوب او المسؤول، وجاءني خبر يقول ان هيفاء أصيبت بإسهال سبب لها تلفا في الحنجرة، أو أن العجرمية سقطت تحت عجلات عربة كارو وأصيبت بتشوهات تجعلها غير قابلة للوقوف أمام الجماهير .. أو ان روبي تعاني من بواسير في الحلق وأن الأطباء منعوها من الغناء والكلام والتنفس مدى الحياة، فإنني وبكل سرور وبلا أدنى تردد سأضع مثل ذلك الخبر على صدر الصفحة الأولى في الجريدة.. بل وأكتب «افتتاحية» مع الخبر، مهنئا القراء بـ«الحدث السعيد».