أين تذهب هذا الصيف

عبدالله بن فخري الأنصاري

يزداد الصيف سخونة في كل عام، وترتفع درجة حرارة الأرض مع كل صيف، وتصبح الحياة في المناطق الاستوائية مستحيلة إلا داخل الأماكن المغلقة والمكيفة. فالأرض كما يبدو أصيبت بداء السخونة وتلبك الأمعاء بسبب تلك الغازات اللعينة التي ينتج عنها ما يسمى بالاحتباس الحراري.
وحسبما شاهدنا في الفلم الوثائقي الذي أنتجه «آل جور» نائب رئيس أمريكا السابق، فإن هذا المرض الذي أصاب كوكب الأرض، وهذا الإحتباس الحراري الذي أخذ يتسبب في ذوبان المناطق الجليدية وانهيارها في المحيطات، وفي جفاف الأرض والفيضانات والكوارث من فصيلة «تسونامي» قد يكون هو السبب النهائي في القضاء على الحياة البشرية على هذا الكوكب.
وللعلم فإن رئيس أمريكا الحالي لايزال يرفض التوقيع على «بروتوكول كيوتو» الذي يضع الأسس الهامة والشروط الرئيسية لمقاومة الاحتباس الحراري وإنقاذ الأرض. وقد اعتمدت الأمم المتحدة هذا البروتوكول ووقعت عليه جميع دول العالم (بما في ذلك المملكة العربية السعودية) ماعدا إدارة الرئيس بوش والحكومة الأسترالية. على أي حال، مع دخول الصيف في المملكة بهذه القسوة (الحرارية) وارتفاع الرطوبة في الكثير من المناطق الساحلية، يتوجب على الواحد منا أن ينتبه إلى حالته الصحية والذهنية والنفسية لمواجهة هذا المناخ.
في جدة مثلاً، من الأفضل تجنب قيادة السيارة في الطرقات الرئيسية. فهناك يتربص لك أشكال مختلفة من سائقي السيارات، منهم الأرعن والمتهور، ومنهم الجاهل المتعافي، ومنهم من يظن نفسه يقود طائرة لا سيارة، ومنهم من يظن نفسه طرزاناً أو سوبرمان، وآخر يعتقد أن الشارع قد أنشئ له هو فقط وأما الباقون فلا وجود لهم أساساً، وأخيراً ستجد القليل القليل من السائقين الذين يقود بحذر وبطء شديد وخوف أشد فيعرض نفسه أيضاً والآخرين للخطر. أما السائق المعتدل (مثلي ومثلك يا عزيزي القارئ) فقد أصبح في شوارعنا من الصنف المعرض للانقراض.
أما إذا حاولت تجنب الشوارع الرئيسية للأسباب التي سبق ذكرها، وعرجت على الشوارع الجانبية، فقل على سيارتك السلام. هناك تنتظرك مفاجآت عجيبة (تدلعك آخر دلع). فإذا حاولت تجنب مطب فستقع في حفرة، وإذا نجوت من ذاك وتلك فسوف «يهبدك» مطب اصطناعي من صناعة محلية، أي من صنع أحد ملاك البيوت المطلة على ذلك الشارع. أما إذا حاولت تجنب كل ذلك فسوف يُخيّل لمن يشاهدك وأنت تقود سيارتك هكذا أنك نائم أو تناولت بعض الحبوب التي تبيعها فئة معروفة من الوافدين، أو أنك تحاول أن ترقص عشرة بلدي بالسيارة.
لذلك ربما من الأفضل أن تبقى في منزلك. ولكن ربما وأنت قابع في مكتبك الصغير تقرأ في كتاب جيد، ينقطع عليك فجأة التيار الكهربائي. طبعاً ستتحسر على أيام «الفانوس». ولكن ماذا تفعل في المكيف الذي توقف مع انقطاع التيار، فلا تستطيع أن تقرأ أو تنام أو حتى تجلس وحيداً تتأمل في الظلام من شدة الحر. ولكن يا بختك لو كنت لاتزال تحتفظ بالمروحة اليدوية الخسف (هل تذكرها) التي يمكن الإعتماد عليها في كل الأوقات.. لاعليك، أخرج على رجليك واذهب إلى أقرب محل مكيف لتناول شيء من «الكابوتشينو» أو العصير المثلج. سوف تشعر بقيمة المكيف عندما تدخل المحل، خاصة وأنت تسبح في عرقك. ولكن يجب ألا تهتم بإزعاج من يدّخن حولك بكل استهتار، ولا تطلب منه أن يتوقف عن التدخين وإلاّ يا ويلك. ولاتهتم بالأصوات العالية المثيرة لأعصابك، زعّق مثلهم. ثم لاتهتم عندما يأتيك الحساب بمبلغ يرفع الضغط، لاتنسى أنك تدفع قيمة الهواء المكيف أيضاً.
ماذا بقي لك بعد هذا غير أن تذهب إلى شاطئ البحر وتستمتع بنسماته الباردة الجميلة. عليك بالطبع أن تجد مكاناً لا تزعجك فيه رائحة التلوث أو القطط السائبة أو الفئران السمينة.
ابحث يا عزيزي، ولا تسأل أبداً «هو فين البحر»؟
وكل صيف وأنت في «عرق العافية».