العراق: رؤية وحل

عبدالله بن فخري الأنصاري

لا يزال الوضع الأمني في العراق صعبا رغم دعوى التحسن النسبي. إذ لم تستطع الحكومة العراقية الحالية تحقيق الأمن والاستقرار، وإنقاذ الشعب العراقي من مسلسل العنف اليومي. وأصبح العراق المصدرالأول للإرهابيين إلى الدول الأخرى، وغدت ساحاته ميدانا للتدريب على تنفيذ عمليات إرهابية الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار والتي بات همها الأكبر هو وقف تدفق العناصر الإرهابية والأسلحة إلى أراضيها وحماية أمنها من هجمات تلك العناصر. كما فشلت الحكومة العراقية الحالية في إحراز أي تقدم ملموس في شأن المصالحة الوطنية وإحقاق العدالة التي ينادي بهما الشارع العراقي. بل إنها على العكس انتهجت سياسات الكيل بمكيالين والإنحياز لطرف دون آخر واتباع سياسة الأمر الواقع المفروضة بالقوة مما أجج الفوضى والصراع الطائفي في العراق وساعد على تنامي النفوذ الخارجي في البلاد، الأمر الذي ساهم في تعميق الفجوة بين العراق والدول المجاورة ووضع البلاد على حافة الحرب الأهلية الشاملة. ناهيك عن إخفاق الحكومة الحالية في تفعيل العملية السياسية، وإنشاء المنظمات الديمقراطية بالعراق، وتحقيق تقدم ملموس في عمليات إعادة بناء العراق، ورفع مستوى الخدمات الاساسية المقدمة لأبناء الشعب العراقي. وبدلا من معالجة هذه القضايا دأبت الحكومة العراقية على التخبط في تصرفاتها وتصريحاتها محملة دولا أخرى المسؤولية عن الفوضى والصراع الطائفي في العراق.
ورغم إخفاقات الحكومة العراقية حرصت المملكة على مساعدة العراق في تجاوز المشكلات الأمنية التي تعصف به. ودعمت الجهود الاقليمية والدولية لتحقيق الأمن والاستقرار فى العراق مع الحرص على البقاء على مسافة واحدة متساوية من جميع فرقاء وقادة واتجاهات الساحة العراقية. إلا أن نجاح هذه الجهود التي تبذلها المملكة -وكما صورها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل- يتوقف على مدى رغبة الحكومة العراقية في تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات المصيرية التي من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية بين كل الجماعات العرقيه والدينية، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع والتعامل معهم دون تمييز طائفي أو حزبي أو سياسي وبعيدا عن أي تدخلات خارجية. لذا فإنه من غير المنطقي الضغط باتجاه تبني سياسات اندفاعية تؤدي إلى تطبيع الوضع الصعب الحالي في العراق أو مباركة قرارات سياسية واقتصادية وأمنية فاشلة تعصف بأمن العراق واستقراره.
وليس الضغط لمجرد توجيه رسالة تأييد إيجابية لحكومة العراق الحالية ورسم صورة وردية للوضع القاتم في العراق هو الحل. فهذا قد يبعث برسالة مفادها رضاء دول الجوار عن الأداء الباهت للحكومة العراقية الحالية مما قد يسهم في تكريس السياسات الخاطئة ويزيد الأمور تعقيدا في البلاد. فالحل هو دعم دول الجوار وعلى رأسها المملكة في جهودها لتحقيق الأمن والاستقرار واستعادة وحدة العراق، وممارسة أقصى حد ممكن من الضغط على الحكومة العراقية لتحقيق الأمن والمصالحة الوطنية بين أبناء العراق الواحد والذي يبقى مرهونا بقدرة الحكومة الحالية على اتخاذ القرارات الصعبة التي من شأنها تحقيق الأمن والمحافظة على الوحدة الوطنية.
afansary@yahoo.com