ماذا تقول قنصليتنا في القاهرة ؟!

تركي العسيري

قضيت في القاهرة أسبوعاً كاملاً بـ(دعوة) من اللجنة التي شُكلت من قبل قنصليتنا السعودية في القاهرة، والتي أعلنت عن وضعها حلولاً لحالة الابتزاز الذي يتعرض له السائح السعودي في الفنادق والأماكن السياحية الأخرى، والتي على إثرها أوصت بمعاملة السائح السعودي كغيره من السياح العرب والأجانب.. فنحن إخوة وأشقاء، ونشكل نسبة عالية من السياح إذ وصل عددنا إلى أكثر من مليون سائح، نضخ في شرايين الاقتصاد المصري مليارات الجنيهات.. باعتبار أن السائح السعودي يصرف من العملات الأجنبية عشرات الأضعاف مما يصرفه السائح الأجنبي. وعلى إثر تصديقي للتطمينات التي أبداها المسؤولون المصريون لنظرائهم السعوديين.. حملت حقيبتي، وقدمت إلى قاهرة المعز مطمئناً إلى ما سوف ألقاه من تعامل عادل لا يفرق بيني وبين السائح الأجنبي، وسارعت إلى الفندق الذي اعتدت الإقامة فيه، وأصبحت وجهاً مألوفاً لدى موظفي استقباله.. وكانت المفاجأة فسعر الغرفة التي كنت أسكنها (120) دولاراً لليلة الواحدة، قد ارتفعت إلى (300) دولار، وبعد أخذ ورد و«دهن سير» خُفضت إلى (225) دولاراً.. «وعلشان خاطرك.. ما أنت عارف الموسم.. وكل سنة وأنت طيب!».
ولأنني بمفردي، ولم يكن معي إلا حقيبتي و«ذنوبي»، وكان الوقت متأخراً.. فقد وافقت غير أن نفسي الأمارة بالسوء «نازعتني»، وأنا استلقي على فراش النوم.. وأعدُّ المبلغ الذي سأدفعه في الأيام السبعة القادمة.. الى الاتصال بقنصليتنا المحترمة التي صدقتُ تطميناتها لأطالبها بتحمل فارق السعر الذي دفعته مقدماً ورهنوا من أجله «جواز سفري»، لكنني عدلت.. فالشغلة طويلة!
السؤال: أين ذهبت تطمينات اللجنة المشكلة، التي صدقناها وفرحنا بها.. بعد أن أوصت بمعاملتنا كغيرنا من السياح الأجانب؟ ولماذا هذا الارتفاع المجحف الذي وصل إلى 100% عن أسعار العام الماضي؟ ولماذا يظل السائح السعودي مطمعاً لكل الدول التي يزورها.. وأغلبها للأسف عربية شقيقة. ثم أين التوصيات المبرمة بين المسؤولين المصريين والسفارة السعودية؟
أنا محب لمصر ولأهلها، ودائم الزيارة لها منذ مطلع شبابي، وحين كان إيجار الشقة في «حي الزمالك» الراقي (20) جنيهاً في اليوم!
أعرف الضائقة الاقتصادية التي تمر بها هذه الشقيقة العربية.. إلا أن ذلك لا يسوغ لتلك الفنادق والمطاعم والكازينوهات ابتزازنا، خاصة أن السياح السعوديين يتدفقون على مصر بمئات الألوف بعد الوضع السيئ في لبنان وغيرها من البلدان.. ويشعرون أن مصر بلدهم، وأن أهلها أشقاؤهم وأحبابهم. السائح السعودي العادي، الذي يتدبر مصاريف الرحلة من البنوك والأصدقاء وبيع السيارات.. هو ضحية «هوامير» تجار المخططات، والأسهم، ولاهفي أموال الغلابا بدعوى توظيفها، وتشغيلها وتوزيع أرباحها.. ثم ذابوا كما يذوب فص الملح في الماء.. ولولا معرفتي بأن من «سرق دراهمي» يقبع في أتون السجن.. لبحثت عنه في كل الملاهي والكازينوهات!
هؤلاء «الهوامير» الذين يدفعون بلا حساب أو تدقيق عشرات الألوف من الجنيهات كل ليلة، ويعيشون حالة الترف هم من تسبب في شقاء السائح العادي، ومن أساء إلى سمعته، وقدم معلومات مغلوطة للاخرين، مما جعلهم ينظرون إلينا على أننا «آبار بترول متحركة».. هؤلاء يجب أن يحاسبوا، ويحجر عليهم، ويمنعوا من السفر.. صحيح أن المرء حر في ماله، ولكنهم بالتأكيد ليسوا أحراراً في إظهارنا بمظهر العابثين، والمبذرين له، وغير الأمناء على الأموال التي وصلت إليهم.. «والله وحده يعلم كيف وصلت!».
أعود إلى النقطة التي بدأت منها.. فأقول:
إن في «بلعومي» غصة من (225) دولاراً التي دفعتها عن كل ليلة «عدا لوازم الشغل والخدمة» ولن يطفئ حرقتها إلا دعوة كريمة من قنصليتنا المحترمة التي «ورطتنا» بقضاء أيام معدودة في قاهرة المعز على حسابها الخاص؛ وحينها سأدعو لها، ولكل اللجان «المشكّلة» بالتوفيق والسداد، والمزيد من النجاح في سبيل رفاهية المواطن والسائح.. وأني لمنتظر!؟!
تلفاكس 076221413