المعتقدات الشعبية تؤثر على فكر العامة في اليابان

دراسة تكشف التناقضات الثقافية في البلاد/ المعجزة

جمال المجايدة (ابو ظبي)

اصدر مكتب شؤون الاعلام للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء بدولة الامارات دراسة حول ثنائية الثقافة والحضارة في اليابان، تناولت جذور الثقافة اليابانية من حيث علاقة الفكر الروحي الياباني بالدولة وأثر ذلك في بزوغ الحضارة اليابانية، موضحة العلاقة بين الماضي الروحي والحاضر المعاصر في قضايا الفكر والاخلاق والعلوم الانسانية.
اشارت الدراسة الى ان العصر الحديث شهد انطلاقة يابانية قوية في جميع المجالات الثقافية والصناعية، وتطورا سريعا في اساليب الحياة العصرية كما أكدت انه كان لزاما ان يُصاحب ذلك محاولات جادة لكشف أسباب هذه النهضة، ومعرفة أسرار الروح اليابانية التي وقفت وراء هذه المعجزة الانسانية.
وقدمت الدراسة قراءة تحليلية في تاريخ الفكر الياباني لافتة الى ان مصادره الأساسية التي استمد منها وجوده على مر العصور بشكل متكامل بحيث تواءم مع حقائق التاريخ ليخدم قضايا اليابان، ويمهد الطريق امام مسيرتها تتمثل في فكر الشنتو والمدرسة الكنفوشية، والفكر البوذي الذي توارى خلف جدران المعابد.
وقد عرفت فكرة الشنتو بانه مجموعة المعتقدات والأفكار البدائية لليابان القديمة والتي تطورت وأصبحت في العصر الحديث هي المتحكمة في مسيرة الأمة اليابانية، مكونة الأسس الروحية للفكر السياسي والاجتماعي، منوهة الى ان الانتاج الفكري للمدرسة الكنفوشية ساهم بتشكيل الجانب الأكبر لأصول وقواعد الادارة اليابانية وكذلك لنظم الحكم والقوانين لفترات طويلة والتي ما زالت مؤثرة فيها.
وعرضت لتاريخ المجتمع البدائي في اليابان من حيث اطاره الزمني وشواهده المادية المتمثلة في فخار «جومون» وثبات الطاقة الانتاجية للمجتمع الذي أبقى المضمون الفكري لدى الناس في تلك العصور في مرحلة متأخرة، كما تطرقت الى طبيعة ذلك المجتمع في مراحله الأولى التي تميزت بانتقال حضارة المعادن لليابان بفضل تأثيرات الحضارة الصينية، ونشأة الطبقات والدولة الامبراطورية مع نمو الامكانيات السياسية والاقتصادية وقد تكون النظام الطبقي للمجتمع آنذاك من طبقة الأسر الكبيرة تليها طبقة الفلاحين فطبقة العبيد في أسفل الهرم الاجتماعي، وظهرت الاعياد الدينية الشعبية حيث نجح علم الفلكلور الياباني في احياء وبعث المضمون المحدد للاديان الشعبية اليابانية متخذا مادته التاريخية من التراث الشعبي.
وتحدث عن مدى تأثير المعتقدات الشعبية على فكر العامة ودور كتاب «كوجيكي» و«نيهونشوكي» مشيرة الى ان مادة الكتابين تعبر عن تراث حضاري هام وتمثل أقدم مادة تتناول المجتمع والتاريخ والفكر الياباني كتبها اليابانيون أنفسهم، منبهة الى انه نظرا لعدم وجود اتجاه معارض لهذه المعتقدات فقد ظلت مستمرة حتى نهاية العصر الحديث ولم تنفك عن فكر العامة حتى يومنا هذا.
وتناولت باسهاب شكل المجتمع البيروقراطي التاريخي في اليابان، ونشأة النظام القانوني الذي سعى الى حكم الشعب حكما موحدا بواسطة سلطة الحكومة المركزية، لافتة الى خصائص الحضارة الروحية الآسيوية ومكانة الشنتوية فيها وهي عقيدة ذات صبغة سياسية اقتصادية أكثر منها دينية روحية، ومنزلة الامبراطور في الاسطورة القديمة، كما ابانت اثر عصر عزلة اليابان على تطور المجتمع وصقل ثقافته وتأصيل أفكاره، ومدى انتشار البوذية التي كانت الناقل للثقافات والفنون عن طريق رهبانها من القارة وايضا الكونفوشية التي وضعت الأسس الفكرية والمبادئ الاخلاقية للنظام السياسي، والأساس الدستوري للقوانين المدنية والادارية.
كما فصلت الدراسة مصادر الحضارة اليابانية التي نجحت في اختيار ما يناسبها من الثقافات الأخرى دون أن تتخلى عن ماضيها لأجل حاضرها، مبرزة نشأة الحضارات وخصائصها المعروفة في اليابان، ومتتبعة مظاهر ذلك الحضور في العصر الحجري القديم، وثقافة العصر الحجري الحديث، وما يعرف بعصر «جومون» وظهور الأواني الفخارية.
وفي سياق وقوف الدراسة على المعتقدات الشعبية في اليابان عددت تجلياتها المختلفة من دم فخارية ثنائية الركبتين ، الى عقيدة تقديس الثعبان مبينة تطور تلك العقيدة في اليابان، الى جانب توضيحها لرموز قدم الانجاب عند المرأة، ورموز ودلالات قتل الاله، واسطورة أصل المحاصيل الخمسة وطقوس الحصول على الحصاد الوفير، ووظيفة الطبول النحاسية.