طرق سريعة وخدمات بطيئة

جبير بن محمد بن جبير

أثار انتباهي لطرقنا البرية السريعة رد طالب جامعي يحضر إلى مدينة الرياض كل يوم ويعود في اليوم نفسه إلى مدينة المجمعة، قاطعا 180كم للذهاب ومثلها للعودة، عند سؤالي له عن مدى معاناته من السفر كل يوم بهذه الطريقة، حيث أجابني قائلا: مادمت أني لا احتاج إلى الخدمات التي تقدمها المحطات على الطريق السريع فلا توجد معاناة أو خلافه!.
نجد في الواقع أن ما يقوم به ذلك الطالب هو الصحيح.. فأي مسافر لمثل هذه المسافة المعقولة يمكنه أن يستغني عن الخدمات الضعيفة المقدمة على تلك الطرق، مستفيداً من باقي الإمكانات المتمثلة في المواصفات الفنية العالية لطريق الرياض - المجمعة، والمستوى الأمني والاسعافي الجيد المتواجد على مدار الساعة، ورخص سعر الوقود، ونوعية السيارة الممتازة التي يتنقل بها، وأخيرا مجانية استخدام الطرق السريعة.
كل واحد منا يمكنه الاستفادة من إمكانات الطرق السريعة، والتنقل بين المدن السعودية بالطول والعرض كـ«أخونا الطالب»، فنحن نمتلك سيارات ذات تجهيزات مريحة آخر موديل.. لكننا لا نستخدمها لهذا الغرض، بل إننا “نتمرمط” حين نستأجر عوضا عن سياراتنا الفارهة بسيارات “قرنبع” عند السفر قسرا عن طريق البر، ولا يجعلنا نضحي بذلك إلا رداءة الخدمة التي تقدمها محطات الوقود والاستراحات التي لا غنى لمسافر عنها.
الكثير منا ينحي باللائمة على الأجهزة الحكومية من ضعف الخدمات على الطرق السريعة، لكن إذا استثنينا الرقابة الصارمة فلا يوجد مبرر للومها. فمن المستحيل أن نطلب من الدولة افتتاح محطات بنزين بمواصفات موجودة في امريكا أو ماليزيا أو فندق خمسة نجوم أو مطعم عالمي للوجبات السريعة، لأن هذا كله هو دور المستثمرين (بالداخل والخارج) ورجال الأعمال من أهل المدن والقرى التي تمر بها الطرق السريعة على وجه التحديد. وهؤلاء أفرادا أو جمعيات تقع عليهم مسؤولية الاستثمار في مثل هذه الأنشطة، فجل النفع يعود عليهم كخدمات أو كفرصة وظيفية لأبنائهم.
الكثير من المسافرين عبر الطرق البرية لا يأمنون ولا يرتاحون بل يتقززون من الوضع المتدني لمئات الاستراحات والمرافق المتشابهة من حيث نوعية الخدمات ومستواها وأسلوب وجنسية إدارتها.. وكم من مسافر دفعه القرف منها إلى مواصلة القيادة مجهدا أو زاد من السرعة وتسبب في وقوع الحوادث.