ناصر العساف .. مواطن برتبة ثلاثة سفراء
رئيس الطيران المدني الذي اصبح دبلوماسياً فوق العادة
الأحد / 25 / رمضان / 1428 هـ الاحد 07 أكتوبر 2007 20:23
احمد السلمي (جدة)
ناصر بن عساف بن حسين بن منصور بن سيف بن منصور بن سيف العساف من ابرز اسرة العساف الذين تدرجوا في المناصب الحكومية حتى وصل الى المرتبة الممتازة.من مواليد الرس سنة 1354هـ وحاصل على دبلوم معهد التدريب الفني ودبلوم التنبؤات الجوية ودبلوم في هندسة الاجهزة الملاحية من الولايات المتحدة الامريكية. بدأ حياته العملية في مصلحة الطيران المدني عام 1375هـ وتدرج في الطائف حتى عام 1400هـ حتى صدر الامر الملكي بتعيينه رئيساً للطيران المدني بالمرتبة الممتازة وفي عام 1414هـ نال الثقة الملكية بتعيينه سفيراً في بلجيكا ولكسمبورج والاتحاد الاوروبي. ويصف الكاتب منصور الحمود ناصر العساف بانه احد ابناء الشيخ عساف بن حسين العساف رحمه الله امير الرس ونجران والجوف سابقاً واحد رجالات الملك عبدالعزيز. تلقى بداية تعليمه في مسقط رأسه الرس للمرحلة الابتدائية والمتوسطة. ثم اكمل تعليمه في مكة المكرمة، بعد ذلك واصل دراسته في مدرسة تحضير البعثات، وحصل على دبلوم معهد التدريب الفني ثم دبلوم التنبؤات الجوية من الولايات المتحدة الامريكية عام 1374هـ ودبلوم هندسة اجهزة الملاحة.. بعد ذلك تولى العديد من المناصب في الدولة حيث عمل مديراً لمعهد التدريب التابع للارصاد الجوية وهو صاحب فكرة تأسيسه، ثم انتقل للعمل في مصلحة الطيران المدني في جدة عام 1385هجرية، وعمل مساعداً لرئيس مصلحة الطيران المدني عام 1388هـ على المرتبة الخامسة عشرة، ثم عمل رئيساً للطيران المدني عام 1400هـ واحيل للتقاعد عام 1412 بناء على طلبه.. في عام 1414 هجرية عين سفيراً لخادم الحرمين الشريفين لدى مملكة بلجيكا ولكسمبورج والاتحاد الاوروبي, ثم احيل للتقاعد في عام 1427هـ بناء على طلبه، واستقر في مدينة جدة، وقد حصل اثناء عمله على عدة اوسمة وجوائز دولية وشهادات تقديرية منها مفتاح مدينة تايبيه، كما نقل عن الفقيد، ومن واقع ما نشر عنه في وسائل الاعلام انه واثناء تدرجه في الطيران المدني له مشاركات في المحافل والمؤتمرات الدولية ذات العلاقة بالطيران المدني والمحلي والعالمي، وفي علم الارصاد الجوي وله عضويات في جميع منظمات الطيران المدني والعالمي، ويعتبر من مؤسسي الطيران المدني الحديث في المملكة حيث استطاع عند تسلمه رئاسة الطيران المدني انجاز وتدشين معظم المطارات الحديثة الموجودة الى اليوم، وحين تم نقل خدماته الى وزارة الخارجية سفيراً فوق العادة لدى بلجيكا ولكسمبورج والاتحاد الاوروبي التي تحمل مسمى “ثلاثة سفراء” ومن خلال هذا المنصب الثلاثي استطاع عمل روابط قوية في تنمية العلاقات السعودية البلجيكية والسعودية الاوروبية عن طريق الاتحاد الاوروبي حيث ان مملكة بلجيكا لها ثقل اوروبي، وتحتضن مقر الاتحاد الاوروبي، كذلك استطاع- رحمه الله- تأسيس علاقات اقتصادية صلبة بين المملكة من جهة والسوق الاوروبية المشتركة من جهة اخرى، وكان له دور في عمل رؤية قيادية نحو الكثير من وجهات النظر الاقليمية، وعلى رأسها قضية فلسطين وعدد من القضايا العربية الاخرى، وكان- رحمه الله- قد تقلد عميد السلك الدبلوماسي العربي والاسلامي في مملكة بلجيكا ورئيساً لمجلس ادارة المركز الاسلامي الرئيسي في “بروكسل” كذلك الدور الذي قام به في عمل علاقات مع مختلف الطبقات والفئات مع البرلمان البلجيكي والاوروبي اضافة الى عمل علاقات مع الدبلوماسيين العرب والاجانب للبعثات العاملة في “بلجيكا”.
دبلوماسي من الطراز الأول
وقد افتقده الوسط الدبلوماسي في بلجيكا بعد تركه لسفارة خادم الحرمين الشريفين في بروكسل بعد 14 سنة قضاها هناك وساهم خلالها في توضيح الجانب المشرق للحضارة الاسلامية والعربية.ومن القصص المناسب ذكرها هو ان الاتحاد الاوروبي قد اجتمع في احدى الجلسات لاصدار قرار ادانة للهجمات الفدائية في فلسطين وذلك لانهم يعتبرونها هجمات ارهابية وانتحارية وكانوا على وشك التصويت على الادانة فطلب رحمه الله الكلمة بحكم انه عميد السفراء العرب. وسألهم عن رأيهم في شخصية مشهورة في بلجيكا وضعوا له تمثال رأسه من ذهب، وذلك بسبب انه كان طيارا حربياً وعندما انتهى وقود طائرته اصطدم بها في احدى السفن الالمانية النازية واغرقها فأجاب رئيس الاجتماع هذا بطل قومي ورمز من رموز بلجيكا لانه ضحى بنفسه من اجل مقاومة الاحتلال النازي.
فقال: اما ان تعتبروا الفلسطينيين مثلي واما ان تعتبروه ارهابياً وتزيلوا تمثاله لو اصدرتم ادانة الفلسطينيين فكانت النتيجة الغاء القرار.
ومن المواقف الاخرى المميزة وهي كثيرة: ان الاتحاد الاوروبي كان ينوي اصدار قانون يحمي اليهود في جميع المجالات وكان القانون تحت مسمى “حماية السامية” فاخذ الكلمة وقال: انا اؤيد القرار بشرط ان تضيفوا كلمة “العرب واليهود” لان العرب هم ساميون ايضاً فاختلف المجتمعون على التصويت لان الكثير من رؤساء واعضاء الوفود الاوروبية كانوا يهودا ايضا ولم ينجح التصويت على القرار.
وهذا ما سبب له بعض المضايقات في بلجيكا منها على سبيل المثال محاولة الاعتداء على منزل السفير في بروكسل بقنابل حارقة. ولكن ولله الحمد لم تنجح المحاولة.
قصة وفاء نادرة
كان رحمه الله تقياً ودوداً لطيفاً لين المعشر دائم الابتسامة يتميز بطيبة القلب وحب الطرفة والنكتة.
وكان حريصاً على اداء الصلاة في وقتها مع الجماعة وكريماً يحرص على اكرام ضيوفه.
ومن اكثر ما كان يتميز به هو الوفاء الذي قل ان تجد مثله في هذا الزمان.
ومن أمثلة ذلك: زاره رحمه الله في بيته بجدة قبل 20 سنة ايام كان رئيساً للطيران المدني رجل كبير في السن واحترمه الوالد احتراماً كبيراً واوصله عند خروجه الى عند سيارته. وقد كانت قديمة ثم سأله:
- يا استاذ فلان.. أي نوع من السيارات تريد؟
فأجابه الرجل بعد تردد بالنوع المطلوب. فقال يومان وتكون عندك ان شاء الله.
ثم قال - والقصة يرويها ابنه خالد العساف- بعد ذهاب الرجل: لا تخبر احدا بما رأيت. وقد كنت عندها صغير السن.
فسألته من هذا؟ فقال: “هذا كان استاذي وانا في الابتدائي في مدينة الرس قبل 40 سنة”.
قصة اخرى: عندما توفي الامير عبدالله الفيصل رحمه الله في بداية هذه السنة. حزن الوالد رحمه الله حزنا شديداً عليه وذهب لقصر الامير عبدالله فور علمه بالخبر لتعزية ابنائه ثم اصر على الذهاب للصلاة عليه في المسجد الحرام وقد كان الحر شديداً. فقلنا له: ان ابناء الفقيد سيعذرونك لانهم يعرفون وضعك الصحي فقال: سأذهب بكل الاحوال. فذهب وصلى عليه بالمسجد الحرام وتعب نتيجة الزحام والحر وارتفع عليه السكر وقد اجرى عملية جراحية قبل اقل من سنة بعد اصابته رحمه الله بجلطة في القلب.ثم اصر على حضور الدفن في مقبرة العدل بمكة: فقلنا له يكفيك الصلاة عليه وافضل لك ان ترجع لجدة بسبب وضعك الصحي.. فأصر على حضور الدفن وقال: قبل خمسين سنة جاء الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله وحضر الصلاة على والدي الشيخ عساف العساف وحضر الدفن في المقبرة. وانا يجب اليوم ان ارد له هذا الجميل.
ومن العجيب انه يرحمه الله قد تم دفنه بعد هذه القصة بشهرين في نفس المقبرة وفي القبر المجاور تماماً لقبر الامير عبدالله الفيصل رحمهما الله.
ومن صفاته ايضاً صلة الرحم وزيارة واستقبال اصدقائه القدامى وبعضهم تجاوزت صداقته معهم الـ50 سنة وكذلك فانه لا يسمع عن صديق او موظف لديه مريض الا ويبادر بزيارته فور علمه بالنبأ.
ومن القصص انه كان مدعوا رحمه الله عند احد اصدقائه القدامى وهوشيخ فاضل وكبير في السن. وقد كان يجلس على مائدة العشاء بجانبه. وبعد بدئهم بالطعام اكل الشيخ قطعة لحم وغص بها واختنق منها. فنقلوه فوراً الى المستشفى المجاور. ولم يتركه رحمه الله الا بعد ان اطمأن على سلامته وخروجه طيباً الى منزله. وقد كان هذا قبل وفاته رحمه الله بعشرة ايام فقط.
بناء المساجد
وكان رحمه الله يحرص على اداء اعمال الخير بكل سرية وتكتم ومن ذلك بناء المساجد خارج المملكة وداخلها مثل اندونيسيا والهند وغيرها واما في داخل المملكة فبالاضافة للمساجد فقد بنى رحمه الله اول مركز لرعاية المسنين في القصيم وقد جعله باسم “فاعل خير” وهو في مدينة الرس. وكذلك تبرع قبل وفاته بشهر لبناء اول مركز للمعاقين في مدينة الرس بالقصيم.
واوقف مجمعاً سكنياً كبيراً في حي الروضة بجدة يتكون من اكثر من 40 فيلة وشقة. وجعله صدقة لوجه الله. بالاضافة الى مئات الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ومساعدة الشباب على الزواج. وعشرات المدارس الاسلامية في اوروبا وقد كان يحرص كل سنة على توزيع آلاف المصاحف وعشرات الاطنان من التمور وكذلك كميات كبيرة من السجاد من أهل الخير في الدولة المباركة لتوزيعها على مساجد بلجيكا وهولندا قبل رمضان.
دبلوماسي من الطراز الأول
وقد افتقده الوسط الدبلوماسي في بلجيكا بعد تركه لسفارة خادم الحرمين الشريفين في بروكسل بعد 14 سنة قضاها هناك وساهم خلالها في توضيح الجانب المشرق للحضارة الاسلامية والعربية.ومن القصص المناسب ذكرها هو ان الاتحاد الاوروبي قد اجتمع في احدى الجلسات لاصدار قرار ادانة للهجمات الفدائية في فلسطين وذلك لانهم يعتبرونها هجمات ارهابية وانتحارية وكانوا على وشك التصويت على الادانة فطلب رحمه الله الكلمة بحكم انه عميد السفراء العرب. وسألهم عن رأيهم في شخصية مشهورة في بلجيكا وضعوا له تمثال رأسه من ذهب، وذلك بسبب انه كان طيارا حربياً وعندما انتهى وقود طائرته اصطدم بها في احدى السفن الالمانية النازية واغرقها فأجاب رئيس الاجتماع هذا بطل قومي ورمز من رموز بلجيكا لانه ضحى بنفسه من اجل مقاومة الاحتلال النازي.
فقال: اما ان تعتبروا الفلسطينيين مثلي واما ان تعتبروه ارهابياً وتزيلوا تمثاله لو اصدرتم ادانة الفلسطينيين فكانت النتيجة الغاء القرار.
ومن المواقف الاخرى المميزة وهي كثيرة: ان الاتحاد الاوروبي كان ينوي اصدار قانون يحمي اليهود في جميع المجالات وكان القانون تحت مسمى “حماية السامية” فاخذ الكلمة وقال: انا اؤيد القرار بشرط ان تضيفوا كلمة “العرب واليهود” لان العرب هم ساميون ايضاً فاختلف المجتمعون على التصويت لان الكثير من رؤساء واعضاء الوفود الاوروبية كانوا يهودا ايضا ولم ينجح التصويت على القرار.
وهذا ما سبب له بعض المضايقات في بلجيكا منها على سبيل المثال محاولة الاعتداء على منزل السفير في بروكسل بقنابل حارقة. ولكن ولله الحمد لم تنجح المحاولة.
قصة وفاء نادرة
كان رحمه الله تقياً ودوداً لطيفاً لين المعشر دائم الابتسامة يتميز بطيبة القلب وحب الطرفة والنكتة.
وكان حريصاً على اداء الصلاة في وقتها مع الجماعة وكريماً يحرص على اكرام ضيوفه.
ومن اكثر ما كان يتميز به هو الوفاء الذي قل ان تجد مثله في هذا الزمان.
ومن أمثلة ذلك: زاره رحمه الله في بيته بجدة قبل 20 سنة ايام كان رئيساً للطيران المدني رجل كبير في السن واحترمه الوالد احتراماً كبيراً واوصله عند خروجه الى عند سيارته. وقد كانت قديمة ثم سأله:
- يا استاذ فلان.. أي نوع من السيارات تريد؟
فأجابه الرجل بعد تردد بالنوع المطلوب. فقال يومان وتكون عندك ان شاء الله.
ثم قال - والقصة يرويها ابنه خالد العساف- بعد ذهاب الرجل: لا تخبر احدا بما رأيت. وقد كنت عندها صغير السن.
فسألته من هذا؟ فقال: “هذا كان استاذي وانا في الابتدائي في مدينة الرس قبل 40 سنة”.
قصة اخرى: عندما توفي الامير عبدالله الفيصل رحمه الله في بداية هذه السنة. حزن الوالد رحمه الله حزنا شديداً عليه وذهب لقصر الامير عبدالله فور علمه بالخبر لتعزية ابنائه ثم اصر على الذهاب للصلاة عليه في المسجد الحرام وقد كان الحر شديداً. فقلنا له: ان ابناء الفقيد سيعذرونك لانهم يعرفون وضعك الصحي فقال: سأذهب بكل الاحوال. فذهب وصلى عليه بالمسجد الحرام وتعب نتيجة الزحام والحر وارتفع عليه السكر وقد اجرى عملية جراحية قبل اقل من سنة بعد اصابته رحمه الله بجلطة في القلب.ثم اصر على حضور الدفن في مقبرة العدل بمكة: فقلنا له يكفيك الصلاة عليه وافضل لك ان ترجع لجدة بسبب وضعك الصحي.. فأصر على حضور الدفن وقال: قبل خمسين سنة جاء الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله وحضر الصلاة على والدي الشيخ عساف العساف وحضر الدفن في المقبرة. وانا يجب اليوم ان ارد له هذا الجميل.
ومن العجيب انه يرحمه الله قد تم دفنه بعد هذه القصة بشهرين في نفس المقبرة وفي القبر المجاور تماماً لقبر الامير عبدالله الفيصل رحمهما الله.
ومن صفاته ايضاً صلة الرحم وزيارة واستقبال اصدقائه القدامى وبعضهم تجاوزت صداقته معهم الـ50 سنة وكذلك فانه لا يسمع عن صديق او موظف لديه مريض الا ويبادر بزيارته فور علمه بالنبأ.
ومن القصص انه كان مدعوا رحمه الله عند احد اصدقائه القدامى وهوشيخ فاضل وكبير في السن. وقد كان يجلس على مائدة العشاء بجانبه. وبعد بدئهم بالطعام اكل الشيخ قطعة لحم وغص بها واختنق منها. فنقلوه فوراً الى المستشفى المجاور. ولم يتركه رحمه الله الا بعد ان اطمأن على سلامته وخروجه طيباً الى منزله. وقد كان هذا قبل وفاته رحمه الله بعشرة ايام فقط.
بناء المساجد
وكان رحمه الله يحرص على اداء اعمال الخير بكل سرية وتكتم ومن ذلك بناء المساجد خارج المملكة وداخلها مثل اندونيسيا والهند وغيرها واما في داخل المملكة فبالاضافة للمساجد فقد بنى رحمه الله اول مركز لرعاية المسنين في القصيم وقد جعله باسم “فاعل خير” وهو في مدينة الرس. وكذلك تبرع قبل وفاته بشهر لبناء اول مركز للمعاقين في مدينة الرس بالقصيم.
واوقف مجمعاً سكنياً كبيراً في حي الروضة بجدة يتكون من اكثر من 40 فيلة وشقة. وجعله صدقة لوجه الله. بالاضافة الى مئات الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ومساعدة الشباب على الزواج. وعشرات المدارس الاسلامية في اوروبا وقد كان يحرص كل سنة على توزيع آلاف المصاحف وعشرات الاطنان من التمور وكذلك كميات كبيرة من السجاد من أهل الخير في الدولة المباركة لتوزيعها على مساجد بلجيكا وهولندا قبل رمضان.