المركز الحضاري الإسلامي في بوسطن

وليد احمد فتيحي

على مدى عقد من الزمن وحال الجالية الإسلامية في بوسطن كالذي يحفر في الصخر ليُسطر على وجه الأرض بأعماله ما كتبه بالأمس بأقلامه، على مدى أكثر من عشرة أعوام ومشروع بناء أكبر مركز حضاري إسلامي في مدينة بوسطن كان همُّ أبناء الجالية الإسلامية، وكيف يتخطون العقبات المادية والقانونية لإنشاء هذا الصرح في قلب مدينة بوسطن العريقة ليصبحوا جزءاً من النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري. لقد كتبت على مدى عشرة أعوام في الصحف المحلية، وتحدثنا في الوسائل الإعلامية المحلية والدولية عن هذا المشروع الذي قد يكون نموذجاً فريداً من نوعه في أمريكا، فهو مشـروع نشأ من داخل الجالية الإسلاميـة الأمريكيـة وحظي بدعم أمين مدينة بوسطن «T. Mennino» وكبار المسؤولين في المدينة حين رأوا حرص الجالية الإسلامية على التواصل مع اخوانهم واخواتهم في مجتمع المدينة، وبناء جسور التعارف لتحقيق الأمر السماوي في قوله تعالى «لتعارفوا»، فكان المركز الحضاري الإسلامي مسجداً جامعاً، ومركزاً دعوياً، ومركزاً إعلامياً لإظهار الإسلام بصورته المشرفة وتصحيح صورته المشوهة في الغرب، ومكتبة، ومدرسة، وقاعات متعددة الأغراض لإقامة الندوات والمحاضرات للمسلمين وغير المسلمين في قلب المدينة على بُعد دقائق من كلية طب جامعة هارفرد، وكبرى المستشفيات التابعة لكلية طب جامعة هارفرد وكلياتها المتعددة وكليات وجامعات أخرى، ومرت الأيام والأشهر والسنون والجالية الإسلامية والأمناء ينتقلون من تحدٍّ إلى آخر. تحديات مادية وقانونية وتشويش إعلامي ومحاولات جدية لعرقلة المشروع ممن لا يريدون للإنسانية أن يعم فيها السلام من خلال بناء جسور التعارف والتفاهم والسعي لفهم الآخر... ولكن الله متم نوره... بعد أكثر من عقد من الزمن، والتوفيق في جمع تبرعات تفوق اثني عشر مليون دولار، والتغلب على كل العراقيل القانونية وصد الهجوم الإعلامي المغرض، ارتفعت بفضل الله المئذنة والقبة وتمت اقامة أول صلاة في المسجد الجامع بمدينة بوسطن في هذا الشهر الفضيل، وفتحت أبواب المركز الحضاري الإسلامي للمسلمين وغير المسلمين ليسمعوا كلام الله ويتعارفوا فيما بينهم ويتعاونوا في اوجه الخير المتعددة في هذه المدينة. انها رحلة عَقد من الزمن كتب الله لمن كتب أن يكون له سهم فيها بدعوة صادقة أو موقف دفاعي للحق أو دعم مادي أو معنوي وضاع الأجر على كل من تقاعس كلُّّ أخذ نصيبه على قدر ما أعطى والله أعلم بمن اتقى وأصلح.
وانني بصفتي عضواً في مجلس الأمناء، أشكر كل من ساهم في دعم هذا المشروع وأدعو الله أن يكتب لهم الأجر والثواب على إقامة هذا الصرح الإسلامي في قلب مدينة بوسطن ليُظهر الصورة الحقيقية المتحضرة لديننا الحنيف من خلال التعاون مع الجالية الإسلامية وغيرها بعيداً عن التعصب للدين أو اللغة أو العرق، ونشر كل ما ينفع المجتمع، وإظهار الروح الحقيقية للمسلمين من السماحة وحب الخير، من خلال هذه الممارسات الصحيحة التي تعكس جوهر هذا الدين السماوي العظيم.
فاكس: 6509659
okazreaders@imc.med.sa