عيد .. بأية حال عُدت يا عيد

وليد احمد فتيحي

(العيد وقت الفرح والسرور وهو وقت استعادة ذكريات إنجازاتنا وأعمالنا خلال عامنا .. وهو وقت استرجاع النظر إلى الأيام الخالية بسرور وغبطة واعتزاز .. وهو وقت يعود فيه أعضاء المجتمع بعضهم بعضاً ليتحسس جسد المجتمع أعضاءه فيتم التكافل والتراحم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. وقد ينظر أحدنا إلى أعماله الفردية وإنجازاته الشخصية خلال عامه فيجدها بفضل ربه زاخرة مثمرة فيمتلىء قلبه غبطة واعتزازاً ولكنه يسترجع نظره إلى جسد الأمة، الذي هو عضو منه، من مشارقه إلى مغاربه ثم يتساءل: كيف كان عامنا .. وكيف رجع عيدنا ..؟!.
إن الذي يفرح بعيده وأمته تبكي وتئن، هو كاليد التي تفرح بسلامتها واليد الأخرى تتألم تحت وطأة العذاب.
كيف للقلب أن يسعد وفي الجسد آهات وأوجاع؟! وكيف للعين أن تقر وهي ترى أمامها شريط أحداث العام السابق لأمتها. وكل ما يحتاجه أحدنا هو أن ينظر إلى الصحف العالمية ليرى أننا أصبحنا حديث العالم ومحور الصراعات والنزاعات والحروب والتشريد والجهل والفقر والجوع، ففي جسد الأمة الإسلامية من المآسي ما يضاهي مآسي شعوب العالم مجتمعة.
نعم .. لقد أصبح لنا نصيب الأسد من المآسي والآلام. وفي كل عيد ندعو أن يرجع عيدنا بخير مما ذهب ..
وما أدري أعيد اليوم خير من عيد الأمس .. أم أن عيد الأمس خير من عيد اليوم؟!.. ولكننا ندعو الله أن نرى اليوم الذي تحتفل فيه أمتنا بعيدها كما يجب أن تحتفل به بكل أعضائها وأطرافها وهي معافاة سليمة وقد جفت دموعها والتأمت جراحها) انتهى. لقد كان هذا مقال نشرته مرتين على مدى عشر سنوات، وأنشره اليوم مَّرة أخرى وأضعه بين أيديكم دون زيادة أو نقصان. فقد نشرت المقال للمرة الأولى يوم الثلاثاء الموافق 11 شوال لعام 1417هـ “1997م” أي قبل عشرة أعوام ..
عشرة أعوام مَرَّت ومازال المقال كأنه كتب الساعة وما شيء من حال الأمة قد تغير ليستوجب تغيير صياغة المقال، بل قد غدا المقال أشد وقعاً، لما وافق محتواه من الواقع المخزي الأليم الذي تعيشه الأمة .. وسأنشر مقالي هذا كما هو دون زيادة أو نقصان كل بضعة أعوام حتى يأتي ذلك العام الذي يستوجب فيه واقع الأمة أن أغير المقال أو أن أغير فيه جملة أو كلمة أو حرفاً.. وانني أتطلع لذلك اليوم وأدعو الله أن لا أموت حتى أراه لأكتب عنه.
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
*طبيب استشاري، ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي
فاكس: 6509659
okazreaders@imc.med.sa