الشاعر العماني الذي «أمسك الوعل من قرونه»

زهران القاسمي يراهن على «عين» القارئ

أجرى الحوار : حسين الجفال

زهران القاسمي:شاعر تعانق والمكان،تنفسه بكل مافيه من مكونات،جبل وشجر،صحراء وغيم،جنيات وشاويات وحكايا سكنت الموروث، طابعه خجول وينأى بنفسه عن الأضواء،أصدر مجموعته الأولى بداية هذا العام (أمسكنا الوعل من قرونه)اختير لمنصب نائب الرئيس لأسرة الشعر العمانية مؤخرا، فاز الفيلم الذي شارك فيه(بنت غربى) بالجائزة الأولى في مسابقة الإمارات العربية هانحن نلتقيه لنتعرف على أحلامه وتطلعاته ورؤاه.
كيف تجد زهران القاسمي بعد المجموعة الاولى .. هل تحرر من (أمسكنا الوعل من قرونه)؟
- أولا أشكرك على هذه البادرة، فالمجموعة كما قلت هي الأولى، ولقد جاءت حصيلة لما يقارب عشر سنوات من النشر في المجلات والصحف المحلية، وكان لابد من أن أجمع معظم ذلك النتاج ليعبر عن حقبة زمنية محددة، طبعا جاء هذا بعد غربلة الكثير من النصوص، والآن صار في رصيدي مجموعة شعرية قد تعتبر الأولى بالمسمى الحرفي ولكنها جاءت خلاصة تجربة أعتقد انها طويلة، بالمقارنة بتجارب أخرى مماثلة.
أمسكنا الوعل من قرونه كانت تجربة حاولت فيها أن أكون قريبا جدا من الذاكرة بشكل خاص، فكما هو معروف أن ذاكرة المكان والزمان خصبة جدا، فهنالك في مغاور كل ذاكرة أشياء مخفية، تلمع بين الفينة والأخرى، يعود بنا الحين اليها تارة، وتارة تأتي على شكل لمحات بصرية لمواقف نمر عليها في الحاضر تكاد تكون مشابهة لما حدث، وقد يكون هنالك ثيمات معينة حاولت أن اشتغل عليها بوعي وبلا وعي في هذه المجموعة ولكن الآن أنظر إليها كأنها صارت نتاجا قد انتهى مني منذ فترة طويلة، فعندما تبدأ في الدخول إلى تجربة جديدة تنظر إلى ما كان وكأنه قد أصبح من التراث ومن الذاكرة أيضا، لذا قد أعود إليها في كل وقت، فهي تاريخ لا أستطيع أن أتحرر منه إلا لكي أعود إليه، فأنا لا أؤمن بالزمن المكسور، ولكنه حلقات متواصله تترابط بعضها مع بعض، والآن هناك مجموعة تترقب النشر مختلفة تماما عن سابقتها تحت عنوان «الهيولي».
كنت ومازلت تهرب بنفسك عن المهرجانات، ألم يفقدك ذلك التعرف عن قرب على تجارب مجايلة لك؟
- في الفترة الماضية وربما كان ذلك بسبب الظروف لم أستطع أن أشارك في أي مهرجان، وهنالك أيضا نزعة نفسية للجوء إلى الظل في كل مرة، فأنا أعترف أن هذا كله كان سببا في عدم معرفتي بالأشخاص وليس التجارب، فالتجارب موجودة على الساحة من خلال النشر، ويستطيع القاريء أن يميز بين جودتها ويراهن على استمرارية وتطور بعضها، لكن ما تفعله هذه المهرجانات هي تظاهرة جميلة، وعمل زخم وتركيز وتكريس للشعر الذي بات في عداد المنسيين في هذه الحياة العصرية بسبب الركض حول ما هو مادي من جهة وبين ضغوطات الحياة لمختلفة من جهة أخرى، وقد تخرج من هذه المهرجانات أيضا تجارب يكتب لها الاستمرار، ويكفي للشخص أن يكون حاضرا لو لم يكن مشاركا في مثل هذه المهرجانات.
أين ترى المشهد الثقافي العماني اليوم ؟ الى أين يسير؟
- قد يكون الوضع اختلف في اعادة تسميات بعض المفاهيم نعم، ولكن اعتقد أن المشهد الثقافي العماني في وضع جيد لأنه يحاول الاستفادة من كل شيء حوله، فالانفتاح على العالم والانترنت والاتصالات، فتحت آفاقا كبيرة، فأنت تستطيع الآن وانت في بيتك أن تقرأ ما ينشر في أي مكان، وتستطيع أن تتعرف على كتابات لأشخاص في أي مكان شئت، وإن بدا الأمر متضخما بعض الشيء إلا أن هذا يبدو صحيا أيضا، فالأيام هي التي تغربل ما شاءت من تجارب، وأما الزبد فيصبح جفاء . وفي الحقيقة هنالك تجارب متميزة كانت وما زالت موجودة على الساحة الثقافية العمانية، بل وأصبحت تدرس في المناهج أيضا، وهنالك أيضا تجارب بدأت تظهر على السطح بقوة، وأعتقد أنه لا خوف على مسار الثقافة في عمان، فنحن مجتمعنا له جذور ضاربة في القدم، والكل يستمد تجاربه وقوته وروحه من هذا الضوء الطويل اللانهائي، حيث لا يكاد بيت يخلو منه، من حكايات وكتب، فضلا عن العادات والتقاليد والحياة اليومية التي تبث صورا ولقطات يختزنها أيا كانت لتخرج على شكل قصة أو شعر أو لوحة وغيرها.
يقال ان قصيدة النثر في عمان ظلمت، هل هذا الكلام صحيح؟
- هذا أمر طبيعي، فكل جديد يكون عادة غير مستساغ خصوصا إذا كان ليس متأصلا في ذاكرة الشعوب، فنحن مجتمع تعود على الشعر بطريقته الكلاسيكية لقرون عديدة، أعتقد أن قصيدة النثر تحتاج أيضا حتى تثبت وجودها زمنا طويلا، ففي عمان او في الدول العربية الأخرى تحتاج قصيدة النثر الى ذلك البعد الزمني، ولا أنكر أن هنالك تهويما شعريا تم ممارسته على هذه القصيدة لتبقى في نظر القارىء كلاما غير مفهوم، فأنا ضد من يقول أن القاريء لا يفهم، أبدا، القارىء يفهم، وهو صاحب عين ناقدة ونافذة أيضا، ويحتاج الواحد منا إلى إعادة ترتيب أفكاره وأوراقه.