ذكريات.. وأمنيات
الجمعة / 14 / شوال / 1428 هـ الجمعة 26 أكتوبر 2007 19:18
جبير بن محمد بن جبير
حين كنتُ طالبا في المرحلة الابتدائية وجدت جدي رحمه الله وأخي في انتظاري حال عودتي من المدرسة لكي نذهب سوية إلى مدينة المجمعة لحضور مناسبة طارئة، وكانت سيارة أجرة «مشي حالك» تقف أمام منزلنا الكائن في حي الملز بالرياض، وفي تمام الساعة الواحدة ظهرا انطلق بنا سائق الأجرة سالكاً طريق صلبوخ القديم، وما أن صرنا على مشارف مدينة الدرعية إلا ونشاهد الأبخرة تتصاعد من كبوت سيارته مما اضطره للوقوف جانب الطريق لخفض حرارة الماكينة الشديدة، طبعا لم يكن بمقدور أي منا البقاء داخل السيارة، فقد كانت أشبه بفرن التنور ولا حتى يمكن الجلوس بالقرب منها، لكن كان هناك جدار إسمنتي قريب منا، اقترح علينا السائق أن نذهب إليه ونستظل بظلاله إلى أن يبرد الجو! وتبرد السيارة أيضا!! كان الجدار عبارة عن لوحة زرقاء طولها متران وعرضها متران تقريبا مكتوب عليه باللون الأبيض «جامعة الرياض» وحين دنونا منها لمحنا «عقربا سوداء» تخرج من تحتها وتتوجه نحونا.. فما كان مني واخي إلا أن نقذفها بالحجارة ونشجع بعضنا على قتلها، ولما تمكنا منها أخذنا نقلبها بتعجب! ونتقاذفها بنشوة.. فلم يسبق أن شاهدنا عقربا في تلك الفترة من حياتنا. عدنا بعد مدة إلى السيارة بعد أن بردت، مواصلين انطلاقتنا صوب المجمعة، وقام يُنشد جدي (الدرعية وسط الصحراء) ونحن نردد ما يقوله بسرور. واليوم وفي تلك الأرض الصحراوية أقيمت مدينة جامعية عملاقة هي جامعة الملك سعود، ولست أدري أفي ذلك المكان الذي قتلت فيه تلك العقرب تقع حاليا الصالة الرياضية التي استلمت فيها شهادتي الجامعية من يد الأمير سلمان؟
وأتذكر قبل اثني عشر عاماً تقريبا، أنني ذهبت وعائلتي في نزهة بمحاذاة البحر شمالي جدة حتى استقر بنا المقام في مكان جميلٍ وهادئ، يوحي بالعشوائية والطبيعة البِكر، ولا يوجد به أثر لحياة إنسان عدا بعض مراكب صيد الأسماك وغرفة حديدية كتب عليها خفر السواحل بثول.. أتذكر يومها أنني وقفت على إحدى صخور ذلك الساحل لأشاهد لوحة عالية النقاوة والصفاء لحياة بحرية لم أرَ بمثل ذلك التنوع والثراء من قبل.. كنت اقرب ما أكون أنني أقف على حوض كبير لأسماك الزينة والنباتات البحرية، ولم يفسد جمال ذلك اليوم إلا نزف قدم ابني إثر سقوطه من على إحدى الصخور الحادة.
استرجعت تلك الذكريات وأنا أشاهد حفل وضع حجر الأساس لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول. ومن يدري ربما يقف ابني يوما ما على مكان تلك الصخرة التي سقط منها ليتسلم شهادة علمية... أتمنى ذلك.
وأتذكر قبل اثني عشر عاماً تقريبا، أنني ذهبت وعائلتي في نزهة بمحاذاة البحر شمالي جدة حتى استقر بنا المقام في مكان جميلٍ وهادئ، يوحي بالعشوائية والطبيعة البِكر، ولا يوجد به أثر لحياة إنسان عدا بعض مراكب صيد الأسماك وغرفة حديدية كتب عليها خفر السواحل بثول.. أتذكر يومها أنني وقفت على إحدى صخور ذلك الساحل لأشاهد لوحة عالية النقاوة والصفاء لحياة بحرية لم أرَ بمثل ذلك التنوع والثراء من قبل.. كنت اقرب ما أكون أنني أقف على حوض كبير لأسماك الزينة والنباتات البحرية، ولم يفسد جمال ذلك اليوم إلا نزف قدم ابني إثر سقوطه من على إحدى الصخور الحادة.
استرجعت تلك الذكريات وأنا أشاهد حفل وضع حجر الأساس لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول. ومن يدري ربما يقف ابني يوما ما على مكان تلك الصخرة التي سقط منها ليتسلم شهادة علمية... أتمنى ذلك.