الرئيسة الفلبينية لـ«عكاظ»: نحتاج جهود المملكة لاستقرار ميندناو

فهيم الحامد (جدة)

تبدأ الرئيسة الفلبينية جلوريا أرويو اليوم الأحد زيارة رسمية للمملكة تستغرق عدة أيام تجرى خلالها مباحثات مُعمَّقة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، حول تدشين شراكة استراتيجية بين البلدين في جميع المجالات السياسية والنفطية والاستثمارية والتجارية والاقتصادية وبحث آفاق السلام في منطقة جنوب الفلبين ذات الأغلبية المسلمة وتعزيز دبلوماسية الاتجاه نحو الشرق،ومناقشة المستجدات على الساحة العربية والدولية.
أكدت الرئيسة الفلبينية السيدة جلوريا أرويو في حوار خاص أجرته «عكاظ» عشية زيارتها للمملكة على أهمية هذه الزيارة باعتبارها الأولى لها منذ تقلدها منصب الرئاسة.
وأضافت أن زيارتها الهامة للمملكة ستعمل على تدشين شراكة استراتيجية بين البلدين وفتح آفاق الحوار وتوسيعه في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والنفطية والتجارية.
وأشارت الرئيسة أرويو الى أن المملكة يمكنها الاضطلاع بدور إيجابي إزاء إرساء السلام والأمن في جنوب الفلبين باعتبارها رائدة في حلول القضايا بالمنطقة والعالم مؤكدة أن تحقيق السلام في منطقة مانديناو ذات الأغلبية المسلمة سيرسل رسالة للعالم مفادها أن المسلمين والمسيحيين يستطيعون العيش جنباً إلى جنب ويكرسون مبدأ التعايش السلمي والوسطية والاعتدال. وفيما يلي نص الحوار:
اهمية التوقيت
بداية كيف تنظرين إلى أهمية زيارتكم إلى المملكة اليوم خاصة أنها الزيارة الأولى منذ تقلدكم منصب الرئاسة في الفلبين؟
- ليس هناك شك أن هذه الزيارة تكتسب أهميتها من عدة اعتبارات، وكما ذكرتم هي زيارتي الأولى للمملكة، كما أنها تأتي بعد جولتين هامتين متتابعتين قام بهما خادم الحرمين الشريفين وسمو ولى عهده إلى عدد من الدول الآسيوية التي سميت بدبلوماسية الاتجاه نحو الشرق.
ومن المؤكد أن زيارتي للمملكة ستدشن عهداً جديداً من العلاقات السعودية الفلبينية التي أحرص بشكل خاص أن أعمقها في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاستثمارية والنفطية وفى مجال الطاقة أيضا، كما أن الزيارة ستكون فرصة تاريخية لتقديم الشكر والتقدير والاحترام البالغ الذي أكنه كرئيسة للفلبين للقيادة والشعب السعودي.
وفى نفس الوقت تقدير واحترام الشعب الفلبيني لهذه القيادة التي تحظى بالاحترام في المنطقة والعالم.
ونحن على أمل أن تحقق هذه الزيارة الأهداف المرجوة منها وتحقق أيضا النقلة النوعية في العلاقات بين البلدين بهدف إيصالها إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية خاصة أن المملكة تعتبر دولة رائدة في مجال إرساء الأمن والسلام في المنطقة وتحظى سياساتها بالاحترام والتقدير إقليميا وعربياً ودولياً.
وتعتبر أيضا أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وهى حريصة على استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية وهذه العوامل الإيجابية تحتم علينا التنسيق والتعاون مع المملكة بهدف تعزيز السلام وتطوير التعاون والمساهمة في إيجاد عالم يعيش في أمن وسلام واستقرار بعيدا عن الحروب والقلاقل والأزمات.
أسعار البترول
اذا فخامة الرئيسة ما هي القضايا التي ستكون محور البحث والمناقشة خلال لقائك مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز؟
- أن جُملةً من القضايا ستكون مطروحة للبحث والمناقشة، وعلى رأس هذه القضايا استعراض كامل وشامل لملف العلاقات السعودية الفلبينية في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والنفطية والاستثمارية ومناقشة كيفية إعطاء دفعة قوية لهذه العلاقات لكي تنتقل وتصل إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية،.
ومن المؤكد أيضاً أنني سأبحث مع القيادة السعودية أوضاع الجالية الفلبينية التي يصل عددها إلى مليون فلبيني تقريباً يعيشون ويعملون في المملكة. وأريد أن أؤكد أن هذه الجالية فخورة بأنها تعمل وتشارك في تنمية هذا البلد، وتحظى بعناية ورعاية فائقة من المملكة.
وسأكون حريصة جداً لمتابعة احتياجاتهم ورفاهيتهم، وسأحثهم على أن يكونوا ضيوفاً مثاليين يعيشون في المملكة ويعملون بها ملتزمين بالقوانين المنصوص عليها، وأحد الملفات الهامة التي سيتم بحثها هو كيف يمكن لبلدينا العمل سوياً مع الدول المنتجة للطاقة أو الشعوب المنتجة للطاقة والبترول للحفاظ على استمرار التدفق وزيادة إنتاج البترول وفى نفس الوقت العمل على إيجاد خفض أسعار البترول لأكبر قدر من الإمكان.
ونحن في الفلبين كدولة نامية وشعب نام تأثرنا تأثراً بالغاً نتيجة ارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية. وأنا أتطلع من أصدقائنا السعوديين مساعدتنا وبحث كيفية إيجاد الوسائل المبتكرة والجديدة لكي نصبح دولة نفطية مستقلة من ناحية الطاقة البترولية. كما أن لقائي بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيكون فرصة نادرة لتقديم الشكر والتقدير لدعمه المتواصل ورغبته المخلصة لإرساء الأمن والسلام والاستقرار في منطقة جنوب الفلبين ذات الأغلبية المسلمة.
وهذا الدعم والمساندة يعتبر نجاحا إيجابي للقيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين، وإذا نجحت هذه الجهود واستكملت حلقات المفاوضات سنثبت للعالم أن الشعوب المسيحية والمسلمة تستطيع حل القضايا العالقة بينها وتمضى باتجاه السلام والأمن والرفاهية والتنمية في المستقبل.
السلام في الفلبين
فخامة الرئيسة من وجهة نظرك وبصراحة ما هي المجالات في العلاقات السعودية الفلبينية التي تعتقدين أنها تحتاج مزيداً من الاستكشاف والبحث؟
- هذا سؤال جيد في الواقع أن العلاقات السعودية الفلبينية تعتبر علاقات قوية في الأساس ومتينة في الجذور ورغم ذلك, هناك دائماًَ إمكانية لتعزيز هذه العلاقات وتقويتها وتوسيعها. والشيء الأهم بالنسبة لنا في الفلبيين أننا نرغب وبشكل جاد ومخلص لإنشاء شراكة استراتيجية موسعة ومتنوعة ومتعددة بين المملكة العربية السعودية والفلبين على ان يشمل ذلك إيجاد السلام في المناطق المسلمة في جنوب الفلبين، وهذا الهدف بالنسبة لنا يعتبر هدف استراتيجيا عالميا وأيضا تمتين العلاقات مع الرياض .
ودول العالم الإسلامي بريادة المملكة العربية السعودية باعتبارها قوة الدفع الرئيسية للأمة الإسلامية تستطيع أن تلعب دوراً لإيجاد حلول سلمية للصراع التاريخي بين المسلمين والمسيحيين في جنوب الفلبين وإذا تم تحقيق ذلك ونحن على يقين أنه سيتم فإننا سنعتبره خطوة جبارة ونقلة نوعية في منطقتنا، ونحن نؤكد حرصنا على ضرورة حل قضية جنوب الفلبين بشكل عاجل.
وأنا أؤمن كذلك أن المملكة العربية السعودية يمكنها أن تصبح شريكة رئيسية في مجال الطاقة للفلبين ليس فقط في مجال إنتاج وتزويدنا بالنفط ولكن في ابتكار طرق وأساليب جديدة لمساعدة دول مثل الفلبين لكي تصبح دولاً مستقلة في مجال الطاقة والنفط.
التعايش المشترك
القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة العام الماضي أصدرت بلاغ مكة والتي أجمعت عليه الدول الإسلامية بشكل غير مسبوق والذي طالب بتكريس مبدأ التعايش السلمي والوسطية والاعتدال ونبذ العنف والإرهاب. كيف يمكن لمانيلا والرياض اللتين تحاربان الإرهاب بتنسيق جهودهما الثنائية والدولية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي؟
- في الواقع أن الدور الرئيسي تضطلع به المملكة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الى جانب الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وهذا الدور هام جداً.
وليس هناك أدنى شك إن هذا الإطار الاستراتيجي للدول الإسلامية يعكس حرصها في التعايش السلمي وتكريس مبدأ الوسطية والاعتدال، الأمر الذي ينعكس إيجابياً على تصحيح صورة الإسلام البعيدة كل البعد عن الإرهاب والعنف.
وكما ذكرت في إحدى إجاباتي أننا نتطلع إلى دور سعودي رئيسي ودور من منظمة المؤتمر الإسلامي لإيجاد السلام بين المسلمين والمسيحيين في جنوب الفلبين، إن تحقيق السلام في جنوب الفلبين سيرسل رسالة واضحة وصريحة وشفافة للمنطقة والعالم, مفادها أن الإسلام هو صوت السلام والعقل والحكمة والتسامح.
ولهذا أناشد أنه يجب عدم إضاعة فرصة السلام التي تعتبر في متناول أيدينا لتحقيق السلام في منطقة ماندينا والمسلمة في جنوب الفلبين.
ونحن نعتقد أن جميع شعوب الدول الأعضاء بمنطقة المؤتمر الإسلامي لديها حرص ورغبة كاملة في أن تنعم منطقة جنوب الفلبين بالسلام والاستقرار حيث يمكنها فتح آفاق التعاون بين الشعوب الإسلامية والشعب في منطقة مانديناو وفي نفس الوقت إرسال رسالة للعالم أن الإسلام هو دين السلام وليس دين العنف والإرهاب وهذا ما نؤمن به تماما.
وأؤكد لكم إنني أعمل بشكل جاد ومخلص لمناشدة الشعوب التي ترغب في العمل من اجل السلام أن تفعل ذلك الآن، لأنه يجب علينا أن نعطى الصورة للأطراف المفاوضة أن العالم ينظر إلينا و وأن العالم يدعمنا وأن العالم يرغب في أن تنجح هذه المفاوضات ويعم السلام وتنتهي الحروب.
حوار الحضارات
فخامة الرئيسة من وجهة نظرك كيف يمكن للمملكة والفلبين لعب دور إيجابي بهدف تنشيط حوار الحضارات وتكريس مبدأ التعايش السلمي بين الشرق والغرب؟
- في الواقع أن المملكة هي ملتقى الحوار بين الشرق والغرب والرياض ومانيلا تتمتعان بمكانة استراتيجية بهدف إعطاء دفعة للسلام والتفاهم والحوار في العالم.
وأعتقد أن المملكة بمكانتها وموقعها تستطيع لعب دور إيجابي بهدف تفعيل الحوار في منطقة جنوب الفلبين حيث أننا على وشك الوصول إلى اتفاقية سلام بين المسلمين والمسيحيين بعد عقود طويلة عدم الثقة والحروب والأحقاد.
ولهذا فإن المملكة العربية السعودية والفلبين يمكنهما لعب دور هام واستراتيجي في العالم حيث يمكن من خلالهما أن يلتقي الشرق بالغرب والمسلمون مع المسيحيين، وإيجاد حلول لهذه القضية بشكل سلمى وإيجابي، وهذه هي الفرصة العظيمة التي يجب الاستفادة منها، وعلينا أن نتحرك بهدف تحقيق السلام والتفاهم بين الشعوب وبين مختلف الأديان وفتح حوار الحضارات.
السلام في العراق
في الشأن السياسي كيف تنظرين إلى الأوضاع المتردية في العراق رغماً أن بلادكم قد تكون بعيدة عن ما يجرى في العراق؟
- هذا غير صحيح نحن معنيون تماماً بعودة الأمن والسلام والاستقرار في العراق ونطالب بوحدة وسلامة واستقرار العراق وإنني حزينة غاية الحزن لما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد الهام.
وإنني أرى أنه يجب على العراقيين العمل مع السلطات الأمريكية لحل الأزمات التي يشهدها العراق بأسرع وقت ممكن والعمل على إعادة إعمار العراق وتقوية العلاقات بين كافة مكونات وتيارات المجتمع العراقي لكي يعود العراق عنصراً فاعلاً للمجتمع الدولي.
تطلعات الفلسطينيين
ما هي رؤيتكم لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط خاصة بعد تشكيل حماس الحكومة الفلسطينية الجديدة؟
- في الواقع نحن نرغب في إيجاد حلول عادلة لأزمة الشرق الأوسط ونرغب أيضاً أن يتم تركيز الجهود على مكافحة الإرهاب والتهديدات الإرهابية التي يعيشها هذا العالم. إن إنهاء الأعمال الإرهابية سيمكننا من تركيز جهودنا ودبلوماسيتنا لتحقيق التطلعات الشرعية للقضية الفلسطينية والتي تأثرت تأثراً كبيراً بسبب الأزمة في العراق. والهدف الذي نسعي لتحقيقه جميعا كيف يمكن ان يعيش الجميع بسلام و آمن واستقرار بعيد عن الحروب والأزمات.
ماهي الرسالة التي تحملينها للمملكة؟
- احمل رسالة حب واحترام وسلام لبلد الاسلام والسلام واتمني ان تحقق زيارتي للمملكه الهداف المرجو لها.