سنة قاتلة في العراق

تشارلي ريز

سارعت المجموعة المؤيدة للحرب إلى الإشادة بالانخفاض الحاصل مؤخراً في عدد الخسائر البشرية الأمريكية في العراق، وذلك استناداً إلى إحصائيات شهرية، غير أن الحقيقة المرة الباقية، هي أن العام 2007 كان العام الأكثر دموية وقتلاً، من أعوام الحرب، بالنسبة للأمريكيين، وهذا المسلسل لم ينتهِ بعد. وحتى كتابة هذه السطور، كان 853 جندياً أمريكياً قد قضوا خلال 2007، وهو عدد يفوق العدد 849 الذي سُجّل عام 2004، وفي الحصيلة الإجمالية، هناك 3858 أمريكياً فقدوا حياتهم، حتى الآن في العراق، والأمر المحزن هو أنهم يموتون من أجل لا شيء، ولأن الكونجرس يرفض أن يوقف الحرب عن طريق وقف التمويل لها. إن الإدارة تحدد «الربح» بأنه يعني قيام عراق مستقر وديموقراطي، وقادر على الدفاع عن نفسه، وهذا التحديد هو بالواقع، تحديد لحرب غير قابلة للربح. فالطريقة الوحيدة لفرض الاستقرار بين الأكراد والسنة والشيعة المتقاتلين، هي بروز دكتاتور جديد راغب بما يكفي في فرض الاستقرار عبر فوهة البندقية. وبكلام آخر: لا يمكن تحقيق الاستقرار بدون ديموقراطية، ولا الوصول إلى الديموقراطية بدون استقرار، وعلينا الاختيار. ولكن الطريقتين لا تستحقان التضحية بحياة أمريكي واحد. لقد حان الوقت للشعب الأمريكي أن يطرح السؤال: «ما هي فائدتنا من الحرب في العراق»؟ والجواب على ذلك هو: «لاشيء». إن مجموعة المحافظين الجدد، مع نائب الرئيس ديك تشيني، قد حققا الكثير من الفوائد والأرباح، لكنهما لم تتقاسمهما مع الجنود القتلى، ولا مع الشعب الأمريكي، وسواء برز دكتاتور جديد في العراق، أو تحول إلى جمهورية إسلامية تدور في فلك إيران، لن يحظى الأمريكيون بأي أصدقاء في بلد هم مسؤولون عن تدميره وتخريبه، وعن قتل أكثر من 100 ألف شخص، وتشريد أكثر من مليونين آخرين منه. وتبقى المشكلة الأساسية في أن أحداً لا يعرف بعد السبب الذي دفع بإدارة بوش للذهاب إلى الحرب ضد العراق، ولكن، بصرف النظر عن السبب، والذي أصبح من الماضي، فإن الشعب العراقي لا يريدنا هناك. وطالما بقينا في بلاده، فسوف يستمر في اعتبارنا مجرد محتلين، كما أن المقاومين سيواصلون هجماتهم ضد قواتنا. فالاحتلال لا يستطيع البقاء في بيئة معادية، كما أن الترهيب والترغيب لن يبدلا مشاعر العراقيين. فنحن ألحقنا أضراراً كبيرة بالعراقيين، لدرجة أصبح من الصعب جداً نسيانها أو التسامح معها. والرد الوحيد على سياسة الرئيس بوش، يجب أن يأتي عبر قيام الكونجرس بممارسة الضغوط اللازمة ووقف التمويل المطلوب. ومن المؤكد أن إبقاء الشبان الأمريكيين في عين العاصفة، لن يسفر عن أية أرباح أو انتصارات أو فوائد. وأي دعم للقوات العسكرية يكون عبر إخراجها من الأماكن الخطيرة، تماماً كما فعل الرئيس رونالد ريجان، بعد أن فقدنا قوات المارينز في لبنان. قد يشهد العراق، أو قد لا يشهد حرباً دموية بعد رحيلنا. فهذا شأن خاص بالعراقيين، ولا علاقة لنا به. إن البلد بلدهم. ولندعهم يتقاتلون إذا كانوا يريدون ذلك. وإدارة بوش لم تفعل شيئاً واحداً صحيحاً في الشرق الأوسط. والوضع في المنطقة كلها أسوأ، وأشد خطورة بسبب الأخطاء الفادحة لهذه الإدارة، ومن المؤكد أن الانسحاب الأمريكي سيكون مفيداً بالنسبة لكل طرف له علاقة بالأمر.
* كاتب أمريكي
ترجمة: جوزيف حرب