«ياصاحبي بكرة يجيلك يوم».!

يحيى باجنيد

هذا كلام لا (يودِّي) ولا (يجيب).. ولا يضر ولا ينفع.. تحمله الريح لجهات الدنيا الأربع.. يرتطم بآذان الحيطان ويرجع..! انه كلام في الريح.. فماذا تأخذ الريح من البلاط؟!
قال لي صاحبي (المناكف)، بعد أن أسمعته كلاماً (مدوزناً) ضاق به صدري فأرحت نفسي منه بالبوح:
- أنت فنان (مشعتر) لو تلاقي أحد يلْملمك..
وها أنت تدخل (قائمة) الذين هم في كل واد يهيمون.!
قلت له: إن كنت أنا من (الهائمين) فلا شك أنك من (الغاوين) لأنك (تتبعني) حتى أنك تأتيني في عز النوم..
قال فرحاً: صحيح بتحلم بي؟!
قلت: ليست أحلاماً وانما هي (الكوابيس) التي
يحركها صاحبك (شوشو)!
قال: هل تنكرت لـ (شوشو) وهو الذي جعلك
تستشعر و (تتفشخر)!.
قلت: بل جعلني عبرة لمن يعتبر، ورزأني بك وجعلك تطبق على أنفاسي زمناً طويلاً!.
وسكتُّ.. ثم أخذت (أرمم) كلامي وأحاول
أن أردم (الحفر).. وألملم ما تناثر في وجه صاحبي
من الحجارة و (الجراويل)، بعد أن كتم كلامي (مناسمه)،
فانتفخت (جغوده) وتزمزت (براطمه)، قلت له:
- ترأنا بأمزح.. أنت زعلت؟!
قال: لا.. أنا ما أزعل منك أبداً!.
قلت: ليه؟!
قال: عشان إنت (ما عليك شرهة)!.
وضحكنا أنا وصاحبي (المناكف).. ثم انه بعد
أن راق مزاجه وتنسمت أوداجه، هش وبش، وذكرني
بـ (الحوش والمرش) الذي بيننا وقال:
- أنا عارف.. انتاخذت على خاطرك مني
عشان قلت عنك (مشعتر)..
قلت: بالعكس.. أنا فعلاً (مشعتر) وعاجبتني
هذه (الشعترة).. مرة أكتب للجرايد.. ومرة أرسم..
مرة أطلع في اذاعة.. ومرة أطلع في (البخت).. ومرة
يطلع لي واحد (زيك) وأطلع من (هدومي)!.
قال: أنت مو بس (مشعتر).. انت مجنون بنمرة واستمارة!.
قلت: هو كمان (الجنان) له نمرة واستمارة
قال: ايوه.. بس (الجنان) ما له (تصريح).. عشان
لا يسير (البحر طحين)!.
وضحكنا أنا وصاحبي (المناكف).. ولما صفا قال:
- هيا سمعني شوية من (المشعتر)
قالت: (المشعتر) ما يتلملم.. زي "نقل السرارة)
اللي ينثروه بعد (الزيارة).. تبغى (حلاوة حمصية)..
ولاَّ (قعقع) ولا تبغى من دا على دا (اخبط وارقع)؟.
قال: كله (يتقرمش).. بس ياريت يكون
معاه شوية (حبحبوه)!.
قلت: اسمع يا سيدي:
يا صاحبي بكرة يجيلك يوم
بعدي وتتشفشف على طلة
وان لمتني مالك علياَّ لوم
تغلط وأقعدلك على الزلة
خللي بالك وافتكر مين ابتدا
دي فعالك جاوزت كل المدى
حتى لو شفت لي هادا ودا
اللي سلا مهما غلى نبيعه!.
قال صاحبي: قلبك أسود..
قلت: يتورالك.. انا قلبي صغير على قدي:
الاسيَّة يا حياتي
تقطع أوتار القلوب
واللي جرب نار حبك
بعدها لازم يتوب
غلطة الشاطر بمية
بعتني وراحت عليك
كنت لك عز الطلب
واللي جاني منك كافي
ويا ما فايز أنغلب
حتى في الوقت الاضافي
غلطة الشاطر بمية
بعتني وراحت عليك!.
وقفز صاحبي (المناكف) طرباً، بعد هَمَزَه
(شوشو)، وقال لي وهو يهم بالانصراف مع (المذكور):
- المثل يقول.. خذوا الحكمة من أفواه المجانين،
فما هي حكمتك يا صاحبي (المجنون)؟!
قلت: لو بقي في حياتك (يوم واحد بس)
عيشُه على كيفك.. وأخصُرهم كلهم يا صاحبي!.