إسقاط الولاية!
الاثنين / 02 / محرم / 1438 هـ الاثنين 03 أكتوبر 2016 23:33
هيلة المشوح
عندما شرعت قبل عدة أشهر في إنهاء إجراءات شراء سيارة خاصة باسمي ومن مالي و«شقاي» توقفت العملية لحين إحضار «الولي» الذي هو المخول بالتوقيع والاستلام، واعتذر مسؤول المبيعات أن هذا إجراء رسمي لإنهاء باقي الخطوات من «الجهات المختصة»، وهذا نموذج من واقع يومياتنا المليئة بحالات تجاوزت الشراء والبيع إلى الامتهان بشتى أشكاله.
تتوالى المطالبات في وسائل التواصل بإسقاط الولاية المُمارسة على المرأة في هاشتاقات يومية وتفاعل كبير من المغردين في تويتر أوصلها لترندات عالمية؛ فالولاية في وقتنا الحالي أصبحت قيدا وعرقلة وتعطيلا لحياة المرأة وما يتبعه من التسلط على أدق تفاصيل حياتها من «بعض» الأهل كالعضل والتحكم في التعليم والتخصص الجامعي والابتعاث والتصرف بالإرث..إلخ من أشكال الولاية التي لم ينزل الله بها من سلطان لا في كتابه الكريم ولا نصوص سيد البشر.
تضاربت الرؤى والأقوال من الناحية الفقهية، فهناك من تمسك بفرضها على المرأة وثبوتها شرعاً دون حجج مقنعة أو أدلة قطعية، وآخرون يرون بعدم صحتها شرعاً -أي الولاية- والخلط بينها وبين القوامة أو بينها وبين المحرم الذي لا تسافر المرأة إلا به لحمايتها في ظروف زمانية ومكانية خاصة كما تفضل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ (عبدالله المنيع).
تمر المرأة في مجتمعنا بمرحلة مفصلية لم تعد بعض التقاليد والعادات تستطيع أن تحكمها -أعني المرحلة- بل إنه من الجهل تمريرها كالسابق والرضوخ لها، فقد أصبحت المرأة عاملا فاعلا في مجتمعها وأسرتها ومسؤولة في أغلب الحالات عن الصرف وإدارة الشؤون العائلية ومتابعة الأبناء، ولن أبالغ حين أقول إن المرأة أكثر فاعلية من الرجل في كثير من الحالات في مجتمعنا.
فالمرأة التي تعمل بالتجارة والتعليم والطب والبيع والشراء وفي مجالات لا حصر لها، عندما يعتمد عليها في كل ذلك ثم تنزع منها ولاية نفسها فهذا بلا شك خلل يتطلب المعالجة الفورية تبعاً لمتغيرات العصر ومتطلبات المرحلة، فكفانا تشبثاً بأمور لا تمت للدين بصلة ولو حاول البعض ذلك، فنحن مجتمع انقسم على بعضه في حقوق نصفه الآخر «المرأة» فباتت ورقة تستخدم للتخويف من المستقبل والتغريب..إلخ كديدن المتشددين الذين اعترضوا على تعليمها وعملها وأدق تفاصيلها حتى شكل وخامة عباءتها ومقاس فتحة نقابها، مروراً بالتدخل في بيع ملابسها الداخلية تحت عيونهم ورقابتهم!
ما يمارس ضد المرأة من أمور ليست من الشرع وخاضعة لسطوة التقاليد والنزعة الذكورية، تستوجب إجماع وتوحيد الرأي من لجنة خاصة وعلى مستوى من الحكمة والاعتدال والاتزان، خصوصاً أن المسألة مجرد اختلاف في الرؤى، لإنهاء هذه الحالة التي تجاوزت حدود العادات إلى ممارسات لا يطبقها ولا يقرها مسلم من عنف وظلم وانتهاك لحقوقها ومعاملتها كقاصر، حتى في حالات العنف التي تستدعي إيداعها في دور الحماية كالسجينة، فتصبح كالجاني وهي المجني عليه، فلا تستطيع الاستقلال بعيداً عن معنفها أو ظالمها بحياة كريمة!
نتحدث عن نصف المجتمع يا سادة.. «المرأة» التي قام الوطن على مشاركاتها ونتاجها، فكيف نعترف بها ونثق بقدراتها أمام هذه المهام الجمة، ثم نقصيها عندما يتطلب الأمر الاعتراف بحقوقها وكرامتها وولاية نفسها؟!.