متحف العلاقات المكسورة
الاثنين / 02 / محرم / 1438 هـ الاثنين 03 أكتوبر 2016 23:53
عبير الفوزان
تقدم المتاحف خدمة اجتماعية تساهم في تطوير المجتمع ثقافيا، وحضاريا، وإنسانيا.. فالمتاحف ليست مجرد مقر يحتوي على المقتنيات القديمة، أو الأثرية فقط.. بل تمثل تاريخا حضاريا وثقافيا يستحسن الوقوف عليه، كما أنها رافد من روافد السياحة التي لا غنى عنها. ولكن أن تكون المتاحف متشابهة في مقتنياتها، لاسيما تلك المتاحف الخاصة التي تقام بمجهودات فردية فإن هذا الرافد يحتاج إلى من يرفده أيضا!
بلا شك أننا نملك كما من المقتنيات واللقى الأثرية التي تشي بتاريخ مجيد وحضارة إنسانية فريدة يجهلها المواطن قبل السائح، وتعد مفخرة لهذه الأرض، ولكن هل متاحفنا ممتعة بما يكفي، وهل هي مثيرة تجعل الزائر يتمهل أمام معروضاتها.
بما أن ذائقة الناس تختلف بناء على ثقافاتهم ووعيهم، فإننا نفتقر لتلك المتاحف التي تستدعي الدهشة، وتسترعي الاهتمام، فمتاحفنا العامة متشابهة، أما الخاصة المفتوحة للعامة فإنها تكدس مقتنيات تراثية لا تمثل فرادة في هذا الزمن. إننا نفتقر للمتحف الفني، والمتحف الاجتماعي الذي يوثق مرحلة.. والمتحف الحديث الذي يحرض على التطلع للمستقبل.
في بلدان العالم متاحف يتمهل أمامها السائح حتى لو لم تكن مقتنياتها بتلك القيمة المادية، أنشئ بعضها بمجهود تطوعي أو فردي، ثم تحولت إلى وجهة للسياح، ونالت من الشهرة ما لم تنلها المتاحف الكلاسيكية.
مثلا.. في زيغرب عاصمة كرواتيا يوجد متحف يسمى: Museum of Broken Relationships، مقتنياته وقصصه من أشخاص ليست لهم مكانة اجتماعية، لكنهم مروا بتجارب فاشلة في علاقاتهم الإنسانية، جعلتهم يوثقون هذه التجربة المريرة مع مقتنى يدل عليها.. المتحف يأسر شريحة كبيرة من الشباب والشابات.. يتمهلون كثيرا عند معروضاته البسيطة ويقرأون القصص، ويستلهمون من التجارب الفاشلة فكرة مغايرة.. المتحف يجمع بين المتعة والألم، ويحتوي على تذكارات للبيع يحملها السائح بعد أن يقرأ قصص الفشل الكرواتية التي جعلت من ذلك المتحف البسيط ناجحا بكل المقاييس.
هيئة السياحة والتراث الوطني عليها أن تفتح ذراعيها لأصحاب الأفكار الخلاقة والمستقبلية، فالشباب بتجاربهم وآمالهم من حقهم أن ينالوا نصيبا من هذا الرافد السياحي (المتاحف).. فزمن أصحاب المتاحف التراثية الخاصة، التي تتكدس فيها مقتنيات تراثية يعلوها الغبار والحشرات- لا بد أن يولي.