كتاب ومقالات

مجتمع سعودي جديد

نقطة في بحر

محمد العصيمي

أستطيع أن أقول الآن، بعد مراقبة ردود فعل الناس على قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالعلاوات والبدلات، أننا أصبحنا بإزاء مجتمع سعودي جديد يعرف قيمة القرش وسيتعرف شيئا فشيئا كيف يصرفه وكيف يحسبه وكيف يدخره. أنا من هذا المجتمع وليس هناك أبلد مني في التدبير أو الادخار. ولا أظن أن كثيراً من السعوديين أحسن حالاً من حالي، فقد تعودنا الصرف بلا حساب وغابت لدينا، مع مداخيل النفط وكرم الحكومة، فضيلة أو ثقافة التوفير اتقاء للأيام الاقتصادية الرمادية.

وما دمنا في سياق المثل والتجربة الشخصية، التي تنطبق فيما أعتقد على الغالبية منا، دعوني أروي لكم حكاية زوجتي مع التوفير. بعد قرابة عشرين سنة من الصرف عمال على بطال سمعت زوجتي كلامي وفتحت قبل سنتين حساب توفير تودع فيه تلقائياً ثلث راتبها. وبالرغم من محدودية هذا الراتب إلا أنها اكتشفت أنها وفرت مبلغاً جيداً أسعف كثيراً من حاجاتها الضرورية، في الوقت الذي لم يتغير عليها شيء قبل وبعد التوفير.

طبعاً هي الآن، أيضاً كما هو حال كثيرين وكثيرات وكما هي حالي، تضرب أخماساً في أسداس لأنها ضيعت مبالغ طائلة في السنوات السابقة لا تتذكر حتى أين صرفتها. هذا يعني أننا في الوقت الذي امتلكنا فيه جودة المداخيل المالية الشخصية لم نملك ثقافة وجودة التعامل معها. وهذا يعود في جزء منه إلى أن الوزارات لم تعمل على إنشاء ثقافة اقتصادية مجتمعية رشيدة يتعلم فيها الناس كيف يكسبون وكيف يصرفون وكيف يدخرون.

لذلك كان لا بد من حالة تفرض نفسها اقتصادياً رغماً عنا لكي نصحو من سباتنا وركوننا إلا أن الوضع الاقتصادي لن يتغير. وهذا هو ما حدث مع صدمة إلغاء البدلات والعلاوات حيث سحب الناس أوراقهم وأقلامهم وبدأوا يرصدون ما يصرفون وما يوفرون. واستغنوا عن كثير من الزوائد، بل استغنوا عن بعض ما اعتبروه في السنوات السابقة من الضروريات. وإلى الآن، بالمناسبة، ليس لدى الوزارات برامج تثقيفية توعوية في المجال الاقتصادي بشكل عام والمجال الادخاري بشكل خاص وسيبقى الناس يتعلمون فقط من الصدمات التي لا مهرب منها. كان الله في عوننا.

osaimin143@gmail.com