عنزٌ ولو طارت!
الخميس / 05 / محرم / 1438 هـ الخميس 06 أكتوبر 2016 18:37
سارا علي آل الشيخ
يظنّ المتعصّبون أنّهم يملكون الحقيقة الوحيدة، وهو جهلٌ يقعونَ فيه، وإذا كان المرءُ عدوّ ما يجهله، فإنّهُ عدوٌ لنفسه – في المقام الأول - إذا كان جاهلاً!
نشاهدُ يومياً مقالات الكُرْه التي تتطايرُ كالجراد، فمنها ما يكونُ شائعةً لزعزعة فريقٍ ما، ولا أقصدُ فريق كرة قدم، بل كلّ فريقٍ يعملُ وينتظرُ فريقٌ آخرٌ سقوطَه، ومنها ما يكونُ ذمّاً وانتقاصاً، ومنها ما يكونُ سعياً لإثبات الكمال على حسابِ الانتقاص من الآخر، كلّ ذلك يجري في المجتمع كما يجري الشيطانُ من ابن آدمَ مجرى الدم.
منذ مدةٍ ليست بالقصيرة.. حرصت الحكومات على نبذ التعصّب، أو بطريقةٍ أخرى حرصَت على الاستماع إلى (الآخر) دونَ أن تُعطي الآخرَ حقّ العبث بما هوَ مقرّرٌ سلَفاً، تخيلوا أنْ تقرّ حكومةٌ قانونَ حريةٍ ليستخدمهُ الغيرُ في تقويض حرّيات الآخرين من منطلق (أنا حُرّ)!
ليست الحرّيةُ وقاحةً.. وإلا لما قالَ النبيّ عليه الصلاةُ والسلام «إنْ كانَ فيهِ ما تقولُ فقد اغتبته، وإن لمْ يكُن فقد بهتّه» إشارةً إلى ذِكر أخيك المسلم بما يكره، وليست الحرّيةُ ادّعاءً.. وإلا لكانَ ما قالهُ إبليسُ صحيحاً «أنا خيرٌ منهُ خلقْتني من نارٍ وخلقتهُ من طين»، إنما هيَ ببساطةٍ «أنْ لا تتجاوَزَ حرّيات الآخرين»!
وشأنُ التعصّبِ هو شأنُ الحرّية.. فكما كانت الحرّياتُ محرّمةً إذا تجاوزَتْ ما للناس، يكونُ التعصّبُ محرّماً إذا تجاوزَ على الناس.
ويكفي بالتعصّبِ نَبْذاً أنّ ديننا قد أخرجَ فاعلَهُ منه، قالَ نبيّنا عليه السلام «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إلى عَصَبِيَّة، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّة، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّة»، ويا ليتَ قومي يعلمون، ولو كانَ التعصبُ نعمةً لما غرقت أوروبا في حروبٍ ومذابح حتى أعادت باب النقاش، ولو كانَ إجباراً لما خيّرَ اللهُ الناسَ في قوله «فمَن شاءَ فليُؤمنْ ومَن شاءَ فليكفُر»!
وليس للتعصّب من شفاءٍ إلا بأمرين.. أحدهُما التقبّلُ وهوَ أهمّهما، والآخرُ التسامح، لأنّ العِلمَ بالوعي لا بالتلقين، وإلا لأزالَ العالمُ هذه المعضلة بانتشار العِلم، لكنّ (الثقافةَ) قائمةٌ على ما قبلها، إما أنْ تصحّح مسارَها وإما أنْ تمرّ عليها مرورَ الكرام، وهذا عائدٌ إلى الشخص لا إلى ثقافتهِ وعلمه!
في النهاية أقول: إنّ ديناً قائماً على التخيير، ونبيّاً مُرسلاً للتآلف، لا يُمكنُ أن يخلّفا جيلاً يتشدّد لما يؤمنُ بهِ وإن كانَ خاطئاً، لنَعُد إلى أنفسنا أولاً، فالتعصّبُ الناشئ عن اختلافٍ أو ائتلافٍ هو هادمٌ ومُنتِن، من عهدٍ قِيلَ فيه «ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ... غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ»، إلى عهدٍ طارَت فيهِ عنزة!
نشاهدُ يومياً مقالات الكُرْه التي تتطايرُ كالجراد، فمنها ما يكونُ شائعةً لزعزعة فريقٍ ما، ولا أقصدُ فريق كرة قدم، بل كلّ فريقٍ يعملُ وينتظرُ فريقٌ آخرٌ سقوطَه، ومنها ما يكونُ ذمّاً وانتقاصاً، ومنها ما يكونُ سعياً لإثبات الكمال على حسابِ الانتقاص من الآخر، كلّ ذلك يجري في المجتمع كما يجري الشيطانُ من ابن آدمَ مجرى الدم.
منذ مدةٍ ليست بالقصيرة.. حرصت الحكومات على نبذ التعصّب، أو بطريقةٍ أخرى حرصَت على الاستماع إلى (الآخر) دونَ أن تُعطي الآخرَ حقّ العبث بما هوَ مقرّرٌ سلَفاً، تخيلوا أنْ تقرّ حكومةٌ قانونَ حريةٍ ليستخدمهُ الغيرُ في تقويض حرّيات الآخرين من منطلق (أنا حُرّ)!
ليست الحرّيةُ وقاحةً.. وإلا لما قالَ النبيّ عليه الصلاةُ والسلام «إنْ كانَ فيهِ ما تقولُ فقد اغتبته، وإن لمْ يكُن فقد بهتّه» إشارةً إلى ذِكر أخيك المسلم بما يكره، وليست الحرّيةُ ادّعاءً.. وإلا لكانَ ما قالهُ إبليسُ صحيحاً «أنا خيرٌ منهُ خلقْتني من نارٍ وخلقتهُ من طين»، إنما هيَ ببساطةٍ «أنْ لا تتجاوَزَ حرّيات الآخرين»!
وشأنُ التعصّبِ هو شأنُ الحرّية.. فكما كانت الحرّياتُ محرّمةً إذا تجاوزَتْ ما للناس، يكونُ التعصّبُ محرّماً إذا تجاوزَ على الناس.
ويكفي بالتعصّبِ نَبْذاً أنّ ديننا قد أخرجَ فاعلَهُ منه، قالَ نبيّنا عليه السلام «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إلى عَصَبِيَّة، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّة، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّة»، ويا ليتَ قومي يعلمون، ولو كانَ التعصبُ نعمةً لما غرقت أوروبا في حروبٍ ومذابح حتى أعادت باب النقاش، ولو كانَ إجباراً لما خيّرَ اللهُ الناسَ في قوله «فمَن شاءَ فليُؤمنْ ومَن شاءَ فليكفُر»!
وليس للتعصّب من شفاءٍ إلا بأمرين.. أحدهُما التقبّلُ وهوَ أهمّهما، والآخرُ التسامح، لأنّ العِلمَ بالوعي لا بالتلقين، وإلا لأزالَ العالمُ هذه المعضلة بانتشار العِلم، لكنّ (الثقافةَ) قائمةٌ على ما قبلها، إما أنْ تصحّح مسارَها وإما أنْ تمرّ عليها مرورَ الكرام، وهذا عائدٌ إلى الشخص لا إلى ثقافتهِ وعلمه!
في النهاية أقول: إنّ ديناً قائماً على التخيير، ونبيّاً مُرسلاً للتآلف، لا يُمكنُ أن يخلّفا جيلاً يتشدّد لما يؤمنُ بهِ وإن كانَ خاطئاً، لنَعُد إلى أنفسنا أولاً، فالتعصّبُ الناشئ عن اختلافٍ أو ائتلافٍ هو هادمٌ ومُنتِن، من عهدٍ قِيلَ فيه «ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ... غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ»، إلى عهدٍ طارَت فيهِ عنزة!