كتاب ومقالات

هل نفرح بالأخضر؟

جـدل

صالح الفهيد

أكتب هذه السطور بعد دقائق من إطلاق صافرة النهاية في مباراة منتخبنا أمام أستراليا، وما زلت تحت تأثير الفرحة الغامرة بالأخضر التي اجتاحت كل يباس سنين الغياب والتخلي، وكنت أسأل نفسي هل الفرحة التي حلقت بنا جميعا هي بسبب تعادلنا مع المنتخب الأسترالي القوي الذي كانت دائما له اليد الطولى في جميع مبارياتنا معه؟ أم الفرحة بعودة شيء من روح الأخضر التي غابت طويلا.. أجل، طويلا جدا؟

ومن رحم الفرحة تتناسل التساؤلات: ألسنا نقلل من شأن منتخبنا عندما نفرح لأنه لم يخسر أمام أستراليا؟ وعندما نحتفل بنقطة على أرضنا ووسط جمهورنا؟

لكن هذه التساؤلات المشروعة تتغافل عن حقيقة ما جرى في ملعب الجوهرة، لقد كانت أرض الملعب هي أرض معركة استعادة الهيبة، والمكانة، والروح، واستعادة الحق الضائع منذ أكثر من عقد.

لقد خاض أبطالنا هذه المعركة بازدهار جسدي ونفسي واضح، كان كل واحد منهم بطلا، وكان الفريق كتيبة مدججة بإرادة الانتصار الذي كاد أن يتحقق إلا قليلا.!

في أمسية الجوهرة لم يلعب نجومنا فقط بأقدامهم المرصعة بالمجد والأمل، بل لعبوا أيضا برؤوسهم التي كانت حامية ولا حدود لجغرافية طموحاتها إلا الوصول لأرض الروس.

أما الجمهور الذي وفر الغطاء المعنوي والنفسي لأبطالنا وهم يخوضون معركة العودة، فحدث عنه ولا حرج، قل ولا تخف عن حشود كانت تمد نجومنا بالقوة والعزيمة ليعود من أزمنة الغياب إلى المستقبل، أجل.. المستقبل.

هل شاهدتم كيف أن عبدالله بن مساعد، وكل من في الملعب وقفوا مشدودين، كانوا وكنا نتابع المباراة بحواسنا الخمس، بينما كان أبطالنا يتقدمون بنا في أرض الملعب، يأخذوننا إلى المكان الذي يليق بنا وبتاريخنا وإنجازاتنا المذهبة.

لكن.. فرحتنا بالأخضر يجب أن لا تنسينا أن الطريق إلى موسكو لا تزال طويلة، ومحفوفة بالتحديات الصعبة والحقيقية، وأننا موعودون في المحطة التالية بمباراة من العيار الصعب أمام منتخب الإمارات الشقيقة، يهمنا أن نكسبها بالمستوى والنتيجة لتترسخ ثقة الجماهير بأن الروح التي ظهر بها منتخبنا أمام أستراليا ليست ومضة عابرة يعقبها انطفاء.