قرارات سيخلدها التاريخ
الاثنين / 09 / محرم / 1438 هـ الاثنين 10 أكتوبر 2016 00:08
عبدالرحمن اللاحم
في إحدى ليالي شهر نوفمبر من بداية الستينات الميلادية أصدر الراحل الملك فيصل رحمه الله قرارا تاريخيا بإلغاء الرق وتحرير الرقيق، وتحملت الدولة يومها الكلفة المالية المترتبة على تحريرهم، ونفذ القرار بصرامة وحزم، وشوهد ليلتها العشرات من الرقيق يتسلقون جدران منازل أسيادهم المنيعة هاربين من قيد الرق إلى فضاء الحرية التي لم يعرفوا لها طعما ولم يحلموا انهم سيستنشقون عبقها في حياتهم.
لم يصدر القرار دون معارضة بل جُوبه بمعارضة شرسة من الإقطاعيين وتجار الرقيق الذي دمّر القرار إمبراطورياتهم فلم يكن أمامهم إلاّ مواجهته، لكن بأدوات دينية لا من منطلقات تجارية، فصدرت الفتاوى وضجت المنابر بالخطب ضد القرار، لكن كل تلك المحاولات فشلت أمام إصرار الدولة وإدراكها أن مصالح الدولة العليا وتكيفها مع قيم العالم الجديدة أولى بالعناية من مجموعة من تجار البشر وحوانيت النخاسة، الذين لا تهمهم إلا تورم جيوبهم وتمدد ممالكهم.
هذا نموذج فريد وملهم حدث في وقت مبكر من عمر هذه الدولة، وكيف أنها لم تقف عصيّة عن التطور والتكيف مع تغيرات هذا العالم المتحرك الذي لا يهدأ، وفي الوقت نفسه لم تخرج الدولة عن قيم التأسيس حيث الالتزام الصارم بثوابت الشريعة وقواطعها والتي لا تعني بالضرورة الالتزام بفتوى محددة لرجل دين معين أو مجموعة من الساكنين في مكان ناء من التاريخ والعاجزين عن التواصل مع أهل هذا الكوكب بلغة أهل هذا الكوكب، فكل ما يقولونه ويفتون به من المتغيرات التي تسعها قواعد الشريعة وفقا لمصالح الدولة والمجتمع، وهذا ما ميز ذلك القرار التاريخي حيث الانحياز لمفهوم الدولة الحديثة المرنة التي لا يمكن لجماجم الفقهاء الأحياء منهم والأموات أن تتحكم في حاضرها ومستقبلها.
لذا نحن بحاجة في هذه المرحلة أن نستلهم ذلك النموذج الفريد ونحن نتعاطى مع الكثير من القضايا الاجتماعية والمسائل القانونية التي سببت لنا صداعا في الداخل والخارج دون أن يكون في تأجيلها أي فائدة، بل أصبحت ككرة الثلج التي تتورم يوما بعد آخر، ويأتي على رأس تلك القضايا المؤجلة قضايا النساء وحقوقهن في العمل والاستقلال وانعتاقهن مما يسمى بالولاية وحقهن في قيادة سياراتهن دون الحاجة لأن يستقدمن رجلا من أقاصي آسيا ليوصلهن الى أعمالهن أو مدارسهن ويشاركونهن اقواتهن، لا لشيء إلا لأنهن نساء لا يملكن من أمورهن شيئا.
كل تلك القصص هي صغيرة مقارنة بقرار تحرير الرقيق الذي اتخذ في ليلة، وأصبح نقطة مضيئة في تاريخ مُتخذه، بينما لا نتذكر من عارضه أو جيّش الناس لمعارضته.
لم يصدر القرار دون معارضة بل جُوبه بمعارضة شرسة من الإقطاعيين وتجار الرقيق الذي دمّر القرار إمبراطورياتهم فلم يكن أمامهم إلاّ مواجهته، لكن بأدوات دينية لا من منطلقات تجارية، فصدرت الفتاوى وضجت المنابر بالخطب ضد القرار، لكن كل تلك المحاولات فشلت أمام إصرار الدولة وإدراكها أن مصالح الدولة العليا وتكيفها مع قيم العالم الجديدة أولى بالعناية من مجموعة من تجار البشر وحوانيت النخاسة، الذين لا تهمهم إلا تورم جيوبهم وتمدد ممالكهم.
هذا نموذج فريد وملهم حدث في وقت مبكر من عمر هذه الدولة، وكيف أنها لم تقف عصيّة عن التطور والتكيف مع تغيرات هذا العالم المتحرك الذي لا يهدأ، وفي الوقت نفسه لم تخرج الدولة عن قيم التأسيس حيث الالتزام الصارم بثوابت الشريعة وقواطعها والتي لا تعني بالضرورة الالتزام بفتوى محددة لرجل دين معين أو مجموعة من الساكنين في مكان ناء من التاريخ والعاجزين عن التواصل مع أهل هذا الكوكب بلغة أهل هذا الكوكب، فكل ما يقولونه ويفتون به من المتغيرات التي تسعها قواعد الشريعة وفقا لمصالح الدولة والمجتمع، وهذا ما ميز ذلك القرار التاريخي حيث الانحياز لمفهوم الدولة الحديثة المرنة التي لا يمكن لجماجم الفقهاء الأحياء منهم والأموات أن تتحكم في حاضرها ومستقبلها.
لذا نحن بحاجة في هذه المرحلة أن نستلهم ذلك النموذج الفريد ونحن نتعاطى مع الكثير من القضايا الاجتماعية والمسائل القانونية التي سببت لنا صداعا في الداخل والخارج دون أن يكون في تأجيلها أي فائدة، بل أصبحت ككرة الثلج التي تتورم يوما بعد آخر، ويأتي على رأس تلك القضايا المؤجلة قضايا النساء وحقوقهن في العمل والاستقلال وانعتاقهن مما يسمى بالولاية وحقهن في قيادة سياراتهن دون الحاجة لأن يستقدمن رجلا من أقاصي آسيا ليوصلهن الى أعمالهن أو مدارسهن ويشاركونهن اقواتهن، لا لشيء إلا لأنهن نساء لا يملكن من أمورهن شيئا.
كل تلك القصص هي صغيرة مقارنة بقرار تحرير الرقيق الذي اتخذ في ليلة، وأصبح نقطة مضيئة في تاريخ مُتخذه، بينما لا نتذكر من عارضه أو جيّش الناس لمعارضته.