كتاب ومقالات

الحجر على المهايطية

أحمد عجب

مؤلم جداً، حين تجلس أمام الشاشة وترى تلك البلدة الإفريقية يتضور أهلها جوعاً وقد تحولت أجسامهم لهياكل عظمية، ثم تأتيك رسالة جوال، تتضمن مشهد عزومة عائلية كل واحد جالس على مفطح وإللي ينتهي يغسل يديه بدهن العود، مؤلم جداً، حين ترى أطفال سورية المشردين وهم يسكنون المخيمات المهترئة ويعانون الخوف والفاقة والبرد القارس، ثم تأتيك رسالة جوال، لابنة تاجر المدينة وهي تحتفي بمولودها داخل جناح فندقي فاخر وقد صنعت من أوراق المال وروداً وأكاليل ودمى متنوعة، مؤلم جداً، حين لا يجد بعض المواطنين بنهاية الشهر ما يكفي لسداد الإيجار ومصاريف العيال، ثم تأتيك رسالة جوال لمالك إبل وأغنام يضع على أعناقها رشارش من الذهب الخالص!.

مثل هؤلاء الناس، يطلق عليهم باللهجة العامية (المهايطية)، أي أنهم يحدثون ضجة كبيرة دون أي فائدة تذكر، والحقيقة أن هذا المصطلح الحديث والمائع قد وفر لهم الحماية وأبعدهم عن التوصيف الشرعي والنظامي الذي يستحقونه، هؤلاء باختصار ينطبق عليهم وصف (السفهاء) لأنهم يبذرون أموالهم ويصرفونها في غير موضعها الصحيح!.

لا يزال هؤلاء المبذرون يصورون حماقاتهم ويبثون مقاطعهم المستفزة وهم (يلعبون بالفلوس لعبا)، هؤلاء لديهم أموال طائلة وزائدة عن الحاجة ولا يقدرون قيمتها، ولهذا اقترح تفعيل النصوص الشرعية والنظامية والبدء بإجراءات الحجر على كل سفيه بما يضمن صيانة هذه الأموال المهدرة وحفظها للمصلحة العامة.

مردود الحجر هنا، لن يكون اقتصادية فقط، بل سيمتد أثره للإصلاح المعنوي والاجتماعي، وأول هذه الفوائد هي اتقاء غضب الله سبحانه، فكم من قرية أهلكت وتبدلت أحوالها بسبب الكفر بالنعمة، وثانيها، إبراز صورتنا الحضارية التي تنبذ الإسراف ومظاهر البذخ، وثالثها، الحفاظ على سمعتنا أمام هذا العالم، فمن غير اللائق أن يظهر سعودي يتباهى بالنعمة الفائضة فيما يبحث إنسان في دولة أخرى عن قطة أو غراب يأكله!.

قائمة (المهايطية) طويلة للغاية، منهم من أشرنا إليهم في صدر هذه المقالة، ومنهم ما اصطلح على تسميتهم (أعضاء شرف) يضخ الواحد منهم عشرات الملايين في السنة لدعم خزينة ناديه المفضل دون أي عائد مالي يذكر، ومنهم أيضاً، من يدخلون مزادات هابطة بملايين الريالات إما لشراء لوحة سيارة مميزة أو منديل يعود لمغنية!.

إن ما ستجنيه البلاد من مثل هؤلاء السفهاء لن يكون فيه إهدار لكرامة الآدمي كما يتخيل البعض، بل سيمثل حماية لأنفسهم من عقولهم الصغيرة إلى جانب توظيف أموالهم (إللي ما يدرون وين يودونها) بما يخدم ويعزز الرؤية الوطنية، وحتى يكتمل المشهد فإنني أطالب بإشهار هذا الحجر من خلال منحهم فرصة التقاط صورة سيلفي أخيرة وهم يضعون ربط الدراهم في الخزينة، وعلى الصورة يظهر (فيس) مكشر وعبارة (هذه آخرة الهياط)!.