ثقافة وفن

نوبل تدخل دائرة فقدان الثقة

بعد أن توجت الأكاديمية السويدية بوب ديلان وضعت نفسها محل نقد المثقفين

سعيد بوكرامي (الدارالبيضاء)

رغم ما أحدثه منح جائزة نوبل للآداب للشاعر والمغني بوب ديلان من جدال عالمي مثير بين مؤيد ومعارض إلا أن بوب ديلان نفسه لم يتزحزح من برجه الأسطوري ليعبر عن شعوره بالتتويج غير المرتقب، رغم أن الصحافة الأمريكية وحتى الفرنسية تحدثت عن وجوده ضمن لائحة المرشحين منذ تسعينات القرن الماضي.

وأكد أحد أصدقائه المقربين منه المغني بوب نوويرث لوكالة فرانس برس أن بوب ديلان ظل نهار الخميس 13 أكتوبر «يوم الإعلان عن الجائزة» صامتا ولم يعلق بتاتا على الخبر. وأضاف «من الممكن جدا ألا يقول مطلقا كلمة (شكرا)» ورغم الحماس الكبير الذي استقبل به خلال حفلته الغنائية التي أقيمت ليلة الخميس نفسه في لاس فيغاس، فإنه تجاهل الحديث عن الموضوع، وكأنه مجرد مزحة. ومن المرتقب أن يتم تسليم الجائزة في العاشر من شهر ديسمبر. ويمكن جدا ألا يحضر بوب ديلان هذه المراسيم حسب تصريحات الصحافة الأمريكية المستقاة من المقربين من بوب ديلان والمستندة إلى شخصية المتوج ومواقفه الغريبة.

كاشفا أن منح ديلان جائزة نوبل للآداب، حدث مؤلم وقال «أنا أحب ديلان، ولكنه بلا أعمال أدبية، وأعتقد أن الأكاديمية السويدية وضعت نفسها محط سخرية العالم، وهذا الأمر مهين للكتاب».

أما الكاتب الأسكتلندي إيرفين ويلش فقد عبر عن غضبه بسخرية على حسابه في تويتر، بقوله إن أكاديمية نوبل منحت لديلان (75 عاما) وهو اختيار ليس للأدب وإنما لهذا «الهيبيي القديم الثرثار»، بينما قال الروائي ألان مابانكو «إذا كان بوب ديلان يستحقها، فإن جورج براسانس كان الأحق بها سلفا»، في حين عبر الروائي الشهير ستيفن كينغ عن سعادته قائلا: «هذا شيء عظيم وجيد في هذه السنة الرديئة والحزينة».

أما في عالمنا العربي فيمكن القول إن مرشحنا الوحيد والتليد الشاعر أدونيس ربما كانت خيبته مضاعفة لأن الجائزة لم تذهب إلى من هو أرفع قيمة أدبية أو شهرة أو دعما إعلاميا، كما كان يحدث في السنوات السابقة، ولكن بسبب أن لجنة الأكاديمية فقدت صوابها وسلمت جائزتها لمغن لا يملك أعمالا أدبية عظيمة. وفي عالمنا نفسه تباينت ردود أفعال المثقفين حول الجائزة، فمنهم من كان رأيه ساخرا والبعض الآخر بدا ساخطا وقليل منهم انحاز إلى بوب ديلان ليس من باب تفضيله للمغني الأمريكي وإنما من باب إعجابه بالعاصفة التي عصفت بقواعد وشروط منح جائزة نوبل للآداب التي بعثرت رياحها الجديدة صكوكها وبنودها الصارمة والسرية.

الكاتب أشرف أبو اليزيد يقول حول منح الجائزة لبوب ديلان «في مسألة فوز الشاعر الغنائي والمطرب الأمريكي بوب ديلان بجائزة نوبل في الآداب للعام 2016 علينا أن نؤكد أن اللجنة التي تختار باتت تفاجئنا وهي تسائل الأنواع الأدبية غير التقليدية، فمهدت لذلك العام الماضي حين اختارت صحفية توثيقية لها ثقل نوعي في السرد الأدبي هي سفيتلانا اليكسييفيتش لتفوز بالجائزة، إضافة إلى القصور العام في تعريف الأدب وقَصره على تلك الأشكال الأدبية التي نشأت مع مولد الشعر ونشوء الرواية، لذا نجهز قائمة الترشيحات وفق التصورات الأدبية الكلاسيكية، باعتبار الأدب كائنا متحفيا لا يتجدد، وهذا القصور في التعريف يفضي بنا إلى جمود في التجارب ويعرضنا لخوف من التجديد».

في حين اعتبر القاص والروائي محمود الريماوي أن جائزة نوبل ترى ما تراه، ثم أضاف «لا شك أن فوز موسيقي وشاعر غنائي بجائزة نوبل لهذا العام 2016 حمل مفاجأة كبيرة للكثيرين في الشرق والغرب، وفيها تعجب قد يلامس الامتعاض. مستغربا أن لا تعلن أسماء لجنة التحكيم أبداً. وبالتالي فإن الاعتراض مثله مثل التحبيذ، لا يُقدّم ولا يؤخّر. الجائزة لا تقبل الاستئناف أو النقض.

أما الشاعر والفنان السعودي سامي جريدي فيبدو سعيدا بفوز بوب ديلان، إذ يقول بهذا الصدد «من الجميل أن تتجه جائزة نوبل للآداب إلى مناطق أخرى جديدة لا تنفصل في حقيقتها عن عوالم الشعر والسرد والنقد التي اعتدنا في كل عام أن تعطى لمن يستحقها في المجالات السابقة، لكن هذا العام جاءت الدهشة كونها مُنحت لأهل الموسيقى والغناء.

يقول القاص والروائي المصري شريف صالح معقبا على منح نوبل لبوب ديلان «من المفترض أن جائزة «الآداب» متخصصة في كل إبداع يتعلق بالكلمة دون أي إضافات أخرى.. ومن ثم تخرج السينما والعروض المسرحية والكوميكس.. فرغم أن الكلمة أساسية فيها، لكن إبداعيتها لا تقتصر على الكلمة، وغالبًا ليست إبداعًا فرديًا.. فرغم أن ديلان يؤلف ويغني ويلحن لكن أعماله لا تُنسب إليه وحده، بسبب جماعية الأغنية. والأهم من ذلك أنها أعمال لا تكتفي بالكلمة».