كتاب ومقالات

مسك: حكاية سعودية تروى..

هاني الظاهري

مبهج فعلا ما تحققه «مؤسسة مسك الخيرية» من إنجازات تضاف للرصيد الوطني وتفتح نوافذ جديدة على العالم مجسدة «قوة سعودية ناعمة» في غاية الأهمية لتصحيح صورة مجتمع المملكة وثقافته وإظهار قدرات أبنائه على المستوى الدولي، بجانب نشاطها الثقافي اللافت محلياً.

قبل أيام أبرمت «مسك» اتفاقية شراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة لتصبح بذلك أول مؤسسة خيرية سعودية تسجل في «اليونسكو» كمنظمة دولية غير حكومية، وشريكا إستراتيجيا في منتدى الشباب الدولي الذي تقيمه المنظمة الأممية كل عامين, وهذه بلا شك خطوة تستحق الإشادة، إذ إن الغياب السعودي «غير الحكومي» عن المحافل الدولية ظاهرة استمرت لعقود طويلة دون معالجة حقيقية، وقد أسهم هذا الغياب للأسف في تكريس الصورة الرمادية عن ثقافة الداخل السعودي دوليا.

بالطبع مثل هذا التحرك لا يستغربه المتابع لأنشطة «مسك» منذ انطلاقتها قبل سنوات على يد سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بهدف رعاية وتشجيع التعلم وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب لتحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن، وهي تعلن باستمرار أنها تسعى لبلوغ أهدافها من خلال «خلق البرامج والشراكات مع المنظمات المحلية والعالمية ومجموعة متنوعة من الحاضنات، مستثمرة بشكل حقيقي وفاعل في تطوير رأس المال الفكري وإطلاق طاقات الشباب السعودي».

سنوات قليلة مرت كانت كفيلة بتحويل «مسك الخيرية» إلى حكاية سعودية تروى عبر اهتمامها بالمبادرات الجديدة والإبداعية متجاوزة بذلك الآلية النمطية للتحديث في هذه البقعة من العالم، فالعقلية الجمعية العربية ميالة منذ قرون إلى التقليدية والتحفظ تجاه الجديد ما تسبب في خلق أزمة حضارية للشعوب العربية ألقت بها في الدرك الثالث من العالم، وقد حان الوقت لكسر هذا الإطار والانطلاق نحو المستقبل بدعم من المؤسسات الأهلية غير الربحية التي تشكل في دول العالم الأول معامل ضخمة لصناعة التغيير والتقدم العلمي والثقافي.

من المبادرات التي تطلقها «مسك» في نوفمبر القادم مسابقة هاكاثون مسك 2016، وهي الأولى من نوعها لمبرمجي أنظمة الحاسب والتطبيقات الإلكترونية، إذ سيعمل من خلالها على مدى يومين نحو 400 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 18 و32 عاماً في كل من الرياض ولندن، يربطهم بث مباشر عبر الأقمار الصناعية للخروج بابتكار تقني يسهم في تحسين الخدمات الطبية والرعاية الصحية على المستوى العالمي، وسيحصل الفريق الفائز على دعم بقيمة 10 آلاف دولار (37500 ريال) مع تحويل اختراعه إلى مشروع استثماري، وما زالت فرصة المشاركة في المسابقة متاحة حتى الآن للموهوبين في مجال برمجة أنظمة الحاسب الآلي والتطبيقات الإلكترونية، حيث يمكنهم التقدم لها عبر موقع مسك الإلكتروني مباشرة.. فقط أتمنى من الفريق الفائز أن لا ينسى عمولتي من الجائزة كعادة عرب هذه الأيام!