كتاب ومقالات

عدالة القصاص

عبده خال

لم يكن البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية عابرا للمسامع كما يحدث دائما حين تعلن عن تنفيذ حكم القصاص بأحد الجناة، لكون تلك البيانات السابقة لم تحمل شخصية يمكن أن تحدث صدى لدى العامة أن تطبيق العدل على الجميع.

ولأول مرة تتسع مساحة الإصغاء عندما جاء نص تنفيذ القصاص بأحد الأمراء، ولأنه اقترف جرما فقد كان الإعلان عن تنفيذ حد القصاص حياديا فرفع عن القاتل شرف الإمارة وتساوى مع القتلة في ذكر اسمه مجردا وتثبيت جرمه الذي أدى إلى تمكين سلطات الأمن من القبض على الجاني (المذكور) وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب جريمته وبإحالته إلى المحكمة العامة صدر بحقه صك يقضي بثبوت ما نسب إليه والحكم عليه بالقتل قصاصا، وأُيد ذلك من محكمة الاستئناف ومن المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعا وأُيد من مرجعه بحق الجاني المذكور.

هذا هو إعلان وزارة الداخلية في صياغته الثابتة إزاء أي جريمة قتل، ولأننا ألفنا سماعه بهذه الطريقة وبهذه الصياغة فلم يختلف عن صياغته القديمة، ولأن القاتل كان أميرا ظننا للوهلة الأولى أن تكون صياغة الإعلان مغايرة والسبب في هذا الظن أن العدل لا يشمل جميع أطياف المجتمع لكن قتل أمير قصاصا أكد لنا عدالة الحكم وعدالة صياغة الإعلان في تنفيذ القصاص في القاتل.

وكانت ديباجة كل حكم صادر في كل حكم قصاص كإعلان تؤكده وزارة الداخلية أن تنفيذ القصاص يؤكد للجميع حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ على استتباب الأمن وتحقيق العدل وتنفيذ أحكام الله في كل من يتعدى على الآمنين ويسفك دماءهم، وتحذر في الوقت ذاته كل من تسول له نفسه الإقدام على مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره. والله الهادي إلى سواء السبيل.

ولأن خادم الحرمين الشريفين بدأ حكمه بتأكيد مقولته الشهيرة بأنه من حق أي مواطن مقاضاة الملك أو ولي العهد أو أي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة.

وما إعلان وزارة الداخلية في تنفيذ حكم القصاص بأحد أفراد الأسرة الحاكمة إلا عنوان حقيقي جسد مقولة خادم الحرمين الشريفين بأن للمواطن الحق باسترجاع حقه من أي كائن يكون.