قبل أن تسقط على الأوراق!
الجمعة / 27 / محرم / 1438 هـ الجمعة 28 أكتوبر 2016 01:03
رشيد بن حويل البيضاني
سأل بائع عسل بائع خل: ما بال الناس يشترون منك ويتركونني؟
فرد الرجل عليه قائلا: أنا أبيع الخل بلسان من عسل، وأنت تبيع العسل بلسان من خل. حقا، إنها الكلمة الطيبة التي تفتح للناس أبواب الأرزاق وأبواب القلوب، ومع أنها لا تكلف المرء منا شيئا، فإن كثيرين يضنون بها على خلق الله، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم حببنا في الكلمة الطيبة فقال: الكلمة الطيبة صدقة، فما أبخل الإنسان الذي يحرم نفسه ثواب هذه الصدقة التي تغيب عن الناس، فتراهم عبوسين متجهمين في مكاتبهم وفي متاجرهم، وكأنهم يملكون بنواصيهم أرزاق العباد، إذا ألقيت على أحدهم السلام، لا تسمع ردا، أو قد تسمع همسا، وكأنه يرى في من أمامه شخصا لا يستحق الرد، أما إذا تجاوزت هذه المرحلة وطلبت منه إنهاء معاملة، تراه عقد حاجبيه، ونظر إليك بحالة من القرف، وربما ألقى الأوراق في وجهك. ومارس سياسة التسويف، وطلب منك المرور على سعادته بعد أيام، وكأنك جئت تغتصب حقا من حقوقه.
نعم، يتسم كثير من تجارنا بالسماحة والخلق اللين، وتلك سجية متوارثة عن الآباء والأجداد، قبل أن يظهر النفط ويعتمد الناس على الوظائف المكتبية، التي سواء أدى واجبه أم لم يؤده، صرف راتبه آخر الشهر، ابتسم أم لم يبتسم، قابل الناس بوجه طلق أو عبس وتولى، أما التاجر فإن رزقه مرهون – بعد قدر الله تعالى– بلين أخلاقه، وطيب كلماته، وحسن معاملاته.
لقد نسي هؤلاء المتجهمون العابسون أصحاب الألفاظ النابية الجارحة التي يطلقونها في وجوه العباد، ومن خلفهم، أن الله تعالى قد حببنا في الكلم الطيب، وشبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة الضاربة بأصولها في أعماق الأرض، السامية العالية في عنان السماء، كما كرهنا في الكلمة الخبيثة التي لا أصل لها وهي إلى زوال.
والقضية هنا –وأعني قضية الكلمة الطيبة– ليست مقصورة في نطاق التجار أو الموظفين، بل إنها أعمق من ذلك، فهي قضية مصداقية الإعلام، الذي عليه أن يتحرى فيما ينشره وما يقدمه من برامج الدقة والصدق، فلا يعمد إلى خبيث القول من أجل ما يسمى بالسبق الصحفي، أو تحقيق شهرة، أو الوصول إلى منصب، فالكلمة أمانة، فمن منا يرغب في الاحتفاظ بأمانة «خبيثة» ويترك حمل «الأمانة الطيبة».
أولئك الذين يعتقدون أن النقد هو التجريح، فيطالون من أعراض الناس، وينشرون ما يسمعون دون تثبت وتمحيص، هم واهمون، فالنقد –أولا– يعني إبراز إيجابيات الشيء أو الشخص وسلبياته، دون تجريح أو إهانة أو سب أو شتم أو استهزاء أو احتقار.
هكذا رأينا كيف أن بائع الخل يلتف من حوله الناس، ويشترون منه، بينما انفض الناس عن بائع العسل وتركوه، والسبب واضح: «اللسان العسل» أي صاحب الكلم الطيب، و«اللسان الخل» أي صاحب الكلم الخبيث.
فليراجع كل منا سلوكياته، وليدقق في ألفاظه وكلماته ويتأنى قبل أن تخرج من فمه إلى آذان الآخرين، أو قبل أن تسقط على الأوراق فيقرأها القراء.
فاللهم ألهمنا قول الكلمة الطيبة، وجنبنا الخبيث من الكلم.
فرد الرجل عليه قائلا: أنا أبيع الخل بلسان من عسل، وأنت تبيع العسل بلسان من خل. حقا، إنها الكلمة الطيبة التي تفتح للناس أبواب الأرزاق وأبواب القلوب، ومع أنها لا تكلف المرء منا شيئا، فإن كثيرين يضنون بها على خلق الله، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم حببنا في الكلمة الطيبة فقال: الكلمة الطيبة صدقة، فما أبخل الإنسان الذي يحرم نفسه ثواب هذه الصدقة التي تغيب عن الناس، فتراهم عبوسين متجهمين في مكاتبهم وفي متاجرهم، وكأنهم يملكون بنواصيهم أرزاق العباد، إذا ألقيت على أحدهم السلام، لا تسمع ردا، أو قد تسمع همسا، وكأنه يرى في من أمامه شخصا لا يستحق الرد، أما إذا تجاوزت هذه المرحلة وطلبت منه إنهاء معاملة، تراه عقد حاجبيه، ونظر إليك بحالة من القرف، وربما ألقى الأوراق في وجهك. ومارس سياسة التسويف، وطلب منك المرور على سعادته بعد أيام، وكأنك جئت تغتصب حقا من حقوقه.
نعم، يتسم كثير من تجارنا بالسماحة والخلق اللين، وتلك سجية متوارثة عن الآباء والأجداد، قبل أن يظهر النفط ويعتمد الناس على الوظائف المكتبية، التي سواء أدى واجبه أم لم يؤده، صرف راتبه آخر الشهر، ابتسم أم لم يبتسم، قابل الناس بوجه طلق أو عبس وتولى، أما التاجر فإن رزقه مرهون – بعد قدر الله تعالى– بلين أخلاقه، وطيب كلماته، وحسن معاملاته.
لقد نسي هؤلاء المتجهمون العابسون أصحاب الألفاظ النابية الجارحة التي يطلقونها في وجوه العباد، ومن خلفهم، أن الله تعالى قد حببنا في الكلم الطيب، وشبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة الضاربة بأصولها في أعماق الأرض، السامية العالية في عنان السماء، كما كرهنا في الكلمة الخبيثة التي لا أصل لها وهي إلى زوال.
والقضية هنا –وأعني قضية الكلمة الطيبة– ليست مقصورة في نطاق التجار أو الموظفين، بل إنها أعمق من ذلك، فهي قضية مصداقية الإعلام، الذي عليه أن يتحرى فيما ينشره وما يقدمه من برامج الدقة والصدق، فلا يعمد إلى خبيث القول من أجل ما يسمى بالسبق الصحفي، أو تحقيق شهرة، أو الوصول إلى منصب، فالكلمة أمانة، فمن منا يرغب في الاحتفاظ بأمانة «خبيثة» ويترك حمل «الأمانة الطيبة».
أولئك الذين يعتقدون أن النقد هو التجريح، فيطالون من أعراض الناس، وينشرون ما يسمعون دون تثبت وتمحيص، هم واهمون، فالنقد –أولا– يعني إبراز إيجابيات الشيء أو الشخص وسلبياته، دون تجريح أو إهانة أو سب أو شتم أو استهزاء أو احتقار.
هكذا رأينا كيف أن بائع الخل يلتف من حوله الناس، ويشترون منه، بينما انفض الناس عن بائع العسل وتركوه، والسبب واضح: «اللسان العسل» أي صاحب الكلم الطيب، و«اللسان الخل» أي صاحب الكلم الخبيث.
فليراجع كل منا سلوكياته، وليدقق في ألفاظه وكلماته ويتأنى قبل أن تخرج من فمه إلى آذان الآخرين، أو قبل أن تسقط على الأوراق فيقرأها القراء.
فاللهم ألهمنا قول الكلمة الطيبة، وجنبنا الخبيث من الكلم.