الثوعي.. ريادة في النقد الاجتماعي من خلال شعر الزجل
الجمعة / 27 / محرم / 1438 هـ الجمعة 28 أكتوبر 2016 23:48
خديجة السيّد*
تُلقي هذه الورقة بعض الضوء على جانب من شخصية يتعذّر الإحاطة بكل مواهبها وقدراتها، ولا أبرأ من أن منطلقاتي وتأملاتي شخصية، وجمالية، وغير حيادية بالطبع؛ كون الكتابة عمن نحب محض تمرين على الذكرى، في غمرة تنامي النسيان العاطفي والنفسي الذي يعجز الشخص البشري عن الإحاطة بمتاهاته وخفاياه، وعندما تتذكر النخب الأدبية العربية الشعراء بيرم التونسي، وعبدالرحمن الأبنودي، وأحمد فؤاد نجم، وطلال حيدر وغيرهم، عندها يحضر اسم سعد الثوعي رائداً لشعر الزجل في المملكة.
والزجل فن من فنون الأدب الشعبي يعود أصله إلى جزيرة العرب قبل الإسلام وبعض الباحثين يعتبر أن أصول الزجل ترجع إلى الأندلس، هو شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية، أو بعبارة أدق (تحويل العادي إلى غير عادٍ). النقد الاجتماعي من خلال الشعر: يعد سعد الثوعي من رواد النقد الاجتماعي، ونجح في تناول ونقد العديد من قضايا المجتمع من خلال نصه الشعري، متاعب الفقر، غلاء المهور، الفوارق العمرية بين الزوج والزوجة، تكاليف الزواج الباهضة، تخلي المجتمعات الزراعية والرعوية عن هويتها الأصلية. تأسيس مدرسة لمنهج توظيف الشعري في النقد الثقافي: فتح سعد الثوعي لأجيال لاحقة من الشعراء الشعبيين أبواب الجرأة في إنزال الشعر من برجه العاجي إلى حياة الناس وأرصفة البسطاء، وكل من جاء بعده تناول كل القضايا الاجتماعية والثقافية بجرأة.
العلاقة باللغة: علاقة سعد الثوعي باللغة علاقة عشق فهي صديقة مخيلته، لذا لم تخرج كلماته مضللة أو محايدة بل منحازة للجمال والإنسان، وعندما يتعامل معها شعريا تصبح عنصرا فاتنا وملمحاً للتجربة، إذ إن القارئ لكتاباته ونصوصه يشعر أن اللغة تكتبه، إذ الشاعر وحده من يحسن التقاط الومضة ورصد العلاقة الحسية بين الكلمات، لغة الثوعي جامحة ومروضة في آن واحد، لقد كان محارباً وفارساً مغواراً سلاحه الكلمات الأنيقة الخالية من العنف والتطرف وفائض المعنى. العناية بالجمالي: لم يكن سعد الثوعي كاتبا يبتذل المفردات، أو يكتب ليملأ الورق ويقدم الصفحات، بل كان في تحد مع نفسه لتقديم الجمالي دوماً، كون الكتابة فعلا من أفعال الجمال، ولم يضع قاموسه في أسر معطى واحدا من معطيات الحياة اليومية، بل خلق عوالم عدة للدهشة والجمال، ففي صفحته ورقات شعبية على سبيل المثال يورد (القصة، الحكاية، القصيدة، المقالة) دون أن تشعر أن كاتب كل هذه المكونات شخص واحد.
الانحياز إلى الإنساني: كان سعد الثوعي مشبعاً بالحس الإنساني وهو يرقب ما يلحق بالإنسان في كل مكان من العالم من القهر والظلم، وما يحاول البعض إلحاقه بديننا وثقافتنا من تشويه فكان سباقاً إلى الدعوة لما هو إنساني كون الأصل في ديننا وثقافتنا العناية بأكرم خلق الله (الإنسان)، وكان يقف في وجه كل تعسف أو تطرف باسم الدين، ويعيد السياقات دوماً إلى جذورها الأولى.
الانتصار لقضايا المرأة: انتصر الثوعي في كتاباته للمرأة باعتبارها شريكاً فاعلاً، وحضرت الجدة والأم والأخت والزوجة والبنت في مقالاته ونصوصه الشعرية، معتداً بها، ومعترفاً بفضلها عليه، ودوزنة نفسيته، ولا غرابة أن يكون أستاذا للوفاء لحواء، ومنتصراً لحقها في الحياة الكريمة والاستقلالية، وضمان ما كفلته لها الشريعة الإسلامية، وتصدى للكثير من الأعراف والتقاليد الهاضمة حقوق المرأة على أنها من الدين، والدين منها براء «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى».
الثوعي والحداثة: لا يخفى على راصد للحركة الحداثية في المملكة أن سعد الثوعي كان أحد الرموز المؤثرة في حركة التجديد والتحديث في النص الإبداعي، وارتبط بعلاقة وثيقة وصداقة حميمة بالشاعر محمد الثبيتي، والقاص فهد الخليوي، والروائيين عبدالله باخشوين، وعبدالله بامحرز، وكانت حداثة الثوعي حداثة ثورية تنطلق من اللغة، وباللغة على اللغة.
* كاتبة سعودية
والزجل فن من فنون الأدب الشعبي يعود أصله إلى جزيرة العرب قبل الإسلام وبعض الباحثين يعتبر أن أصول الزجل ترجع إلى الأندلس، هو شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية، أو بعبارة أدق (تحويل العادي إلى غير عادٍ). النقد الاجتماعي من خلال الشعر: يعد سعد الثوعي من رواد النقد الاجتماعي، ونجح في تناول ونقد العديد من قضايا المجتمع من خلال نصه الشعري، متاعب الفقر، غلاء المهور، الفوارق العمرية بين الزوج والزوجة، تكاليف الزواج الباهضة، تخلي المجتمعات الزراعية والرعوية عن هويتها الأصلية. تأسيس مدرسة لمنهج توظيف الشعري في النقد الثقافي: فتح سعد الثوعي لأجيال لاحقة من الشعراء الشعبيين أبواب الجرأة في إنزال الشعر من برجه العاجي إلى حياة الناس وأرصفة البسطاء، وكل من جاء بعده تناول كل القضايا الاجتماعية والثقافية بجرأة.
العلاقة باللغة: علاقة سعد الثوعي باللغة علاقة عشق فهي صديقة مخيلته، لذا لم تخرج كلماته مضللة أو محايدة بل منحازة للجمال والإنسان، وعندما يتعامل معها شعريا تصبح عنصرا فاتنا وملمحاً للتجربة، إذ إن القارئ لكتاباته ونصوصه يشعر أن اللغة تكتبه، إذ الشاعر وحده من يحسن التقاط الومضة ورصد العلاقة الحسية بين الكلمات، لغة الثوعي جامحة ومروضة في آن واحد، لقد كان محارباً وفارساً مغواراً سلاحه الكلمات الأنيقة الخالية من العنف والتطرف وفائض المعنى. العناية بالجمالي: لم يكن سعد الثوعي كاتبا يبتذل المفردات، أو يكتب ليملأ الورق ويقدم الصفحات، بل كان في تحد مع نفسه لتقديم الجمالي دوماً، كون الكتابة فعلا من أفعال الجمال، ولم يضع قاموسه في أسر معطى واحدا من معطيات الحياة اليومية، بل خلق عوالم عدة للدهشة والجمال، ففي صفحته ورقات شعبية على سبيل المثال يورد (القصة، الحكاية، القصيدة، المقالة) دون أن تشعر أن كاتب كل هذه المكونات شخص واحد.
الانحياز إلى الإنساني: كان سعد الثوعي مشبعاً بالحس الإنساني وهو يرقب ما يلحق بالإنسان في كل مكان من العالم من القهر والظلم، وما يحاول البعض إلحاقه بديننا وثقافتنا من تشويه فكان سباقاً إلى الدعوة لما هو إنساني كون الأصل في ديننا وثقافتنا العناية بأكرم خلق الله (الإنسان)، وكان يقف في وجه كل تعسف أو تطرف باسم الدين، ويعيد السياقات دوماً إلى جذورها الأولى.
الانتصار لقضايا المرأة: انتصر الثوعي في كتاباته للمرأة باعتبارها شريكاً فاعلاً، وحضرت الجدة والأم والأخت والزوجة والبنت في مقالاته ونصوصه الشعرية، معتداً بها، ومعترفاً بفضلها عليه، ودوزنة نفسيته، ولا غرابة أن يكون أستاذا للوفاء لحواء، ومنتصراً لحقها في الحياة الكريمة والاستقلالية، وضمان ما كفلته لها الشريعة الإسلامية، وتصدى للكثير من الأعراف والتقاليد الهاضمة حقوق المرأة على أنها من الدين، والدين منها براء «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى».
الثوعي والحداثة: لا يخفى على راصد للحركة الحداثية في المملكة أن سعد الثوعي كان أحد الرموز المؤثرة في حركة التجديد والتحديث في النص الإبداعي، وارتبط بعلاقة وثيقة وصداقة حميمة بالشاعر محمد الثبيتي، والقاص فهد الخليوي، والروائيين عبدالله باخشوين، وعبدالله بامحرز، وكانت حداثة الثوعي حداثة ثورية تنطلق من اللغة، وباللغة على اللغة.
* كاتبة سعودية