الصاعدي لـ«عكاظ»: «نجوم التواصل» من طراز «طبخة الأندومي»
يرأس قسم البلاغة في «أم القرى» ولا يشعر بالحرج من «العامي»
الخميس / 03 / صفر / 1438 هـ الخميس 03 نوفمبر 2016 19:59
حوار: عبدالله عبيان
أوضح رئيس قسم البلاغة والنقد بجامعة أم القرى الدكتور سعود الصاعدي، أن وسائل التواصل الاجتماعي نشرت ثقافة «الهياط» وأحرقت المراحل حين صنعت نجوما من طراز «طبخة الأندومي» التي لا يحتاج إعدادها إلى كبير عناء. ولم يغفل الصاعدي الجانب الإيجابي للفضاء الافتراضي، إذ إنه من وجهة نظره أسهم في رفع سقف الحرية والوعي معا، وأنتج جيلا واعيا بالقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، ومحا الحدود بين الأجيال.
وفند الدكتور الصاعدي أسباب التحفظ الأكاديمي على الشعر العامي الذي وصل إلى حد الإقصاء من جامعاتنا، في الوقت الذي نجده يُدرس في الجامعات العربية الأخرى. وقال إن المشكلة تكمن في النظرة السطحية إلى هذا الجنس الأدبي، لا بوصفه إبداعا، وإنما بوصفه لهجة ولغة تواصل، كما أن المشكلة من جهة ثانية تكمن في رداءة بعض ما يطرح من الشعر العامي.
وقال إن كتابته للشعر بشقيه الفصيح والعامي، فضلا عن الرواية والمقال الصحفي، تعد طريقا إلى التجدد وعدم الاختناق في نمط كتابي واحد، مبينا أن تجربة شعراء الثمانينات تعتبر مرحلة تحول من نمط قديم إلى نمط حديث في كتابة الشعر، ودائما ما تبقى فترة التحولات عالقة في الأذهان.. وإلى نص الحوار:
• تكتب الشعر بشقيه الفصيح والعامي وتكتب الرواية، فضلا عن كتابة المقال الصحفي والدراسة النقدية.. ألا تشعر بنوع من التشتت أمام كل هذه المسارات؟
•• التنوع الكتابي والتعدد عبر روافد فنية وعلمية أراه يصقل الموهبة ويعمّق التجربة، والأنماط الكتابية التي أمارسها كلها تنضوي تحت وحدة الأدب، ضمن الفنون التي ينبغي أن يفضي بعضها إلى بعض في ذات الكاتب، سواء كان شاعرا أو روائيا، والتعدد طريق إلى التجدد وعدم الاختناق في نمط واحد قد يفقد بسببه الإنسان منابع شتى هي قبل كلّ شيء نوافذ حرية تمنح الكاتب سعادة نفسية وروحا مطمئنة وهي غايتي الأولى من الكتابة في حقول شتى أراها في الأخير تصبّ في منبع واحد هو الفنّ، لهذا لا أشعر بالشتات قدر ما أشعر بالوحدة النفسية والروحية معا.
• تنحاز إلى فن الرواية قراءة وإنتاجا، وترى بأنه فن واسع يُتيح لك أن تهضم كل الفنون القولية داخله.. ما مدى رضاك عن نتاجك الروائي؟ وهل أثر ذلك الاهتمام سلبا على نتاجك في مجالي الشعر والنقد؟
•• لست راضيا تمام الرضا، بيد أن ذلك لا يعني رداءة ما أنتجت، وإنما يعني التطلّع دوما إلى الأفضل في تجربتي السردية التي هي تجربة ما تزال قيد النمو والتطوّر. وقد لاحظت هذا التطور في خط سير الروايات الثلاث «خارج العالم - ساعة الرمل - الساحلي»، والأخيرة نالت بفضل الله جائزة أبها وهذا يعني أني أسير في خط تصاعدي، وتحت الطبع رواية بعنوان «عين شمس» ستصدر قريبا، وهي في ظني أنضج من الساحلي، وأعتقد أن هذا مؤشّرٌ صحي في الإنتاج الأدبي. أن يشعر الكاتب دوما بالنقص في ما سبق والبحث عن الاكتمال في ما يستقبل من إنتاج، أقول هذا من باب التقييم الذاتي القابل للصواب والخطأ.
أما من ناحية التأثير فلا شك أن تعدد الكتابة في أجناس مختلفة يأتي على حساب الإنتاج في جنس واحد، لكني بحمد الله استطعت بمحاذاة الرواية أن أنتج عملا شعريا ودراسات علمية ناقدة، وفي الطريق أعمال جاهزة للطباعة.
• الناقد الجزائري الدكتور عبدالملك مرتاض أكد في تصريح لـ«عكاظ» نشر الأسبوع الماضي، أهمية الشعر النبطي والملحون، لافتا إلى أنه يُدرس في الجامعات الجزائرية، كما أن هذا الفن يوجد في أنشطة الكثير من الجامعات في الدول العربية، لكنه ما زال يواجه الإقصاء من جامعاتنا، بل إن كثيرا من الأكاديميين يحاربونه على المنابر ويعشقونه في الخفاء، ما تعليقك؟
•• إذا نظرنا إلى المعرفة على أنها وحدة لا تتجزّأ، وتلقّينا الفنّ في وحدة ضمن هذا الفضاء المعرفي، لن نقصي شيئا من المعارف ولا الفنون، بل ستكون كل هذه الأجناس طريقا إلى الإبداع العلمي والدراسة الأكاديمية المعمّقة، لكن المشكلة تكمن في النظرة السطحية إلى الشعر العامي، لا بوصفه إبداعا، وإنما بوصفه لهجة ولغة تواصل، وهذا السبب في التحفّظ الأكاديمي، كما أن المشكلة من جهة ثانية تكمن في الشاعر العامي نفسه، إذ أكثر الشعراء العاميين غير واعين بالقيمة الفنية للشعر، ومن هنا تجد أكثرهم ينتج شعرا رديئا لا يرقى للنشر فضلا عن الدراسة وكشف الأسرار الجمالية والثقافية من خلاله.
وفي هذا السياق، تعليقا على موقف الدكتور عبد الملك مرتاض، أرى أن المغاربة سبقونا في أدواتهم البحثية والمنهجية ومن هنا ينظرون إلى الشعر العامي بوصفه مادة بحثية تستحق المدارسة والدراسة، وهذا بالطبع أفق واسع يتعامل مع اللغة تعاملا فنيا وبحثيا في قاعات الدراسة، وربما أفضى النظر في جماليات الشعر العامي إلى الترقّي لفهم جماليات الشعر الفصيح.
• هل تشعر بالحرج عندما تنشر قصيدة عامية أو قراءة نقدية لنص عامي وأنت رئيس قسم البلاغة والنقد في جامعة أم القرى؟
•• إطلاقا، لا أشعر بالحرج، إلا حين أتورّط في قراءة نص رديء من الأساس، أما حين يكون النص فسيحا في دلالاته وصوره ورموزه، فهو يفتح باب النقد الإبداعي وينتج رؤى نقدية قد لا تتاح لك حين ترتاد بعض النصوص الفصيحة التي لا تحفّز الناقد على القراءة.
• شاركت عضوا بلجنة التحكيم في مسابقتي «شاعر الملك» و«رؤية المملكة 2030».. كيف تنظر إلى المسابقات الشعرية؟ ولماذا لا نرى مسابقات مماثلة في الشعر الفصيح؟
•• للحق، مشاركتي في التحكيم، سواء شاعر الملك أو قصيدة الرؤية، كانت بدافع وطني من جهة واجتماعي من جهة ثانية، ولا علاقة لها برأيي في ما يطرح شعريا ضمن المسابقات، لأني أرى تأطير الشعر ضمن المسابقات المقننة بالأغراض الوطنية لا تنتج شعرا عميقا ولا تعكس التجربة الإنسانية الذاتية بصدق، ولهذا أرى أن أقرب المسابقات إلى فتح آفاق الشعر، شاعر المليون وأمير الشعراء معا، لأنهما تطرحان الشعر في مضمار التنافس غير المقيّد بغرض وطني أو اجتماعي محدود، وكم تمنيت أن تجربة أمير الشعراء انطلقت من سوق عكاظ لما لهذا المكان من بعد رمزي وتاريخي يجعل الفصيح امتدادا لذاكرة الشعر التاريخية.
• عندما يتحدث الشعراء عن الساحة الشعبية يستحضرون مرحلة الثمانينات وكأنها مرحلة الشعر الحقيقي الوحيدة.. ما الأسباب من وجهة نظرك؟
•• السبب في نظري يرجع إلى أنّ تلك الفترة كانت فترة تحول من نمط قديم إلى نمط حديث في كتابة الشعر، ودائما ما تبقى فترة التحولات عالقة في الأذهان حتى يأتي سياق جديد وتحوّلٌ جديد يصرف الأذهان عما سبق، وقد تكون فترة الجيل الإعلامي الجديد فيما لو أنتجت سياقا بملامح فنية مشتركة وسمات خاصة أقدر على صرف النظر إليها، لكن الذي حدث أنها فنيا امتداد لتجربة الثمانينات وإن كانت تقنيا وإعلاميا مختلفة كل الاختلاف.
• من يتتبع سعود الصاعدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجده في تويتر قريبا من القضايا الاجتماعية، وفي الفيسبوك أقرب للفضاء الثقافي، أما «السناب» فوجودك محدود ولكنه يعكس عشقك للسفر ويرصد تنقلاتك الصيفية.. ماذا يعني للكاتب أو النجم عندما يقترب المتلقي منه ويشاركه الكثير من تفاصيل حياته؟ وإلى أي المواقع تجدك أكثر ميلا؟
•• وسائل التواصل الاجتماعي صنعت عالما افتراضيا حميميا ومحرضا على التواصل الاجتماعي والثقافي مع الآخرين بشكل أوسع مما كانت تتيحه وسائل الإعلام التقليدية، وهذا أتاح للكاتب أن يتواصل مع المتلقي دون وسيط، وهنا تكمن خطورتها على الكاتب الذي يطمع في إنجاز مشروع كتابي تفاعلي مع القراء، مثقفين ومتابعين، لكن تقنين الحضور قد يسعفه في تقديم الأجمل والأعمق.
بالنسبة لي أميل إلى فضاء الفيسبوك الذي يتيح التواصل دون أن يفقدك لياقتك الكتابية وربما ساعد على الإنجاز ضمن سلسلة المنشورات التي يحتفظ بها في ذاكرته، أما تويتر فما زلت غير قادر على التعالق معه بشكل أكثر حميمية، وأما ما يخص السناب فقد أتاح لي إيصال بعض أفكاري بصوت مسموع، إضافة إلى الدربة على الحديث المباشر للمتلقي وهي مهارة تحتاج إلى مران طويل، وما زلت غير قادر على تحقيق هذه المهارة بالشكل الذي يرضيني أو يرضي من يتابعني على هذه الشاشة الصغيرة.
• كيف ترى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الناس، ثقافيا، سياسيا، اجتماعيا واقتصاديا؟
•• أراها رفعت سقف الحرية والوعي معا، وفي المقابل أنتجت جيلا واعيا بالقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، ومحت الحدود بين الأجيال والطبقات، وأتاحت خصوصا في تطبيق السناب فرصا استثمارية دعائية، هذا كله جانب إيجابي ينبغي استثماره والاحتفاء به، أما جانبها السلبي - وهو طبيعي - فيتمثّل في أنها نشرت ثقافة «الهياط» وأحرقت المراحل حين صنعت نجوما من طراز «طبخة الأندومي» التي لا يحتاج إعدادها إلى كبير عناء.
وفند الدكتور الصاعدي أسباب التحفظ الأكاديمي على الشعر العامي الذي وصل إلى حد الإقصاء من جامعاتنا، في الوقت الذي نجده يُدرس في الجامعات العربية الأخرى. وقال إن المشكلة تكمن في النظرة السطحية إلى هذا الجنس الأدبي، لا بوصفه إبداعا، وإنما بوصفه لهجة ولغة تواصل، كما أن المشكلة من جهة ثانية تكمن في رداءة بعض ما يطرح من الشعر العامي.
وقال إن كتابته للشعر بشقيه الفصيح والعامي، فضلا عن الرواية والمقال الصحفي، تعد طريقا إلى التجدد وعدم الاختناق في نمط كتابي واحد، مبينا أن تجربة شعراء الثمانينات تعتبر مرحلة تحول من نمط قديم إلى نمط حديث في كتابة الشعر، ودائما ما تبقى فترة التحولات عالقة في الأذهان.. وإلى نص الحوار:
• تكتب الشعر بشقيه الفصيح والعامي وتكتب الرواية، فضلا عن كتابة المقال الصحفي والدراسة النقدية.. ألا تشعر بنوع من التشتت أمام كل هذه المسارات؟
•• التنوع الكتابي والتعدد عبر روافد فنية وعلمية أراه يصقل الموهبة ويعمّق التجربة، والأنماط الكتابية التي أمارسها كلها تنضوي تحت وحدة الأدب، ضمن الفنون التي ينبغي أن يفضي بعضها إلى بعض في ذات الكاتب، سواء كان شاعرا أو روائيا، والتعدد طريق إلى التجدد وعدم الاختناق في نمط واحد قد يفقد بسببه الإنسان منابع شتى هي قبل كلّ شيء نوافذ حرية تمنح الكاتب سعادة نفسية وروحا مطمئنة وهي غايتي الأولى من الكتابة في حقول شتى أراها في الأخير تصبّ في منبع واحد هو الفنّ، لهذا لا أشعر بالشتات قدر ما أشعر بالوحدة النفسية والروحية معا.
• تنحاز إلى فن الرواية قراءة وإنتاجا، وترى بأنه فن واسع يُتيح لك أن تهضم كل الفنون القولية داخله.. ما مدى رضاك عن نتاجك الروائي؟ وهل أثر ذلك الاهتمام سلبا على نتاجك في مجالي الشعر والنقد؟
•• لست راضيا تمام الرضا، بيد أن ذلك لا يعني رداءة ما أنتجت، وإنما يعني التطلّع دوما إلى الأفضل في تجربتي السردية التي هي تجربة ما تزال قيد النمو والتطوّر. وقد لاحظت هذا التطور في خط سير الروايات الثلاث «خارج العالم - ساعة الرمل - الساحلي»، والأخيرة نالت بفضل الله جائزة أبها وهذا يعني أني أسير في خط تصاعدي، وتحت الطبع رواية بعنوان «عين شمس» ستصدر قريبا، وهي في ظني أنضج من الساحلي، وأعتقد أن هذا مؤشّرٌ صحي في الإنتاج الأدبي. أن يشعر الكاتب دوما بالنقص في ما سبق والبحث عن الاكتمال في ما يستقبل من إنتاج، أقول هذا من باب التقييم الذاتي القابل للصواب والخطأ.
أما من ناحية التأثير فلا شك أن تعدد الكتابة في أجناس مختلفة يأتي على حساب الإنتاج في جنس واحد، لكني بحمد الله استطعت بمحاذاة الرواية أن أنتج عملا شعريا ودراسات علمية ناقدة، وفي الطريق أعمال جاهزة للطباعة.
• الناقد الجزائري الدكتور عبدالملك مرتاض أكد في تصريح لـ«عكاظ» نشر الأسبوع الماضي، أهمية الشعر النبطي والملحون، لافتا إلى أنه يُدرس في الجامعات الجزائرية، كما أن هذا الفن يوجد في أنشطة الكثير من الجامعات في الدول العربية، لكنه ما زال يواجه الإقصاء من جامعاتنا، بل إن كثيرا من الأكاديميين يحاربونه على المنابر ويعشقونه في الخفاء، ما تعليقك؟
•• إذا نظرنا إلى المعرفة على أنها وحدة لا تتجزّأ، وتلقّينا الفنّ في وحدة ضمن هذا الفضاء المعرفي، لن نقصي شيئا من المعارف ولا الفنون، بل ستكون كل هذه الأجناس طريقا إلى الإبداع العلمي والدراسة الأكاديمية المعمّقة، لكن المشكلة تكمن في النظرة السطحية إلى الشعر العامي، لا بوصفه إبداعا، وإنما بوصفه لهجة ولغة تواصل، وهذا السبب في التحفّظ الأكاديمي، كما أن المشكلة من جهة ثانية تكمن في الشاعر العامي نفسه، إذ أكثر الشعراء العاميين غير واعين بالقيمة الفنية للشعر، ومن هنا تجد أكثرهم ينتج شعرا رديئا لا يرقى للنشر فضلا عن الدراسة وكشف الأسرار الجمالية والثقافية من خلاله.
وفي هذا السياق، تعليقا على موقف الدكتور عبد الملك مرتاض، أرى أن المغاربة سبقونا في أدواتهم البحثية والمنهجية ومن هنا ينظرون إلى الشعر العامي بوصفه مادة بحثية تستحق المدارسة والدراسة، وهذا بالطبع أفق واسع يتعامل مع اللغة تعاملا فنيا وبحثيا في قاعات الدراسة، وربما أفضى النظر في جماليات الشعر العامي إلى الترقّي لفهم جماليات الشعر الفصيح.
• هل تشعر بالحرج عندما تنشر قصيدة عامية أو قراءة نقدية لنص عامي وأنت رئيس قسم البلاغة والنقد في جامعة أم القرى؟
•• إطلاقا، لا أشعر بالحرج، إلا حين أتورّط في قراءة نص رديء من الأساس، أما حين يكون النص فسيحا في دلالاته وصوره ورموزه، فهو يفتح باب النقد الإبداعي وينتج رؤى نقدية قد لا تتاح لك حين ترتاد بعض النصوص الفصيحة التي لا تحفّز الناقد على القراءة.
• شاركت عضوا بلجنة التحكيم في مسابقتي «شاعر الملك» و«رؤية المملكة 2030».. كيف تنظر إلى المسابقات الشعرية؟ ولماذا لا نرى مسابقات مماثلة في الشعر الفصيح؟
•• للحق، مشاركتي في التحكيم، سواء شاعر الملك أو قصيدة الرؤية، كانت بدافع وطني من جهة واجتماعي من جهة ثانية، ولا علاقة لها برأيي في ما يطرح شعريا ضمن المسابقات، لأني أرى تأطير الشعر ضمن المسابقات المقننة بالأغراض الوطنية لا تنتج شعرا عميقا ولا تعكس التجربة الإنسانية الذاتية بصدق، ولهذا أرى أن أقرب المسابقات إلى فتح آفاق الشعر، شاعر المليون وأمير الشعراء معا، لأنهما تطرحان الشعر في مضمار التنافس غير المقيّد بغرض وطني أو اجتماعي محدود، وكم تمنيت أن تجربة أمير الشعراء انطلقت من سوق عكاظ لما لهذا المكان من بعد رمزي وتاريخي يجعل الفصيح امتدادا لذاكرة الشعر التاريخية.
• عندما يتحدث الشعراء عن الساحة الشعبية يستحضرون مرحلة الثمانينات وكأنها مرحلة الشعر الحقيقي الوحيدة.. ما الأسباب من وجهة نظرك؟
•• السبب في نظري يرجع إلى أنّ تلك الفترة كانت فترة تحول من نمط قديم إلى نمط حديث في كتابة الشعر، ودائما ما تبقى فترة التحولات عالقة في الأذهان حتى يأتي سياق جديد وتحوّلٌ جديد يصرف الأذهان عما سبق، وقد تكون فترة الجيل الإعلامي الجديد فيما لو أنتجت سياقا بملامح فنية مشتركة وسمات خاصة أقدر على صرف النظر إليها، لكن الذي حدث أنها فنيا امتداد لتجربة الثمانينات وإن كانت تقنيا وإعلاميا مختلفة كل الاختلاف.
• من يتتبع سعود الصاعدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجده في تويتر قريبا من القضايا الاجتماعية، وفي الفيسبوك أقرب للفضاء الثقافي، أما «السناب» فوجودك محدود ولكنه يعكس عشقك للسفر ويرصد تنقلاتك الصيفية.. ماذا يعني للكاتب أو النجم عندما يقترب المتلقي منه ويشاركه الكثير من تفاصيل حياته؟ وإلى أي المواقع تجدك أكثر ميلا؟
•• وسائل التواصل الاجتماعي صنعت عالما افتراضيا حميميا ومحرضا على التواصل الاجتماعي والثقافي مع الآخرين بشكل أوسع مما كانت تتيحه وسائل الإعلام التقليدية، وهذا أتاح للكاتب أن يتواصل مع المتلقي دون وسيط، وهنا تكمن خطورتها على الكاتب الذي يطمع في إنجاز مشروع كتابي تفاعلي مع القراء، مثقفين ومتابعين، لكن تقنين الحضور قد يسعفه في تقديم الأجمل والأعمق.
بالنسبة لي أميل إلى فضاء الفيسبوك الذي يتيح التواصل دون أن يفقدك لياقتك الكتابية وربما ساعد على الإنجاز ضمن سلسلة المنشورات التي يحتفظ بها في ذاكرته، أما تويتر فما زلت غير قادر على التعالق معه بشكل أكثر حميمية، وأما ما يخص السناب فقد أتاح لي إيصال بعض أفكاري بصوت مسموع، إضافة إلى الدربة على الحديث المباشر للمتلقي وهي مهارة تحتاج إلى مران طويل، وما زلت غير قادر على تحقيق هذه المهارة بالشكل الذي يرضيني أو يرضي من يتابعني على هذه الشاشة الصغيرة.
• كيف ترى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الناس، ثقافيا، سياسيا، اجتماعيا واقتصاديا؟
•• أراها رفعت سقف الحرية والوعي معا، وفي المقابل أنتجت جيلا واعيا بالقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، ومحت الحدود بين الأجيال والطبقات، وأتاحت خصوصا في تطبيق السناب فرصا استثمارية دعائية، هذا كله جانب إيجابي ينبغي استثماره والاحتفاء به، أما جانبها السلبي - وهو طبيعي - فيتمثّل في أنها نشرت ثقافة «الهياط» وأحرقت المراحل حين صنعت نجوما من طراز «طبخة الأندومي» التي لا يحتاج إعدادها إلى كبير عناء.