صــــــــراع
الجمعة / 04 / صفر / 1438 هـ الجمعة 04 نوفمبر 2016 22:15
محمد الدخيل *
فيما كان يسترخي قريبا من المدفأة في ليلة باردة من ليالي أول الشتاء، مستغرقاً في قراءة إحدى القصص لبورخيس، وحيث النجوم تلمع في الخارج مطرقة إلى ذلك الجزء من العالم الغارق في الظلمة والوحل، أحس بشيء من الألم يسري في رقبته، نهض ليجلب إحدى الوسائد الملاصقة للجدار القريب منه كي يضعها تحت رأسه.. حين رفع الوسادة سقطت منها خنفساء سوداء صغيرة.. توجه بسرعة نحو الباب، لكن أخاه المسترخي قريبا منه في الغرفة نفسها سأله عما يريد أن يفعل.. قال له: - سأجلب حذاء لقتلها. قال أخوه:
- لا يجب أن تقتلها في الليل. سأل أخاه بدهشة:
- من أين جئت بهذا الكلام؟! حكم ديني؟! أم خرافة شعبية؟! أم ماذا؟ متراجعا أجاب أخوه:
- لا لا. لا شيء. تستطيع أن تقتلها إن شئت. جلب الحذاء.. وقف أمامها مترددا لبعض الوقت، ظلت تلك الكلمات تعمل في داخله، لكنه أخيرا قرر أن يواجه ذلك الخوف الغامض الذي أثارته في نفسه كلمات أخيه.. قذف بخوفه وحذائه نحو الخنفساء، فكفت عن الحركة.. تركها مكانها وعاد إلى الكتاب الذي كان بيده.. لكنه لم يستطع الاستغراق في القراءة هذه المرة.. كان كلما مرت دقائق وجه نظره إليها، ليرى إن كانت لا تزال ساكنة هناك، أم أنها بدأت تتحرك نحوه.. كان يشعر أنها لم تمت، وأنها تسير متجهة نحو قدميه الممدودتين. بعد ساعات حين ذهب إلى فراشه وبعدما أطفأ ضوء الغرفة وسحب غطاءه، ثم أغمض عينيه مستمتعا بالدفء اللذيذ الذي يجلبه الغطاء، أحس بحركة غريبة بالقرب منه.. فتح عينيه.. كانت تقف بالقرب منه خنفساء عملاقة.. سألته:
شعر بالخوف يجثم على صدره، يتمدد نحو أعضائه البعيدة، لكنه حاول السيطرة عليه وأجابها:
- قتلتك!! لأن هيئتك كانت تشعرني بالاشمئزاز.
- نعم. كان ذلك كافيا. لم أكن لأشعر بالارتياح وأنت تسيرين أمامي هكذا بكل حرية.
- لا. لا يمكن. نحن البشر من المعروف أننا نتمتع بأشكال جميلة.
- كيف يمكن لي أن أتأكد من ذلك؟ كيف يمكن؟ قولي أنت.
في لحظة كان قد تحول إلى خنفساء.. أخذت تسير بين البشر مترنحة من هول صدمتها...
ومن بعيد كان طفل يقترب، وفي يده حذاء.. حين صار قريبا منها.. قذف بالحذاء نحوها، انكفأت على ظهرها، وانبثقت من بطنها مادة بيضاء.. حركت يديها وقدميها في الهواء للحظات ثم كفت عن الحركة!
- لا يجب أن تقتلها في الليل. سأل أخاه بدهشة:
- من أين جئت بهذا الكلام؟! حكم ديني؟! أم خرافة شعبية؟! أم ماذا؟ متراجعا أجاب أخوه:
- لا لا. لا شيء. تستطيع أن تقتلها إن شئت. جلب الحذاء.. وقف أمامها مترددا لبعض الوقت، ظلت تلك الكلمات تعمل في داخله، لكنه أخيرا قرر أن يواجه ذلك الخوف الغامض الذي أثارته في نفسه كلمات أخيه.. قذف بخوفه وحذائه نحو الخنفساء، فكفت عن الحركة.. تركها مكانها وعاد إلى الكتاب الذي كان بيده.. لكنه لم يستطع الاستغراق في القراءة هذه المرة.. كان كلما مرت دقائق وجه نظره إليها، ليرى إن كانت لا تزال ساكنة هناك، أم أنها بدأت تتحرك نحوه.. كان يشعر أنها لم تمت، وأنها تسير متجهة نحو قدميه الممدودتين. بعد ساعات حين ذهب إلى فراشه وبعدما أطفأ ضوء الغرفة وسحب غطاءه، ثم أغمض عينيه مستمتعا بالدفء اللذيذ الذي يجلبه الغطاء، أحس بحركة غريبة بالقرب منه.. فتح عينيه.. كانت تقف بالقرب منه خنفساء عملاقة.. سألته:
شعر بالخوف يجثم على صدره، يتمدد نحو أعضائه البعيدة، لكنه حاول السيطرة عليه وأجابها:
- قتلتك!! لأن هيئتك كانت تشعرني بالاشمئزاز.
- نعم. كان ذلك كافيا. لم أكن لأشعر بالارتياح وأنت تسيرين أمامي هكذا بكل حرية.
- لا. لا يمكن. نحن البشر من المعروف أننا نتمتع بأشكال جميلة.
- كيف يمكن لي أن أتأكد من ذلك؟ كيف يمكن؟ قولي أنت.
في لحظة كان قد تحول إلى خنفساء.. أخذت تسير بين البشر مترنحة من هول صدمتها...
ومن بعيد كان طفل يقترب، وفي يده حذاء.. حين صار قريبا منها.. قذف بالحذاء نحوها، انكفأت على ظهرها، وانبثقت من بطنها مادة بيضاء.. حركت يديها وقدميها في الهواء للحظات ثم كفت عن الحركة!