صوت المواطن

خصصوا للأطفال مصروف جيب

أبرز إيجابيات مصروف الجيب للصغار

عمر محمد العمري/ مشرف موهبة في جامعة الإمام

لما كانت الخبرة بالمال والإنفاق في الطفولة تؤثر في خبرات الفرد في مراحل العمر المتعاقبة، أصبح مصروف الجيب من الأساليب الجيدة التي يمكن للوالدين أن يستخدماها في تطبيع الطفل اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، خصوصاً أن الطفل لا يدرك بوصفه بعداً اقتصادياً فقط، بل يضفي عليه كثيراً من المعاني النفسية والاجتماعية والشخصية، فمن خلاله يشعر الطفل بالاستقلالية، والاعتماد على النفس، والمسؤولية، والمساواة مع الآخرين، فضلا عن الشعور بالخصوصية التي يتمتع بها الكبار، فهو خطوة مهمة من خطوات تكوين الذات والشخصية، ويتعلم الطفل خلالها أساليب ونماذج سلوكية تتضح في الادخار والاستهلاك والبيع والشراء.

وعلى الرغم من أهمية مصروف الجيب بالنسبة إلى الطفل، فإن كثيراً من الآباء يجهلون قيمته وأهميته النفسية والاجتماعية والشخصية، وينصب اهتمامهم على البعد الاقتصادي فقط، فكثيراً ما يمنح الآباء أطفالهم مصروف الجيب، حتى لا يشعر أبناؤهم بالنقص والدونية بين أقرانهم، أو بدافع المسايرة الاجتماعية، وأحياناً يكون من باب الافتخار والاستعراض، وهو ما نجده في إعطاء الطفل مصروفاً للجيب كبيراً جداً وزائداً على حاجته، ولا يتلاءم مع مستواه العمري. وقد ترجع هذه المبالغة في مصروف الجيب إلى ما يعكسانه من الشعور بالحرمان منه في مرحلة الطفولة.

وتتضح النظرة الاقتصادية من جانب الوالدين إلى مصروف الجيب في الدعاوى الكثيرة التي تقول إن مصروف الجيب ليست له قيمة، ولا داعي له ما دام الطفل تتحقق له كل حاجاته الجسدية وترفيهه، ولكن يغيب عن الوالدين أن يدركا الأهمية النفسية والاجتماعية لمصروف الجيب، وأن أهميته لا تتبع من كفايته أو عدم كفايته بالنسبة إلى الطفل، بل في أنه مهارة تساعد على تنمية الذات والشخصية من خلال تعليم الطفل كيف يتعامل معه.

وعندما نتحدث عن سيكولوجية مصروف الجيب نجد أن هناك كثيراً من الأسئلة التي تطرح نفسها، ما طبيعة العلاقة بين العمر ومصروف الجيب؟ وما الشكل المناسب لإعطائه: يومي أو أسبوعي أو شهري؟ وهل من الأفضل أن نمنح الطفل مصروف الجيب مقابل الأعمال المنزلية البسيطة؟ وهل نحاسب الطفل على هذ المال وفي أي شيء أنفقه؟

إن الوالدين يختلفان في علاقتهما نحو مصروف جيب الطفل، ويرجع ذلك إلى طبيعة العلاقة، فغالبا ما تكون علاقة الأب بالطفل علاقة قائمة على تشجيع الاستقلال والانفصال حتى يعتمد الطفل على نفسه وتحدد هويته الخاصة. أما بالنسبة لعلاقة الأم بالطفل فإنها تميل إلى الارتباط والاتصال الدائم المستمر بهدف التعرف لحظة بلحظة على قدراته وإمكاناته وما يحققه من إنجازات.