كتاب ومقالات

شايفني هندي!

أفياء

عزيزة المانع

هناك عبارة تحمل مفارقة طريفة يتناقلها الناس على الواتساب، تسخر من أولئك الذين يتعالون على الهندي ويعدونه رمزا للجهل، تقول العبارة:

«الهند تملك عاشر أقوى جيش في العالم، وتملك خمسة آلاف قنبلة نووية، وهم من اخترعوا الهوت ميل، والـusb، ودخلوا مجال المريخ قبل سنة بمركبة فضائية هندية 100%، وهي أكثر دولة لديها مصانع قطارات وسفن، ومنها أكثر رجال العالم ثراء. فوق كل هذا رئيس قوقل هندي، ورئيس مايكروسوفت هندي، ورئيس ماستر كارد هندي. والعربي ما زال يقول: شايفني هندي؟!! لا والله شايفك عربي».

من وضع هذه العبارة أراد أن ينتقد العرب الذين لم يفلحوا في تقديم عمل اقتصادي أو علمي ينتشر في العالم ويؤثر فيه كما فعل الهنود، ومع ذلك لا يستحي بعضهم من أن ينظر إلى الهندي نظرة ازدراء، ويرى نفسه أفضل منه!!

ظاهريا قد يبدو الأمر فيه مفارقة ساخرة، ولكن عند التأمل، نلحظ أن عبارة (شايفني هندي!!) جاءت عفوية تعكس واقع الوضع الاقتصادي والعلمي لكثير من مواطني الهند. وهو ما يدفع بنا إلى التساؤل إن كان ثمة قيمة لتقدم المجتمع إن لم يفلح في نشر العدالة الاجتماعية في وسطه، أو عجز عن خفض الفروق الاقتصادية الكبيرة بين طبقاته؟

هل ثمة قيمة لتقدم المجتمع إن لم يتمكن من توفير أبسط الاحتياجات اليومية لنسبة كبيرة من مواطنيه، كالماء النظيف والطعام الجيد؟! وهل ثمة فرق بين مجتمع متقدم وآخر نامٍ، إن ظل أفراد المجتمعين كليهما يعانون من المشكلات نفسها؟!!

ما المؤشرات الحقيقية التي تنم عن تقدم المجتمع؟! هل يمكن أن يعد المجتمع متقدما حتى وإن بقيت فيه نسبة الفقر فوق 40% حسب تقديرات البنك الدولي لعام 2005، و50% حسب بنك التنمية الأسيوي و55% حسب مؤشر الفقر لدى الأمم المتحدة؟!!

وهل يمكن أن يعد المجتمع متقدما حتى إن ظل 46% من أطفاله يعانون من سوء التغذية، و37% منهم يعيشون تحت خط الفقر حسب إحصائية 2009؟!

أخيرا، ما قيمة تقدم المجتمع إن لم يلق ظلاله على حياة المواطن البسيط ليتفيأ شيئا من برد نفعه؟

إن تقدما لا يلقي بالا للفرد ولا يضع الارتقاء به عنصرا رئيسيا في محور عجلته، هو تقدم ناقص يشوبه كثير من القصور.