كتاب ومقالات

بين حمزة السالم وآل الشيخ

على شارعين

خلف الحربي

من حق الوزير محمد آل الشيخ أن يقاضي الزميل حمزة السالم ما دام يجد في مقال السالم المثير للجدل إساءة لشخصه من خلال اتهامه بالتدليس أو شيئا من هذا القبيل، فاللجوء إلى القضاء سلوك حضاري في كل الأحوال، ولكن بالنسبة لي كمواطن لا يهمني كثيرا خلاف آل الشيخ والسالم، مع تقديري الأكيد لهما، فكل واحد منهما عقلية اقتصادية وطنية تستحق الاحترام، فالمهم بالنسبة لي - ولبقية المواطنين في ما أظن - هو الرد على المعلومات المثيرة التي ذكرها حمزة السالم حول إمكانية اختفاء تريليون و100 مليار ريال من الأموال العامة، خصوصا أننا في زمن لا يحتمل المزيد من التشويش، فالسكوت عن أمر كهذا يبعث على القلق ويزرع الإحباط في النفوس ويعطي المعلومة التي فجرها السالم تداولا أكبر، هذا بخلاف استغلالها من قبل أطراف عدة تتمنى خبرا مثل هذا كي تمرر ما تريد تمريره.

حمزة السالم ليس كاتبا صحفيا عاديا (مثل محاكيكم) بل هو خبير اقتصادي ومستشار حكومي، ما يجعل معلومته مقلقة جدا بالنسبة للمتلقي، صحيح أن السالم يستطيع الاحتجاج بأنه لم يقدم «معلومة» بل «استنتاجا» بناه على تصريح آل الشيخ لإحدى الوكالات الصحفية الأجنبية، ولكن هذا «التكنيك» لا يفهمه إلا أهل المهنة من الصحفيين، أما الغالبية العظمى من المواطنين فسيتعاملون مع الأمر باعتباره معلومة ملخصها ضياع تريليون و100 مليار ريال، وهذه كارثة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لذلك فإن الرد عليه وتوضيح الأمر للعامة مسألة مهمة جدا ولا تقبل التأجيل، وقد يكون الوزير آل الشيخ أول المعنيين بالرد، لأن حمزة السالم ذكره بالاسم. أما إذا كان الوزير يفضل الرد عبر ساحات القضاء فإن وزارة المالية هنا ملزمة بالتوضيح العاجل لتدارك حالة الصداع الشاملة التي نشرها حمزة السالم في طول البلاد وعرضها بعد مقاله المثير المكون من «جزأين».

كل عاقل يتمنى أن يكون استنتاج السالم خاطئا، لأن الحديث هنا يدور حول ثروة وطنية هائلة بإمكانها أن تبني عدة بلدان متجاورة، ولن تكون مفاجأة كبيرة لو ثبت أن ما ذكره السالم غير صحيح، فالأرقام التي ذكرها تكاد أن تتجاوز حدود المعقول، ولكن استمرار صمت الجهات المعنية حول ما ذكره السالم في مقاله سوف يحول استنتاجه إلى حقيقة ثابتة مع مرور الأيام حتى لو كسب الوزير آل الشيخ القضية بعد عدة أشهر.