المرشح الحر.. الرئيس المقيد!
الأربعاء / 09 / صفر / 1438 هـ الأربعاء 09 نوفمبر 2016 22:44
جميل الذيابي
هل كان فوز دونالد ترامب مفاجأة للعالم؟، بالطبع، ليس لمن توقعوا فوز هيلاري كلينتون، ولا الذين يمقتون ترامب. وبدلا من الجمود في مرحلة ما قبل انتخاب ترامب، لا بد من أن تُثار الأسئلة الحيوية، خصوصا التي تعني العالم وما يعنينا مما يتعلق بأزمات منطقة الشرق الأوسط الساخنة، وكساد الاقتصاد العالمي.
وبداية لا بد من ملاحظة أن الرئيس المنتخب بدا تصالحيا كما لم يعهده أحد من قبل في كلمته عقب إعلان فوزه مباشرة. وقال إنه مستعد للتعامل مع جميع شعوب العالم، لما فيه مصلحة بلاده. وطمأن الداخل الأمريكي بأنه يمد ذراعه حتى لمن لم يصوتوا له، لإنهاء الانقسام الذي بدا واضحا من النتيجة الصادمة.
وينبغي القول إن «حكاية» ترامب ليست الأولى في تاريخ أمريكا المعاصر. ففي 1980 فاز ممثل هوليوود رونالد ريغان على جيمي كارتر. وأمكن التعايش معه عربيا، ليس لأنه منصف، أو محب للعرب، بل لأن السياسة في أمريكا تضعها «المؤسسة» (Establishment)، أو ما أضحى يصطلح على تسميته في الآونة الأخيرة «الدولة العميقة». وتتجاوز السياسة الأمريكية، خصوصا الخارجية، رؤساء متعاقبين، لأن الرئيس لا يحدد وحده مصالح البلاد العليا. كما أن كل رئيس أمريكي لا يستطيع تحقيق وعوده الانتخابيّة. فقد رأينا كيف أخفق أوباما -على مدى ثماني سنوات- في إغلاق سجن غوانتانامو، وكيف أخفق في حل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين، وكيف ظل يخوض حربا في العراق وأفغانستان، وهو الذي جاء محمولا على أكتاف وعده بعدم إرسال أي جندي أمريكي للخارج، بل إن أوباما أسوأ رئيس أمريكي زاد من عبء الملفات السياسية على بلاده ومنح إيران تأشيرة اللعب كيفما تريد، ومنح القيصر الروسي «علامة القوة» مجددا.
ويصدق القول إن فوز ترامب لم يكن من خيبة الديموقراطيين، بل من خيبات أوباما الكبيرة. وسيظل الأمريكيون يتخاصمون حول ما إذا كان إعلان مكتب التحقيقات الفيديرالي إعادة التحقيق في آلاف الرسائل الإلكترونية الخاصة بهيلاري كلينتون هو الذي أطاح آمالها في الفوز، أم أن شعبية ترامب تضخمت لضيق الأمريكيين ذرعا بالنخب السياسية الحاكمة في واشنطن.
في ما يخص منطقتنا، من الواضح أن موقف ترامب من إيران يتطابق مع الموقفين السعودي والخليجي بنسبة كبيرة جدا. قد لا يتمكن من إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، لكن من المؤكد أنه لن يتيح لها فرصة للاستفادة منه كما تروم. ويضمن تأييد الكونغرس الذي انعقدت أمس غالبيته للجمهوريين، للعمل على تشديد العقوبات، وإرغام إيران على التوقف عن التدخل في حياة الشعوب ومصيرها كما تفعل في سورية.
صحيح أن ترامب رجل أعمال صنع نفسه بنفسه. وصحيح أيضا أنه أول رئيس يدخل البيت الأبيض من دون أية خبرة سياسية، لكنه متهور وجريء في آن ومتنمر ومعتز بقدراته مهما كلفته، وهذا قد يمنح أمريكا قوة جديدة خشية ردات فعله!
ولا شك أنه سيدرك في غضون أسابيع وأشهر أن مصالح أمريكا مع القوى الأخرى أعمق وأكبر من خطابات التهديد والتحذير خلال حملته الانتخابية. فهو يريد مثلا أن تدفع ألمانيا واليابان والسعودية مقابلا لاستمرار التعاون الأمني والحماية، وهذا في مرحلة لكسب عواطف الناخبين. لكنه لا يعرف أن هذه الدول الثلاث لا تحصل على شيء من أمريكا بلا مقابل. كما أنه لن يستطيع ببساطة الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خصوصا بعدما بدت شهية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوية لاستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي السابق. ولن يستطيع أن يغلق باب التعاون الأمني مع السعودية، لأنه تعاون يحمي أمريكا وحلفاءها من الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة مضطربة، وهي بحاجة ماسة إلى السعودية فيها.
الأكيد أن ترامب سيركز -إلى حين تنصيبه في يناير 2017- على بلورة سياسته الخارجية، وملامح مشروعه الداخلي وتشكيل فريقه الحكومي.
ولا بد -كما طالب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس- من موقف واضح من الرئيس المنتخب بشأن سورية، والإرهاب، خصوصا أنه توعد في حملته الانتخابية بسحق «داعش» وتأديب إيران (رأس الشر) وإعادة القوة الأمريكية مجددا. وسترينا الأيام القادمة إن كان ترامب سيظل على غطرسته التي كانت ميسم الحملة التي قادته للرئاسة أم أنه سيخضع لديناميات «المؤسسة» التي تنظر لعظمة أمريكا من خلال مصالحها المتشابكة في أرجاء العالم.. الأيام حبلى بالمفاجآت كما كانت حبلى بوصول السيد ترامب.
وبداية لا بد من ملاحظة أن الرئيس المنتخب بدا تصالحيا كما لم يعهده أحد من قبل في كلمته عقب إعلان فوزه مباشرة. وقال إنه مستعد للتعامل مع جميع شعوب العالم، لما فيه مصلحة بلاده. وطمأن الداخل الأمريكي بأنه يمد ذراعه حتى لمن لم يصوتوا له، لإنهاء الانقسام الذي بدا واضحا من النتيجة الصادمة.
وينبغي القول إن «حكاية» ترامب ليست الأولى في تاريخ أمريكا المعاصر. ففي 1980 فاز ممثل هوليوود رونالد ريغان على جيمي كارتر. وأمكن التعايش معه عربيا، ليس لأنه منصف، أو محب للعرب، بل لأن السياسة في أمريكا تضعها «المؤسسة» (Establishment)، أو ما أضحى يصطلح على تسميته في الآونة الأخيرة «الدولة العميقة». وتتجاوز السياسة الأمريكية، خصوصا الخارجية، رؤساء متعاقبين، لأن الرئيس لا يحدد وحده مصالح البلاد العليا. كما أن كل رئيس أمريكي لا يستطيع تحقيق وعوده الانتخابيّة. فقد رأينا كيف أخفق أوباما -على مدى ثماني سنوات- في إغلاق سجن غوانتانامو، وكيف أخفق في حل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين، وكيف ظل يخوض حربا في العراق وأفغانستان، وهو الذي جاء محمولا على أكتاف وعده بعدم إرسال أي جندي أمريكي للخارج، بل إن أوباما أسوأ رئيس أمريكي زاد من عبء الملفات السياسية على بلاده ومنح إيران تأشيرة اللعب كيفما تريد، ومنح القيصر الروسي «علامة القوة» مجددا.
ويصدق القول إن فوز ترامب لم يكن من خيبة الديموقراطيين، بل من خيبات أوباما الكبيرة. وسيظل الأمريكيون يتخاصمون حول ما إذا كان إعلان مكتب التحقيقات الفيديرالي إعادة التحقيق في آلاف الرسائل الإلكترونية الخاصة بهيلاري كلينتون هو الذي أطاح آمالها في الفوز، أم أن شعبية ترامب تضخمت لضيق الأمريكيين ذرعا بالنخب السياسية الحاكمة في واشنطن.
في ما يخص منطقتنا، من الواضح أن موقف ترامب من إيران يتطابق مع الموقفين السعودي والخليجي بنسبة كبيرة جدا. قد لا يتمكن من إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، لكن من المؤكد أنه لن يتيح لها فرصة للاستفادة منه كما تروم. ويضمن تأييد الكونغرس الذي انعقدت أمس غالبيته للجمهوريين، للعمل على تشديد العقوبات، وإرغام إيران على التوقف عن التدخل في حياة الشعوب ومصيرها كما تفعل في سورية.
صحيح أن ترامب رجل أعمال صنع نفسه بنفسه. وصحيح أيضا أنه أول رئيس يدخل البيت الأبيض من دون أية خبرة سياسية، لكنه متهور وجريء في آن ومتنمر ومعتز بقدراته مهما كلفته، وهذا قد يمنح أمريكا قوة جديدة خشية ردات فعله!
ولا شك أنه سيدرك في غضون أسابيع وأشهر أن مصالح أمريكا مع القوى الأخرى أعمق وأكبر من خطابات التهديد والتحذير خلال حملته الانتخابية. فهو يريد مثلا أن تدفع ألمانيا واليابان والسعودية مقابلا لاستمرار التعاون الأمني والحماية، وهذا في مرحلة لكسب عواطف الناخبين. لكنه لا يعرف أن هذه الدول الثلاث لا تحصل على شيء من أمريكا بلا مقابل. كما أنه لن يستطيع ببساطة الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خصوصا بعدما بدت شهية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوية لاستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي السابق. ولن يستطيع أن يغلق باب التعاون الأمني مع السعودية، لأنه تعاون يحمي أمريكا وحلفاءها من الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة مضطربة، وهي بحاجة ماسة إلى السعودية فيها.
الأكيد أن ترامب سيركز -إلى حين تنصيبه في يناير 2017- على بلورة سياسته الخارجية، وملامح مشروعه الداخلي وتشكيل فريقه الحكومي.
ولا بد -كما طالب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس- من موقف واضح من الرئيس المنتخب بشأن سورية، والإرهاب، خصوصا أنه توعد في حملته الانتخابية بسحق «داعش» وتأديب إيران (رأس الشر) وإعادة القوة الأمريكية مجددا. وسترينا الأيام القادمة إن كان ترامب سيظل على غطرسته التي كانت ميسم الحملة التي قادته للرئاسة أم أنه سيخضع لديناميات «المؤسسة» التي تنظر لعظمة أمريكا من خلال مصالحها المتشابكة في أرجاء العالم.. الأيام حبلى بالمفاجآت كما كانت حبلى بوصول السيد ترامب.