عطلة أمريكيَّين في السعودية.. تجربة مغايرة لكل التوقعات
يزورانها للمرة الأولى.. ويكشفان زيف الإعلام المعادي
الأربعاء / 09 / صفر / 1438 هـ الأربعاء 09 نوفمبر 2016 22:38
نوال هوساوي - مستشارة نفسية
«قال لي مبتسما قبل أن يلتقط صورتي يمكنك أن تبتسمي، فابتسمت وشعرت بلطفه يغمرني، فقد كنت متوترة جدا ومرتبكة بسبب التعب والإرهاق من السفر، ولأنها المرة الأولى التي أزور فيها السعودية، لكن ترحيب موظف الجوازات المهذب أشعرني منذ الوهلة الأولى بأن زيارتي للسعودية ستخالف كل توقعاتي».
هكذا بدأت السيدة جوان مكارثي حديثها عن رحلتها وزوجها السيد جوزيف مكارثي لزيارة المملكة العربية السعودية، وهي المرة الأولى التي قررا فيها خوض هذه التجربة، ويقول جوزيف: «حجزنا التذاكر قبل ثمانية أشهر من موعد الرحلة وحصلنا على تأشيرة زيارة، وقضينا الوقت في الإعداد والتخطيط لهذه الرحلة الكبيرة بالنسبة لنا، فخصصنا وقتا يوميا للقراءة والاطلاع لتعلم اللغة العربية والتعرف على العادات والثقافة المحلية، وكنا متشوقين للغاية، إذ لم يسبق لنا أن أخذنا إجازة أسبوعين من العمل سويا أنا وزوجتي، لذا كانت أطول إجازة نأخذها طوال حياتنا الزوجية التي تجاوزت الـ35 عاما».
هنا علقت جوان على سبب الزيارة قائلة: «نحن أسرة كاثوليكية متدينة، وحرصنا على تربية أبنائنا على القيم الفاضلة، فقد درسوا بمدارس كاثوليكية خاصة، وكنا نمارس الشعائر الدينية مع أطفالنا بانتظام، ولكن عندما التحق ديفيد بالجامعة قرر اعتناق الإسلام، في البداية ظننت أنها نزوة أو موضة سيتركها بعد أن يمل منها مثل قصات شعره آنذاك، فقد كان قراره بلا مقدمات، وفجائي، لكن تدريجيا بدأنا نلمس أنا ووالده التغييرات الإيجابية في حياة ديفيد منذ إسلامه، وأصبحت أقول لمن حولي إن إسلامه أنقذ حياته وأنا مؤمنة بذلك».
وأضاف جوزيف موضحا: «الحياة الجامعية مليئة بالمغريات والملهيات التي تفتن الشباب وقد ينجرفون إليها، وكان ديفيد مشهورا في الجامعة، ويعزف في فرقة موسيقية، ومولعا بحياة الروك والرول والحفلات والسهرات، وكنا قلقين من نهاية ذلك الطريق، وتأثير الأصدقاء عليه، خشية أن يؤثر ذلك على مستواه الدراسي سلبيا، لكن إسلامه غيره بشكل جذري للأفضل، ودفعه للتفوق الدراسي والانضباط».
أكملت جوان حديثها قائلة: «تزوج ديفيد من فتاة سعودية، وانتقل أخيراً إلى السعودية، فقلت لزوجي إنها فرصة مناسبة للتعرف على بلد زوجته نوال، والالتقاء بأسرتها، لأنهما على وشك أن يكملا 10 أعوام من الزواج، ولم يسبق لنا أن زرنا بلدها، وهي فرصة لرؤية أحفادنا بالتأكيد الذين نشتاق إليهم».
ويرى ديفيد أن زواجه في أمريكا كان مزيجا من العادات السعودية والأمريكية، «فقد ارتديت في جزء منه الثوب ورقصت المزمار، وزفة المجس الحجازي أضفت جوا مهيبا للفرح الذي عزفت فيه أهازيج الأعراس العربية والأمريكية، وحرصت نوال على دعوة أسرتي في ليلة الحنا والغمرة التي كانت خاصة بالنساء، فكانت تلك بداية تعرف أسرتي على الوجه الحقيقي للسعودية، وليس الوجه المشوه الذي يرسمه الإعلام المغرض، ولا يصدقه العقلاء».
منتجع درة العروس كان المحطة الأولى لأسرة ديفيد في المملكة، إذ قضوا أربعة أيام في فيلا جميلة على شاطئ البحر الأحمر، وتحكي جوان تجربتها في أولى محطاتها السعودية «الفيلا كبيرة، وفي اليوم الأول كانت هناك حفلة عشاء تعرفنا فيها على بقية أسرة نوال، وتحدثت إلى فتيات سعوديات من الضيوف يخالفن ما يعتقده البعض عن المرأة السعودية، فالبعض يظن أن المرأة المحجبة تفتقر للأناقة وهذا غير صحيح، لأن المحجبات أنيقات جدا في مناسباتهن الخاصة بعيدا عن أعين الرجال، وقد شاهدت ذلك بنفسي، والكثير يظنون أن المحجبات يرتدين الحجاب دائما حتى في بيوتهن، والصحيح أنهن يرتدين الحجاب أمام الرجال الغرباء، ويتأنقن في غيابهم». وهنا قال جوزيف: «حتى الرجال يلتزمون بالحشمة في المظهر، لذلك حرصت على عدم ارتداء شورتات أو ملابس غير لائقة، وكنا عندما نخرج من درة العروس للتنزه أختار ارتداء ملابس تناسب الذوق العام، وتظهر احترامي للثقافة المحلية، فيما ارتدت زوجتي العباءة».
ويضيف: «أحببت زيارة جدة، خصوصا منطقة البلد والحواري القديمة، وكان ترحيب الناس بنا صادقا ومؤثرا، وفي الحارة جلست على المركاز أمام بيت العامودي، وأكلت البليلة، وشاهدت مجموعة تلعب دومينو بحماس وشغف كبيرين، وعندما أذن العشاء توقف اللعب فجأة»، مشيراً إلى أن المنظر لا ينسى «وهي المرة الأولى التي أزور فيها دولة تظهر الشعائر في الحياة اليومية بهذا الشكل، تسمع صوت الأذان وتتوقف الحياة في الأسواق لبرهة ثم تعود للانشغال، كنت محاطا بالروحانيات وشعرت أن الله موجود في الحياة اليومية».
وعندما سألت جوان عن الأماكن الأخرى التي زاراها في جدة أجابت «ذهبنا إلى الرد سي مول، وتجولنا في شوارع جدة الشهيرة، وتناولنا العشاء في مطعم البيك، وجلسنا على الكورنيش، وأعجبت بالميادين والمعالم الجمالية فيها، جدة بها الكثير من المعالم السياحية، وهي مدينة جميلة وغنية بناسها الذين تركوا لدينا انطباعا إيجابيا كبيرا».
دماثة السعوديين والأمن.. مشاهد متكررة في المملكة
كانت المنطقة الشرقية الوجهة الثانية لجوزيف وزوجته، ويقول بين الخبر والدمام «ذهبنا للأسواق الشعبية وسوق الذهب واشتريت الثوب السعودي والطاقية التي وجدتها مريحة للغاية، وكذلك زرنا الراشد مول وأحببنا قيصرية الراشد واشترينا الهدايا التذكارية وتذوقنا الأكلات الشعبية والأطعمة التركية والهندية وغيرها، وكان العجيب أن للرز عدة أطباق كالصيادية والسليق والكبسة وغيرها».
وعند سؤالها عن أي شيء تكرر خلال الزيارة قالت جوان إن الناس دائما كانوا مبتسمين ومرحبين حتى من لم يتحدث الإنجليزية بطلاقة كان مرحبا ويعرف كلمة welcome، وأن الكثير منهم خدومون ويساعدون الآخرين.
ويرى جوزيف أن أكثر ما تكرر عليه في المملكة إحساسه بالأمن، «فقد زرت غرب المملكة وشرقها وشعرت بالطمأنينة، وما أدهشني حقا هو رغم أن المملكة تخوض حربا شرسة ضد الإرهاب وهناك الكثير من التهديدات إلا أنها لم تتحول إلى دولة بوليسية عسكرية، فالشوارع والطرقات لم يكن فيها وجود أمني خارج عن المعتاد وحياة الناس هادئة آمنة وأنا مقتنع أن الصورة التي شاهدتها من الخارج هي نتيجة جهد جبار خلف الكواليس وهذا إنجاز بحد ذاته أن تحقق الأمن والأمان للشعب كي يعيش بصورة طبيعية وبدون أن تحول دولتك إلى ثكنة عسكرية».
وتؤكد جوان شعورها بالطمأنينة وإحساسها بالأمن، مضيفة: «الجرائم هنا متدنية للغاية وقلما تحدث، فلم أشعر مطلقا بالخوف بل على العكس لقد خرجت لممارسة رياضة المشي بعد منصف الليل لأني شعرت بالأمان ولم يتعرض لي أحد، ولم أكن متخوفة من أن أحدهم سيسرق حقيبتي، لم أشعر بذلك مطلقا».
ويعتقد إبراهيم الهوساوي أن هذه الزيارة فرصة للتعرف على الوجه الحقيقي للمملكة والشعب السعودي المضياف، وقال كما أن الصورة أبلغ من ألف كلمة، فالتجربة أصدق من ألف صورة، ومثل هذه الزيارة هي فرصة لعكس سماحة الدين الإسلامي وتميز بناتنا السعوديات وتفوقهن وكذلك الإمكانيات المتاحة لدينا.
ومن خلال قضاء عطلته في السعودية، يربط جوزيف تطبيق الشريعة باستتباب الأمن، «قد تشكل رادعا للمجرمين وهذه الزيارة غيرت نظرتي للكثير من الأمور وأحببت المملكة، ولا أصدق نفسي بأني أشعر بالرغبة للعودة بأسرع وقت لأننا عندما خططنا لهذه الزيارة كانت نيتنا أن تكون الوحيدة ولم يكن يخطر ببالنا أننا سنرغب بتكرارها مستقبلا».
ويعقب ديفيد على حديث والديه: «الكثير من الأهل والأصدقاء بانتظار عودة والدي ووالدتي من السفر لسماع تجربتهما وأكثر ما أسعدني في الزيارة هو الانطباع الإيجابي الذي تركته لدى والديّ عن السعودية شعبا ودولة وعن الإسلام والمسلمين بشكل عام، فالآن والدايّ هما سفيران للسعودية وسيساهمان في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والصور النمطية السائدة بعد هذه التجربة الرائعة».
ولا يفوت جوزيف الفرصة للتأكيد على وجوب توضيح الحقائق وأن لا «نتعصب للصورة النمطية وقد يكون هناك من يظن أن هوليوود تمثل الحياة الأمريكية أو أن بعض السياسيين الأمريكيين أصحاب التصريحات العنصرية الاستفزازية يمثلوننا وهذا غير صحيح، فزوجتي جوان هي المرأة الأولى في حياتي ولم يكن لي أي علاقات خارج المؤسسة الزوجية لا قبل ولا بعد الزواج، وفي الشهر القادم سأحتفل مع زوجتي بذكرى زواجنا الـ36 وأنا فخور بزواجنا المليء بالحب»، وهنا توقف جوزيف لمسح دمعته ثم أكمل قائلا «إن الحب والاحترام هو أساس الزواج السعيد وعلى عكس ما تروج له بعض الأفلام الأمريكية فالقيم الأسرية متماسكة ومهمة لدى عائلتنا».
.. وجوان: الشعبان يتمسكان بقيم مماثلة
يحكي جوزيف الذي يزور السعودية للمرة الأولى برفقة زوجته، بعد مضي 10 أعوام على زواج ابنه المعتنق للإسلام من فتاة سعودية، قصة والده «سكوت» الذي نشأ في زمن الفصل العنصري، «ومع هذا كان مناضلا ضد العنصرية، ولم يكن والدي مناضلا ضد العنصرية بأقواله بل بأفعاله فهو لم يقل لنا إن العنصرية خطأ وإن كل الناس سواسية، بل عين في محله الخاص رجل أسود وأصبح أكثر من موظف بل صديقا، ولم يثنه عن قراره فعل بعض عملائه المؤيدين لقانون الفصل العنصري آنذاك، إذ كانوا يلغون الطلبية عند توصيلها لبيوتهم، ويستردون أموالهم، فخسارة المال لم تكن لتثنيه عن مناهضة العنصرية بل حتى أنه تعرض للطرد من أحد المطاعم التي لم يسمح للملونين بالوجود بها، وقال له صاحب المطعم أنت مرحب بك لكن دون هذا وأشار إلى صديقه فقال من لا يرحب به لا يرحب بي وخرج من المطعم». ويستطرد في الحدث عن والده: «لقد كان رجل مواقف لا رجل خطب وشعارات، لدرجة أنه عندما مرض صديقه ولم يعد باستطاعته العمل وظف شقيقه مكانه وهو بإمكانه توظيف أي شخص آخر، كان يربينا بأفعاله لا بأقواله ومثل هذه القيم هي التي تمثلنا نحن الأمريكيين وهي ما ربينا عليها أبناءنا».
وتطرقت جوان إلى ذكريات والدها قائلة: «لوالدي مواقف مشابهة فقد كان له أصدقاء صينيون في وقت كان التمييز ضدهم مقبولا، وفي الماضي تعرضت كثير من الأقليات للتمييز مع الأسف وتغلبنا على ذلك لإيماننا بأن القوة تكمن في التنوع والتعددية والقانون، وتعلمت من تجربتي هذه أن السعوديين لا يختلفون كثيرا عنا فكلا الشعبين الأمريكي والسعودي بالنهاية يطمحون لتحقيق نفس الأهداف لأسرهم ويتمسكون بقيم مماثلة، ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وعلينا تذكر ذلك وعدم تصديق الإعلام المغرض الذي تحركه مصالح شخصية تتعمد التشويه ونشر الفرقة والكراهية».
وختمت قائلة إنها ستشجع والدي جون (عديل ديفيد) على زيارة السعودية في أقرب فرصة وستدعو معارفها لزيارتها كذلك لأنها ستكون تجربة مغايرة لكل التوقعات.
هكذا بدأت السيدة جوان مكارثي حديثها عن رحلتها وزوجها السيد جوزيف مكارثي لزيارة المملكة العربية السعودية، وهي المرة الأولى التي قررا فيها خوض هذه التجربة، ويقول جوزيف: «حجزنا التذاكر قبل ثمانية أشهر من موعد الرحلة وحصلنا على تأشيرة زيارة، وقضينا الوقت في الإعداد والتخطيط لهذه الرحلة الكبيرة بالنسبة لنا، فخصصنا وقتا يوميا للقراءة والاطلاع لتعلم اللغة العربية والتعرف على العادات والثقافة المحلية، وكنا متشوقين للغاية، إذ لم يسبق لنا أن أخذنا إجازة أسبوعين من العمل سويا أنا وزوجتي، لذا كانت أطول إجازة نأخذها طوال حياتنا الزوجية التي تجاوزت الـ35 عاما».
هنا علقت جوان على سبب الزيارة قائلة: «نحن أسرة كاثوليكية متدينة، وحرصنا على تربية أبنائنا على القيم الفاضلة، فقد درسوا بمدارس كاثوليكية خاصة، وكنا نمارس الشعائر الدينية مع أطفالنا بانتظام، ولكن عندما التحق ديفيد بالجامعة قرر اعتناق الإسلام، في البداية ظننت أنها نزوة أو موضة سيتركها بعد أن يمل منها مثل قصات شعره آنذاك، فقد كان قراره بلا مقدمات، وفجائي، لكن تدريجيا بدأنا نلمس أنا ووالده التغييرات الإيجابية في حياة ديفيد منذ إسلامه، وأصبحت أقول لمن حولي إن إسلامه أنقذ حياته وأنا مؤمنة بذلك».
وأضاف جوزيف موضحا: «الحياة الجامعية مليئة بالمغريات والملهيات التي تفتن الشباب وقد ينجرفون إليها، وكان ديفيد مشهورا في الجامعة، ويعزف في فرقة موسيقية، ومولعا بحياة الروك والرول والحفلات والسهرات، وكنا قلقين من نهاية ذلك الطريق، وتأثير الأصدقاء عليه، خشية أن يؤثر ذلك على مستواه الدراسي سلبيا، لكن إسلامه غيره بشكل جذري للأفضل، ودفعه للتفوق الدراسي والانضباط».
أكملت جوان حديثها قائلة: «تزوج ديفيد من فتاة سعودية، وانتقل أخيراً إلى السعودية، فقلت لزوجي إنها فرصة مناسبة للتعرف على بلد زوجته نوال، والالتقاء بأسرتها، لأنهما على وشك أن يكملا 10 أعوام من الزواج، ولم يسبق لنا أن زرنا بلدها، وهي فرصة لرؤية أحفادنا بالتأكيد الذين نشتاق إليهم».
ويرى ديفيد أن زواجه في أمريكا كان مزيجا من العادات السعودية والأمريكية، «فقد ارتديت في جزء منه الثوب ورقصت المزمار، وزفة المجس الحجازي أضفت جوا مهيبا للفرح الذي عزفت فيه أهازيج الأعراس العربية والأمريكية، وحرصت نوال على دعوة أسرتي في ليلة الحنا والغمرة التي كانت خاصة بالنساء، فكانت تلك بداية تعرف أسرتي على الوجه الحقيقي للسعودية، وليس الوجه المشوه الذي يرسمه الإعلام المغرض، ولا يصدقه العقلاء».
منتجع درة العروس كان المحطة الأولى لأسرة ديفيد في المملكة، إذ قضوا أربعة أيام في فيلا جميلة على شاطئ البحر الأحمر، وتحكي جوان تجربتها في أولى محطاتها السعودية «الفيلا كبيرة، وفي اليوم الأول كانت هناك حفلة عشاء تعرفنا فيها على بقية أسرة نوال، وتحدثت إلى فتيات سعوديات من الضيوف يخالفن ما يعتقده البعض عن المرأة السعودية، فالبعض يظن أن المرأة المحجبة تفتقر للأناقة وهذا غير صحيح، لأن المحجبات أنيقات جدا في مناسباتهن الخاصة بعيدا عن أعين الرجال، وقد شاهدت ذلك بنفسي، والكثير يظنون أن المحجبات يرتدين الحجاب دائما حتى في بيوتهن، والصحيح أنهن يرتدين الحجاب أمام الرجال الغرباء، ويتأنقن في غيابهم». وهنا قال جوزيف: «حتى الرجال يلتزمون بالحشمة في المظهر، لذلك حرصت على عدم ارتداء شورتات أو ملابس غير لائقة، وكنا عندما نخرج من درة العروس للتنزه أختار ارتداء ملابس تناسب الذوق العام، وتظهر احترامي للثقافة المحلية، فيما ارتدت زوجتي العباءة».
ويضيف: «أحببت زيارة جدة، خصوصا منطقة البلد والحواري القديمة، وكان ترحيب الناس بنا صادقا ومؤثرا، وفي الحارة جلست على المركاز أمام بيت العامودي، وأكلت البليلة، وشاهدت مجموعة تلعب دومينو بحماس وشغف كبيرين، وعندما أذن العشاء توقف اللعب فجأة»، مشيراً إلى أن المنظر لا ينسى «وهي المرة الأولى التي أزور فيها دولة تظهر الشعائر في الحياة اليومية بهذا الشكل، تسمع صوت الأذان وتتوقف الحياة في الأسواق لبرهة ثم تعود للانشغال، كنت محاطا بالروحانيات وشعرت أن الله موجود في الحياة اليومية».
وعندما سألت جوان عن الأماكن الأخرى التي زاراها في جدة أجابت «ذهبنا إلى الرد سي مول، وتجولنا في شوارع جدة الشهيرة، وتناولنا العشاء في مطعم البيك، وجلسنا على الكورنيش، وأعجبت بالميادين والمعالم الجمالية فيها، جدة بها الكثير من المعالم السياحية، وهي مدينة جميلة وغنية بناسها الذين تركوا لدينا انطباعا إيجابيا كبيرا».
دماثة السعوديين والأمن.. مشاهد متكررة في المملكة
كانت المنطقة الشرقية الوجهة الثانية لجوزيف وزوجته، ويقول بين الخبر والدمام «ذهبنا للأسواق الشعبية وسوق الذهب واشتريت الثوب السعودي والطاقية التي وجدتها مريحة للغاية، وكذلك زرنا الراشد مول وأحببنا قيصرية الراشد واشترينا الهدايا التذكارية وتذوقنا الأكلات الشعبية والأطعمة التركية والهندية وغيرها، وكان العجيب أن للرز عدة أطباق كالصيادية والسليق والكبسة وغيرها».
وعند سؤالها عن أي شيء تكرر خلال الزيارة قالت جوان إن الناس دائما كانوا مبتسمين ومرحبين حتى من لم يتحدث الإنجليزية بطلاقة كان مرحبا ويعرف كلمة welcome، وأن الكثير منهم خدومون ويساعدون الآخرين.
ويرى جوزيف أن أكثر ما تكرر عليه في المملكة إحساسه بالأمن، «فقد زرت غرب المملكة وشرقها وشعرت بالطمأنينة، وما أدهشني حقا هو رغم أن المملكة تخوض حربا شرسة ضد الإرهاب وهناك الكثير من التهديدات إلا أنها لم تتحول إلى دولة بوليسية عسكرية، فالشوارع والطرقات لم يكن فيها وجود أمني خارج عن المعتاد وحياة الناس هادئة آمنة وأنا مقتنع أن الصورة التي شاهدتها من الخارج هي نتيجة جهد جبار خلف الكواليس وهذا إنجاز بحد ذاته أن تحقق الأمن والأمان للشعب كي يعيش بصورة طبيعية وبدون أن تحول دولتك إلى ثكنة عسكرية».
وتؤكد جوان شعورها بالطمأنينة وإحساسها بالأمن، مضيفة: «الجرائم هنا متدنية للغاية وقلما تحدث، فلم أشعر مطلقا بالخوف بل على العكس لقد خرجت لممارسة رياضة المشي بعد منصف الليل لأني شعرت بالأمان ولم يتعرض لي أحد، ولم أكن متخوفة من أن أحدهم سيسرق حقيبتي، لم أشعر بذلك مطلقا».
ويعتقد إبراهيم الهوساوي أن هذه الزيارة فرصة للتعرف على الوجه الحقيقي للمملكة والشعب السعودي المضياف، وقال كما أن الصورة أبلغ من ألف كلمة، فالتجربة أصدق من ألف صورة، ومثل هذه الزيارة هي فرصة لعكس سماحة الدين الإسلامي وتميز بناتنا السعوديات وتفوقهن وكذلك الإمكانيات المتاحة لدينا.
ومن خلال قضاء عطلته في السعودية، يربط جوزيف تطبيق الشريعة باستتباب الأمن، «قد تشكل رادعا للمجرمين وهذه الزيارة غيرت نظرتي للكثير من الأمور وأحببت المملكة، ولا أصدق نفسي بأني أشعر بالرغبة للعودة بأسرع وقت لأننا عندما خططنا لهذه الزيارة كانت نيتنا أن تكون الوحيدة ولم يكن يخطر ببالنا أننا سنرغب بتكرارها مستقبلا».
ويعقب ديفيد على حديث والديه: «الكثير من الأهل والأصدقاء بانتظار عودة والدي ووالدتي من السفر لسماع تجربتهما وأكثر ما أسعدني في الزيارة هو الانطباع الإيجابي الذي تركته لدى والديّ عن السعودية شعبا ودولة وعن الإسلام والمسلمين بشكل عام، فالآن والدايّ هما سفيران للسعودية وسيساهمان في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والصور النمطية السائدة بعد هذه التجربة الرائعة».
ولا يفوت جوزيف الفرصة للتأكيد على وجوب توضيح الحقائق وأن لا «نتعصب للصورة النمطية وقد يكون هناك من يظن أن هوليوود تمثل الحياة الأمريكية أو أن بعض السياسيين الأمريكيين أصحاب التصريحات العنصرية الاستفزازية يمثلوننا وهذا غير صحيح، فزوجتي جوان هي المرأة الأولى في حياتي ولم يكن لي أي علاقات خارج المؤسسة الزوجية لا قبل ولا بعد الزواج، وفي الشهر القادم سأحتفل مع زوجتي بذكرى زواجنا الـ36 وأنا فخور بزواجنا المليء بالحب»، وهنا توقف جوزيف لمسح دمعته ثم أكمل قائلا «إن الحب والاحترام هو أساس الزواج السعيد وعلى عكس ما تروج له بعض الأفلام الأمريكية فالقيم الأسرية متماسكة ومهمة لدى عائلتنا».
.. وجوان: الشعبان يتمسكان بقيم مماثلة
يحكي جوزيف الذي يزور السعودية للمرة الأولى برفقة زوجته، بعد مضي 10 أعوام على زواج ابنه المعتنق للإسلام من فتاة سعودية، قصة والده «سكوت» الذي نشأ في زمن الفصل العنصري، «ومع هذا كان مناضلا ضد العنصرية، ولم يكن والدي مناضلا ضد العنصرية بأقواله بل بأفعاله فهو لم يقل لنا إن العنصرية خطأ وإن كل الناس سواسية، بل عين في محله الخاص رجل أسود وأصبح أكثر من موظف بل صديقا، ولم يثنه عن قراره فعل بعض عملائه المؤيدين لقانون الفصل العنصري آنذاك، إذ كانوا يلغون الطلبية عند توصيلها لبيوتهم، ويستردون أموالهم، فخسارة المال لم تكن لتثنيه عن مناهضة العنصرية بل حتى أنه تعرض للطرد من أحد المطاعم التي لم يسمح للملونين بالوجود بها، وقال له صاحب المطعم أنت مرحب بك لكن دون هذا وأشار إلى صديقه فقال من لا يرحب به لا يرحب بي وخرج من المطعم». ويستطرد في الحدث عن والده: «لقد كان رجل مواقف لا رجل خطب وشعارات، لدرجة أنه عندما مرض صديقه ولم يعد باستطاعته العمل وظف شقيقه مكانه وهو بإمكانه توظيف أي شخص آخر، كان يربينا بأفعاله لا بأقواله ومثل هذه القيم هي التي تمثلنا نحن الأمريكيين وهي ما ربينا عليها أبناءنا».
وتطرقت جوان إلى ذكريات والدها قائلة: «لوالدي مواقف مشابهة فقد كان له أصدقاء صينيون في وقت كان التمييز ضدهم مقبولا، وفي الماضي تعرضت كثير من الأقليات للتمييز مع الأسف وتغلبنا على ذلك لإيماننا بأن القوة تكمن في التنوع والتعددية والقانون، وتعلمت من تجربتي هذه أن السعوديين لا يختلفون كثيرا عنا فكلا الشعبين الأمريكي والسعودي بالنهاية يطمحون لتحقيق نفس الأهداف لأسرهم ويتمسكون بقيم مماثلة، ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وعلينا تذكر ذلك وعدم تصديق الإعلام المغرض الذي تحركه مصالح شخصية تتعمد التشويه ونشر الفرقة والكراهية».
وختمت قائلة إنها ستشجع والدي جون (عديل ديفيد) على زيارة السعودية في أقرب فرصة وستدعو معارفها لزيارتها كذلك لأنها ستكون تجربة مغايرة لكل التوقعات.