أخبار

دعوة «التكتل» رؤية جديدة لمستقبل الخليج

تعزز اقتصاديات دول التعاون لمواجهة التحديات

ولي ولي العهد أثناء الاجتماع الأول لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية في الرياض أمس الأول (الخميس). (تصوير: بندر الجلعود)

«عكاظ» (جدة)

وضع ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز النقاط على الحروف، وانطلق من رؤية تنموية مستنيرة لدعم مسيرة التنمية الخليجية لإرساء اقتصاديات قوية تنافس مثيلاتها في دول العالم، وما تأكيداته في الاجتماع الأول لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بدول مجلس التعاون بالرياض أمس الأول (الخميس) على أنه «أمام دول مجلس التعاون الخليجي فرصة كتكتل في أن تكون أكبر سادس اقتصاد في العالم»، إلا تجسيد لاهتمامه بالنهوض باقتصاديات دول التعاون وتحقيق النمو والازدهار لشعوبها ومواجهة أي تقلبات اقتصادية تعج بها كثير من دول العالم.

دعوة ولي ولي العهد لتحقيق التكتل انطلقت من رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وهي دعوة لوضع الأطر المناسبة لمواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية بالتكتل الخليجي والتركيز على النمو والصناعة مثل النمور الآسيوية وأمريكا والصين، وقطعاً سيكون لهذا التوجه دوره الفاعل في تعزيز الترابط والتكامل والتنسيق بين دول المجلس في المجالات كافة، وتسريع وتيرة العمل المشترك، ودعم الاقتصاد الخليجي وقدرته التنافسية والتفاوضية، وإحداث نقلة نوعية لمسيرة التنمية الاقتصادية الخليجية، وهذا يتطلب مضاعفة كفاءة البنى التحتية وتطوير النظام التعليمي، وتحديث بيئة الإطار التشريعي، والتعامل الأمثل مع المستجدات الاقتصادية والتنموية الإقليمية والعالمية، وتسريع القرارات والاتفاقات والأنظمة الاقتصادية والتنموية، وتيسير الإجراءات الجمركية بين دول التعاون وإدراك حجم التحديات التي تواجهها ليتسنى لها مواجهتها بقوة دون أن تؤثر على مقدراتها وتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين، ووضع الأطر الكفيلة بتفعيل جهود رفع كفاءة الإنتاج وتحفيز معدلات النمو الاقتصادي.

تنويع مصادر الدخل

تأتي دعوة ولي ولي العهد منطلقة من الواقعية التي تبرهن وتؤكد قدرة دول المجلس على التعاطي مع أية مستجدات في إطار العمل المشترك، وتؤكد الفوائد التي ستجنيها إذا عملت على تعزيز التكتل الفعّال، ما يؤدي لدعم التكامل الاقتصادي الخليجي بما يمكنها من تحقيق أهدافها، إنها دعوة تؤكد أن المستقبل سيحمل الكثير من الآمال، خصوصاً مع رؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020، دون الاعتماد على النفط بل العمل على تنويع مصادر الدخل في اقتصاديات دول التعاون التي لم تعد تضع النفط في أولوياتها بل حريصة على رسم مستقبل اقتصادي تتنوع فيه مصادر الدخل.

رؤية تنموية عملية

مطلوب من دول التعاون ألا تكون عبارة «التنمية المستدامة» شعاراً تلوكه الألسن، بل رؤية عملية تتحقق بوضع خطط إستراتيجية وسياسات وبرامج اقتصادية ومالية فاعلة، لنقل المجتمعات الخليجية إلى مستقبل مزدهر، وتحقيق المزيد من الإنجازات لتضاف لما تحقق سابقاً، خصوصاً أن دول التعاون تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم بنحو 497 مليار برميل بما نسبته 34% من إجمالي الاحتياطي العالمي، وتختزن ما نسبته 22% من احتياطي الغاز، إضافة لذلك دول التعاون معنية بمعاملة السلع المنتجة في أي منها معاملة المنتجات الوطنية، مع الإسراع في استكمال الإجراءات التي تمكنها من الوصول إلى الاتحاد الخليجي، وتعزيز دور القطاع الخاص الخليجي في التنمية المستدامة، وسد الفجوة بين الباحثين عن عمل من المواطنين وأصحاب الأعمال من أجل المساهمة في بناء اقتصاد خليجي مزهر.

ولا شك أن مضاعفة جهود دول التعاون لتطوير القطاعات الاقتصادية القائمة، ستسهم بشكل فاعل في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتؤدي لتعزيز استقطاب الاستثمارات لدول الخليج ورفع تنافسية قطاعاتها الاقتصادية، وتظل الحاجة ماسة لتطوير النظام التعليمي، وتعزيز قدرته على تخريج كوادر بشرية مؤهلة، قادرة على مواكبة تطورات العصر، خصوصاً فيما يتعلق بالابتكارات والاختراعات، وتأتي الأولويات الأساسية التي وضعتها هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بدول التعاون في اجتماعها الأول أمس الأول (الخميس) في الوقت المناسب لتحقيق رؤية ولي ولي العهد لتصبح دول الخليج سادس أكبر اقتصاد بالعالم، وهي تطوير العمل الاقتصادي الخليجي، وتنفيذ القرارات الاقتصادية، ومراجعة السياسات والبرامج الاقتصادية، وتوفير الدعم لرواد الأعمال من الشباب لتعزيز دورهم في دعم الاقتصاد الخليجي، وتظل السوق الخليجية المشتركة أحد أهم المراحل المهمة في دعم التكتل والتكامل الاقتصادي، إذ إن السوق المشتركة تعني معاملة مواطني الدول الأعضاء فيها معاملة مواطني أي دولة خليجية في جميع المجالات الاقتصادية كالتنقل والإقامة والعمل والتأمينات الاجتماعية وممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية والخدمية والحرف والمهن والمعاملة الضريبية والخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية، إضافة للمساواة في المعاملة في التنقل والإقامة والعمل والاستثمار والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وغير ذلك من المزايات التي تسهم في دعم انطلاقة التكتل الخليجي.

دعم استقرار سوق النفط

إن تحقيق التكتل يحتّم على دول التعاون الإسراع في وضع خطة لضمان تحقيق مصالحها الإستراتيجية من النفط، ووضع إستراتيجية وسياسة بترولية طويلة المدى قادرة على التأثير الإيجابي على استقرار الأسواق النفطية ودعم الأسعار، وتحقيق التكامل في الصناعات النفطية بدول المجلس، وتطوير كفاءة ومستويات الأداء في كافة قطاعاتها ومختلف مراحلها من استكشاف وإنتاج وتكرير وتسويق وتصنيع وتسعير، إضافة لتنفيذ مشاريع نفطية على أسس تجارية للمساهمة في دعم الاقتصاديات الخليجية بتعزيز التوجه للصناعات النفطية، وتعزيز التنسيق في الأوضاع الحالية والمستقبلية للسوق النفطية وتوحيد المواقف في المحافل الدولية ذات العلاقة بالنفط وأبعاده المختلفة والمتشعبة.

وتأتي دعوة ولي ولي العهد لتحقيق التكتل متوافقة مع السياسة التجارية الموحدة لمجلس التعاون والتي تهدف إلى توحيد سياستها التجارية الخارجية لتعزيز تعاملها مع منظمة التجارة العالمية والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى كوحدة اقتصادية واحدة، وزيادة القدرة التنافسية لصادراتها، وتنشيط التبادل التجاري مع العالم الخارجي، وتشجيع المنتجات الوطنية والدفاع عنها في الأسواق الخارجية، وتفعيل دور القطاع الخاص في تنمية الصادرات الخليجية، واتباع سياسة تجارية موحدة من خلال توحيد الإجراءات التجارية والاقتصادية لتسهيل انسياب تنقل المواطنين والسلع.