التحالفات الدولية الحالية بالمنطقة..؟!
السبت / 12 / صفر / 1438 هـ السبت 12 نوفمبر 2016 21:50
صدقة يحيى فاضل
تشهد المنطقة العربية أحداثا ووقائع سياسية جساما، من أسباب معظمها هذا التصارع العالمي في وعلى المنطقة، الذي كان من نتائجه أن أصبحت منطقتنا أكثر مناطق العالم اضطرابا وعدم استقرار وتخبطا. وطالما رددنا بأن هذه المنطقة المضطربة مبتلاة بعدم الاستقرار المزمن، بسبب «عوامل» تكاد تكون معروفة للعامة، قبل الخاصة. فما في المنطقة من ضعف وتخلف واضطراب وتشرذم، يرد - عادة - إلى العاملين الرئيسيين: العامل الذاتي (الداخلي) وأبرز عناصره ومكوناته السلبية هي: سوء تفسير الدين الإسلامي الحنيف من قبل البعض، المذهبية المتطرفة، الطائفية الإقصائية، الاستبداد السياسي...إلخ. أما العامل الخارجي، فيتركز في: عداء التحالف الصهيوني - الإمبريالي لهذه الأمة، وسعيه لتقويض العروبة والإسلام، بدءا من عقر دارهما. إضافة إلى صراع القوى العالمية العظمى والكبرى السياسي على هذه المنطقة المهمة ومقدراتها المختلفة.
وهناك، ولا شك، «تداخل» وثيق بين العاملين الداخلي والخارجي. ولولا الوضع الداخلي والذاتي العربي الرديء، لما تمكن العامل الخارجي من تحقيق أغلب مآربه السلبية في الأرض العربية. فالعامل الخارجي نجح تماما في «تسخير» الوضع الداخلي (بأغلب معطياته) لخدمة أغراض القوى الخارجية، وتحقيق أهدافها - الواحد تلو الآخر - بسهولة قياسية. بل إن كثيرا من الأهداف الخارجية الضارة تحققت «بيد المعنيين، لا بيد عمرو»...؟!
يأتي هذا التنافس والتصارع العالمي على المنطقة ليزيد طينها بلة. فالمنطقة ذات موقع إستراتيجي فريد. كما أن بها موارد طبيعية هائلة، إضافة إلى كونها تحتوي على أكبر مصادر الطاقة في العالم. حتى أصبح من الصعب على أي قوة دولية كبرى، أو عظمى، أن تكون كذلك ما لم يكن لها نفوذ يذكر بهذا الجزء من العالم. وهذا ما تأكد بوضوح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
***
وتبسيطا، يمكن القول: إن في المنطقة العربية الآن تكتلين عالميين كبيرين متنافسين، الأول هو التكتل الغربي بزعامة الولايات المتحدة. أما التكتل الثاني المضاد والمنافس للتكتل الغربي، فلنسمه «الشرقي» المكون من القوى المناوئة حاليا للغرب، وفى مقدمتها روسيا والصين، ومن يسير في فلكيهما. ولكل من هذين التكتلين حلفاء من المنطقة نفسها. وكلا هذين التكتلين يعمل لما يحقق ما يعتقد أنه مصالحه. وكثيرا ما تكون هذه الـ«مصالح» لفئات قليلة في كل تكتل، وغالبا ما يكون حراك هذين التكتلين بالمنطقة في اتجاه سلبي ومضاد بالنسبة للمصالح العليا العربية والإسلامية الحقيقية. وإن ادعى أحد الأغيار أنه يعمل على استتباب الأمن والاستقرار بالمنطقة فإنه غالبا ما يعمل ذلك بما يتوافق ومصالحه ومراميه وأهدافه المتغيرة التفاصيل، الثابتة الجوهر تقريبا. أما أن يعمل على إقامة استقرار صحيح وصلب، عماده الحرية والعدالة والمساواة والشورى والتكافل الاجتماعي... كي تعيش الأمة كريمة مستقلة في أرضها، متمتعة بحقوقها المشروعة وبإمكاناتها، بما يحقق لها الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار، ومكانة مقبولة بين أمم الأرض المعاصرة، فهذا غير وارد من قبل أطراف هذين التكتلين.
ليس في نوايا معظم هؤلاء الأغيار - كما يبدو مؤكدا - خير لهذه الأمة، بل إنهم يتسابقون على استغلال إمكاناتها لصالحهم، عبر إضعافها وإذلالها. وأفضل وسائل إضعافها (في حساباتهم) هي: استدامة تخبطها الفكري والعقائدي والسياسي، إضافة إلى تقسيمها وشرذمتها، وخلق كيانات ودويلات متنافسة ومهترئة ومتهالكة منها، وعلى أسس طائفية ومذهبية ومصلحية خاصة.
***
ومعروف أن أهم «وسائل» تحقيق أهداف السياسة الخارجية لأي بلد، هي: الدبلوماسية، الأدوات الاقتصادية المختلفة، الأدوات النفسية والإعلامية، القوة المسلحة. وهناك «وسائل» أخرى، أقل أهمية مما ذكر، تأتي في مقدمتها: التحالفات الدولية... أي تحالف الدولة مع قوى دولية يمكن أن توفر لها «قوة» إضافية، على الساحتين الإقليمية والعالمية، وتقدم لها شيئا من الحماية والرعاية. وتلك هي أهداف أي تحالف دولي، سواء كان معلنا، أو غير معلن رسميا. وبسبب «تغير المصالح» من وقت لآخر فإن الأحلاف الدولية تتغير هي الأخرى، من وقت لآخر.
في الوقت الراهن، نرى عشرات التكتلات، ونرى أن إيران وبعض الدول العربية (العراق، سورية بخاصة) في تحالف غير مكتوب مع معسكر الشرق، لتشابه راهن في «المصالح»، بينما تركيا ومعظم الدول العربية الأخرى تميل للمعسكر الغربي، رغم ما يطفو على السطح من خلافات مع الغرب. كما يلاحظ أن تحالف دولة مع معسكر معين لا يعني قطيعة مع المعسكر الآخر، كما كان الحال أثناء الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي السابق. فهناك دول تقيم علاقات وثيقة مع المعسكر المنافس للمعسكر الذي «تتحالف» معه.
***
الوضع الأفضل للأمة العربية، في هذه الحالة وغيرها، هو: عدم الميل إلى أي من المعسكرين، واتباع سياسة «الحياد الإيجابي» تجاههما، وتكوين حلف عربي... يعمل بجد وقوة على خدمة المصالح العربية العليا، وحماية أمن واستقلال وكرامة العرب، بعيدا عن التكتلات التي كثيرا ما تعود على العرب بالخسران، وفقدان الأمن والاستقلال. والتكتل المأمول لن يرى النور إلا إن قامت موجة إصلاحية سياسية سليمة في معظم هذا العالم العربي الكبير. وتظل مسؤولية الإصلاح وتصحيح الأوضاع السياسية واقعة على الشعوب والنخب العربية المفكرة المستنيرة، إضافة إلى القيادات المخلصة.
وهناك، ولا شك، «تداخل» وثيق بين العاملين الداخلي والخارجي. ولولا الوضع الداخلي والذاتي العربي الرديء، لما تمكن العامل الخارجي من تحقيق أغلب مآربه السلبية في الأرض العربية. فالعامل الخارجي نجح تماما في «تسخير» الوضع الداخلي (بأغلب معطياته) لخدمة أغراض القوى الخارجية، وتحقيق أهدافها - الواحد تلو الآخر - بسهولة قياسية. بل إن كثيرا من الأهداف الخارجية الضارة تحققت «بيد المعنيين، لا بيد عمرو»...؟!
يأتي هذا التنافس والتصارع العالمي على المنطقة ليزيد طينها بلة. فالمنطقة ذات موقع إستراتيجي فريد. كما أن بها موارد طبيعية هائلة، إضافة إلى كونها تحتوي على أكبر مصادر الطاقة في العالم. حتى أصبح من الصعب على أي قوة دولية كبرى، أو عظمى، أن تكون كذلك ما لم يكن لها نفوذ يذكر بهذا الجزء من العالم. وهذا ما تأكد بوضوح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
***
وتبسيطا، يمكن القول: إن في المنطقة العربية الآن تكتلين عالميين كبيرين متنافسين، الأول هو التكتل الغربي بزعامة الولايات المتحدة. أما التكتل الثاني المضاد والمنافس للتكتل الغربي، فلنسمه «الشرقي» المكون من القوى المناوئة حاليا للغرب، وفى مقدمتها روسيا والصين، ومن يسير في فلكيهما. ولكل من هذين التكتلين حلفاء من المنطقة نفسها. وكلا هذين التكتلين يعمل لما يحقق ما يعتقد أنه مصالحه. وكثيرا ما تكون هذه الـ«مصالح» لفئات قليلة في كل تكتل، وغالبا ما يكون حراك هذين التكتلين بالمنطقة في اتجاه سلبي ومضاد بالنسبة للمصالح العليا العربية والإسلامية الحقيقية. وإن ادعى أحد الأغيار أنه يعمل على استتباب الأمن والاستقرار بالمنطقة فإنه غالبا ما يعمل ذلك بما يتوافق ومصالحه ومراميه وأهدافه المتغيرة التفاصيل، الثابتة الجوهر تقريبا. أما أن يعمل على إقامة استقرار صحيح وصلب، عماده الحرية والعدالة والمساواة والشورى والتكافل الاجتماعي... كي تعيش الأمة كريمة مستقلة في أرضها، متمتعة بحقوقها المشروعة وبإمكاناتها، بما يحقق لها الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار، ومكانة مقبولة بين أمم الأرض المعاصرة، فهذا غير وارد من قبل أطراف هذين التكتلين.
ليس في نوايا معظم هؤلاء الأغيار - كما يبدو مؤكدا - خير لهذه الأمة، بل إنهم يتسابقون على استغلال إمكاناتها لصالحهم، عبر إضعافها وإذلالها. وأفضل وسائل إضعافها (في حساباتهم) هي: استدامة تخبطها الفكري والعقائدي والسياسي، إضافة إلى تقسيمها وشرذمتها، وخلق كيانات ودويلات متنافسة ومهترئة ومتهالكة منها، وعلى أسس طائفية ومذهبية ومصلحية خاصة.
***
ومعروف أن أهم «وسائل» تحقيق أهداف السياسة الخارجية لأي بلد، هي: الدبلوماسية، الأدوات الاقتصادية المختلفة، الأدوات النفسية والإعلامية، القوة المسلحة. وهناك «وسائل» أخرى، أقل أهمية مما ذكر، تأتي في مقدمتها: التحالفات الدولية... أي تحالف الدولة مع قوى دولية يمكن أن توفر لها «قوة» إضافية، على الساحتين الإقليمية والعالمية، وتقدم لها شيئا من الحماية والرعاية. وتلك هي أهداف أي تحالف دولي، سواء كان معلنا، أو غير معلن رسميا. وبسبب «تغير المصالح» من وقت لآخر فإن الأحلاف الدولية تتغير هي الأخرى، من وقت لآخر.
في الوقت الراهن، نرى عشرات التكتلات، ونرى أن إيران وبعض الدول العربية (العراق، سورية بخاصة) في تحالف غير مكتوب مع معسكر الشرق، لتشابه راهن في «المصالح»، بينما تركيا ومعظم الدول العربية الأخرى تميل للمعسكر الغربي، رغم ما يطفو على السطح من خلافات مع الغرب. كما يلاحظ أن تحالف دولة مع معسكر معين لا يعني قطيعة مع المعسكر الآخر، كما كان الحال أثناء الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي السابق. فهناك دول تقيم علاقات وثيقة مع المعسكر المنافس للمعسكر الذي «تتحالف» معه.
***
الوضع الأفضل للأمة العربية، في هذه الحالة وغيرها، هو: عدم الميل إلى أي من المعسكرين، واتباع سياسة «الحياد الإيجابي» تجاههما، وتكوين حلف عربي... يعمل بجد وقوة على خدمة المصالح العربية العليا، وحماية أمن واستقلال وكرامة العرب، بعيدا عن التكتلات التي كثيرا ما تعود على العرب بالخسران، وفقدان الأمن والاستقلال. والتكتل المأمول لن يرى النور إلا إن قامت موجة إصلاحية سياسية سليمة في معظم هذا العالم العربي الكبير. وتظل مسؤولية الإصلاح وتصحيح الأوضاع السياسية واقعة على الشعوب والنخب العربية المفكرة المستنيرة، إضافة إلى القيادات المخلصة.