كتاب ومقالات

الفراغ وأشباح الثقافة

ولكم الرأي

سعيد السريحي

حين ينشغل المثقفون، وإن أردنا أن نكون أكثر دقة قلنا حين ينشغل المنتسبون للعمل الثقافي بموضوع الدعوات للمناسبات والملتقيات والمؤتمرات الثقافية احتجاجا على عدم توجيه الدعوة لهم أو دفاعا عن حمى الجهات الراعية لتلك الملتقيات والمؤتمرات والداعية لتلك المناسبات، حين يحدث ذلك فاقرأ على أولئك المثقفين السلام وانفض يدك من ثقافة لم تحمِ حامليها ومن يدعون الانتماء إليها من توهم أن قيمتهم مرتبطة بحضور تلك الملتقيات والمؤتمرات وكذلك من يعتقدون أن دورهم أن يلعبوا حراس مرمى يصدون كل استهداف للجهات الداعية وكل نقد يوجه إليها وكل مأخذ على ما تقدمه من نشاط أو يقع فيه المسؤولون فيها من هفوات.

حين ينشغل المثقفون بذلك فلنا أن نذهب إلى أنهم يعانون من نقص ينتظرون استكماله بما يتلقونه من دعوات أو يشكون من فراغ لا يملؤه غير تصديهم للدفاع عن هذه الجهة أو تلك وكأنما هم المتحدثون باسمها أو المسؤولون عن العلاقات العامة فيها، يرتجون من وراء ذلك الدفاع تعزيز علاقاتهم بتلك الجهات أو التظاهر بمظهر الرزانة والحكمة في مواجهة ما يرونه من بروز اتجاهات انتقادية لا تخلو من الرغبة في تصحيح بعض الأخطاء حتى وإن لم تخلُ من النبرة الانفعالية في أحيان كثيرة.

على مثقفينا، وكذلك من يحلو لهم الانتساب للثقافة، أن يعلموا أن قيمتهم الحقيقية إنما تتمثل فيما يقدمونه للثقافة من جهد فإن لم تصلهم بعد ذلك دعوة لهذا المؤتمر أو تلك المناسبة فالمسألة عندئذ لا تخلو من أحد أمرين: إما أنهم مقصرون فيما يقدمونه أو أن القائمين على تلك المناسبات والملتقيات هم المقصرون والجاهلون بمن يستحقون الدعوة ويضيفون لتلك الملتقيات والمناسبات قيمة بحضورهم لها ومشاركتهم فيها، وعليهم عندئذ أن يدركوا أن الثقافة هي الباقية وأن من يقومون بأمرها في حقبة من الزمن هم الذاهبون فلا تتبقى منهم سوى أشباح لا يكاد يذكرها الناس.

Suraihi@gmail.com