أخبار

«الشفا».. ضعف الخدمات يخدش لوحة الجمال الطبيعي

«أنين» مستمر لأهالي الطائف والمحافظات.. تساؤلات وحلول عبر «عكاظ»

قرود تزعج المارة في شوارع الشفا بالطائف. (تصوير: عوض المالكي)

عبدالهادي الرزقي (الطائف)

تساؤلات واستفسارات عديدة يطلقها أهالي الطائف وما حولها من محافظات ومراكز، يطالبون الجهات المعنية بمشاريع خدمية؛ سواء كانت خدمات بلدية أو صحية أو تعليمية أو غيرها من الخدمات التنموية لراحة المواطن والتسهيل عليه، وفق تطلعات ولاة الأمر في خدمة المواطنين.

«الشفا».. منطقة في جنوب الطائف، بارتفاع ألفي متر، ومن أجمل أماكن الاصطياف في المملكة، ترتبط بأفضل وأحدث الطرق الجبلية مع المدن المجاورة، ومن المناطق المشهورة بإنتاج العسل والتين الشوكي، واللذين ينتشران في متنزهاتها وحدائقها في تشكيلات جمالية.

إلى ذلك، أكد عضو المجلس البلدي إبراهيم بن فاضل السفياني، أن «الشفا» ينقصها العديد من الخدمات الحيوية المهمة، خصوصا أن الله حباها بمقومات سياحية طبيعية وجمالية، وتشهد تزايدا في أعداد المصطافين سنويا.

وأوضح أن هناك خدمات عديدة تحتاجها «الشفا»، مثل: شبكة مياه مع شح مياه الشرب، وحماية المنتجات الزراعية من مضار تصريف المياه التي تتلف المحاصيل الزراعية، توسعة الخط الدائري وفتح طريق مواز مع منتصفه ووضع بوابة أمنية، والاهتمام بتحسين مدخل المنطقة.

جمال مخدوش

شيخ قبيلة آل منصور الشيخ فاين صالح المنصور وشيخ قبيلة آل حجة الشيخ عبدالله مرزوق وشيخ قبيلة آل عائش الشيخ فهد حمود، أكدوا أنه على الرغم من جمال طبيعتها وجذبها المصطافين وارتيادهم لها، إلا أن غياب الخدمات الأساسية تخدش هذا الجمال السياحي، خصوصا أنها محط أنظار الزوار من المملكة ودول الخليج، بحكم أن فيها أجواء رائعة وغابات ومزارع وفواكه.

ورأوا أن «الشفا» تحتاج لخدمات مفقودة مثل خدمات الهلال الأحمر والبنوك، فجهاز صراف واحد لا يغطي المنطقة بأكملها، فلو تعطل عن العمل تعطلت كل الخدمات المصرفية، موضحين أن جبل «دكا» وبلاد الطلحات وذي غزال وبني عمر وغيرها من الأماكن الطبيعية ذات المناظر الخلابة تحتاج لاهتمام أمانة الطائف والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، كما طالبوا بالسماح لهم باستخراج صكوك للأراضي التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

أما شيخ قبيلة آل عبيد الشيخ حسان عويمر وشيخ قبيلة آل حسن الشيخ ساعد رفيد وشيخ قبيلة الطلحات الشيخ عبدالرزاق الطلحي وشيخ قبيلة هذيل الشيخ معتوق الهذلي، فأوضحوا أن «الشفا» ترسم على خريطة جنوبي غربي محافظة الطائف لوحة إبداعية استمدت سحر جمالها من الطبيعة البكر والمناظر الخلابة التي جعلتها مقصدا للسائحين، مؤكدين أن «الشفا» صورة جمالية تتجلى لحظة شروق الشمس، وكل من يشد رحاله باتجاه هذا المكان البديع يؤيد هذه النظرة، حيث الطبيعة الخلابة ونسمات الهواء العليل، والسحر والجاذبية التي تجبر المتنزهين على ارتياده والاستمتاع بجماله.

وأشاروا إلى أنه مع تلك المواصفات الطبيعية للشفا، فإنها ما زالت تعاني من ضعف الخدمات منذ سنوات، في مقدمها إيصال المياه، والاهتمام بتسويق منتجاتها (العسل والبرشومي)، ومعالجة التشوه البصري، وإزالة الصناديق و«الزنك»، وتزيين المباني بالحجر الطبيعي الخارج من المنطقة، ومكاتب للجوازات، ومتابعة العمالة الوافدة التي تتخذ من الجبال مأوى لها، وتطوير المركز الصحي المتهالك الموجود حاليا، وزيادة أجهزة الصرف الآلي.

وأضافوا: نسمع عن تطوير منطقتي «الهدا» و«الشفا» منذ سنوات، ونتمنى كمشايخ قبائل ومواطنين أن نرى المشروع التطويري لهما على أرض الواقع، والذي أمر به ولاة الأمر، ونطالب وزارة العدل بتخصيص قاضٍ لمعالجة صكوك الأراضي التي سبق استخراجها عن طريق المحكمة، وبسبب ضعف التقنيات في ذلك الوقت وجد فيها تفاوت في الأضلاع، مما عطل قسمة المواريث.

مؤرخ: «الشفا» مليئة بالآثار والمواقع القديمة

المؤرخ والباحث السياحي عيسى القصير، قال لـ «عكاظ»: تنتشر في «الشفا» العديد من الآثار والمواقع القديمة والتي تدل على عراقة المنطقة وحضارتها التاريخية؛ مثل: القلاع والحصون الأثرية التي تتوسط قرى قديمة حصينة جدا، مبنية من الحجر ويصل عرض جدرانها (المدماك) إلى مترين، وتسقف بأخشاب العرعر المنتشرة في المنطقة.

وأضاف: «عادة تبنى الحصون في أعلى موقع يشرف على القرية، لمراقبة المنطقة المحيطة بكل قرية لحمايتها من اللصوص والسرقات، ويلجأ إليها أوقات الحروب والغارات لمراقبة الأعداء، وفي كل حصن مكان مخصص لحفظ السلاح وعدة القتال، ويوجد فتحات صغيرة في أماكن مختلفة للمراقبة وإطلاق النار من خلالها عند الحاجة، وأكثرها تكون مزينة بحجر «المرو» وهو حجر أبيض يكثر في المنطقة شديد الصلابة في علوها، وهذه الحصون كثيرة، مثل: حصن وادي السيل المحرق، وحصن وادي دحضة، وحصون وادي تنقد، وفي كل قرية حصن أو أكثر».

وأوضح أن الشفا بها سدود كثيرة، أشهرها: سد وادي عرضة (سد قريقير)، وسد اللصب، كما يوجد سدود صغيرة منتشرة بين الوديان، مثل: سد ماسل، وتكثر «المشارب» وهي قريبة من السدود، إلا أنها تختلف في أن عملها مقصور على توجيه سيول الأمطار إلى المزارع والأودية عند الحاجة، ثم توجيهه إلى المسايل (جمع مسيال) عند الاكتفاء عن الحاجة، وتكثر بها ما يسمى بالقنوات المائية وهي ممر مائي من تحت المزارع تشبه العبارات في أيامنا هذه، إلا أنها خاصة بالمياه الزائدة عن الحاجة تعمل على تصريفها إلى الخارج.

وأكد إلى ذلك يرى مدى عراقة المنطقة وتبنى القنوات من الأحجار الصلبة والملساء التي تتميز بها جبال المنطقة، وتمر من تحت المزارع إلى موقع «المسيال»، وتبنى بطريقة فنية بديعة تسمح للماء بالتسرب إلى داخلها ثم تصريفه للخارج، وأشهرها يوجد في وادي القر بني عمر وبها الآبار السطحية في منطقة الشفا، والتي قد يصل عمقها إلى 35 مترا، إلا أنه يوجد بها بصمة الفن المعمارية القديمة، فهي مبنية من الأحجار وبطريقة عجيبة لا يتخيل الناظر إليها كيف أنها بنيت في ذلك الوقت وبتلك الطريقة وما هي الأدوات التي استخدمت، ويوجد بالشفا جبال بها حفريات قديمة تنبئ باستخراج مواد أو معادن معينة، ويقال إنها مادة تسمى بـ «النورة» قديما، وهذا المعلم يتوسط وادي الحدبان ووادي الشعبة.