كتاب ومقالات

نساء يسبقن الرجال

جوار النص

مها الشهري

للمعرفة علاقة وارتباط بثورة التكنولوجيا والاتصالات ولها كذلك انعكاساتها على المجتمعات، وقد صاحب ذلك تنامي الوعي والتغير البنيوي في الثقافة العامة التي تعتبر «المرأة» جزءا أساسيا ضمن محاورها.

سادت الايديولوجيا الثقافية بسلطتها على الأفكار لفترة طويلة كمتحكم فعلي في جميع مجالات المعرفة، ونتج عن ذلك صراع بين التقليد والحداثة ساهم فيه الانفتاح الثقافي ونتج عنه الكثير من التغييرات السريعة على مستوى الأسرة والمجتمع، بل وتعدى الأمر للانتقال إلى نسق القيم الفردية حتى أصبح هذا التطور ملتصقا بوضع المرأة في الخليج وأصبحت حالة المرأة معيارا لمدى رقي المجتمع وتقدميته، حيث أصبحت الرؤى تبحث في دور المرأة الحضاري في مجتمعها ومشاركتها في التنمية والنشاطات الاجتماعية، وكذلك لوحظ اهتمامها وطموحها بالبحث عن أدوار جديدة تتناسب مع الحياة العصرية.

لا شك أن أي تغير في جزء من البناء الاجتماعي سيؤثر في جميع الجوانب الأخرى، مما يعني أن تطور الفكر والتغير الثقافي أثر في ثقافة النساء نسبيا نحو واقع حياتهن، وخفف ذلك من سلطة الرجل الذي أصبح يقتسم مع المرأة ذات الأزمة، وأعني العيش في تلك الحلقة الانتقالية من التقليد إلى الشكل الحديث الذي يفرض نفسه من خلال جميع الوسائل المرتبطة بوعي الفرد.

أتى الاستخدام الحديث للمعرفة وأدواتها كتحد صارخ للتقاليد، وقد تفاعلت المرأة مع ما يطرح في الواقع الثقافي بدرجة أكثر من الرجل، وهذا سيؤثر بشكل مباشر على طريقة تعاملها مع الحياة من خلال الأدوار المختلفة التي ستؤديها، كذلك فقد سبقت الرجل إلى التطلع والمعرفة بحكم الاحتياج الذي سيغير من طموحاتها نحو فهم الرجل وتقبله، فالثقافة التقليدية لدى المرأة أخذت تصطدم بنمط مختلف من التطورات وجميع ما يتصل بوظيفتها المنزلية ودورها الاجتماعي سعيا في إيجاد مكان لنفسها بما يتواءم مع النسق الحضاري ومن خلال حرصها على التعليم، حتى ولو كانت الثقافة التقليدية ستظل عبئا عليها ومعوقا لطريقها إن صح التعبير، إلا أنه بالرغم من ذلك سيظل عامل الوعي لدى كل من المرأة والرجل هو المحكم والأساس لأي علاقة تربطهما تتمثل في واقع الأسرة التي تعتبر المرأة جزءا أساسيا فيه، والذي يعني أن التكافؤ المعرفي والثقافي يجنب حالات الصراع والتفكك والأزمات النفسية ان وصل الى حد جيد من التوازن بين الجنسين بالدرجة التي تمهد لتهيئة البناء الاجتماعي الناجح والتنشئة السليمة في المستقبل، وسيكون ذلك صعبا ما لم يدعم بالتنظيمات الثقافية حتى تتسع حدودها في مواجهة التغييرات الواضحة على الثقافة.