كتاب ومقالات

ثقافة السينما.. الترفيه

مفتاح ضائع

أنمار مطاوع

يعيد بعض الباحثين تاريخ السينما إلى ملاحظات العالم الرسام ليوناردو ديفنشي عام 1558م الخاصة بـ(الغرفة المظلمة وثقب الدبوس) حين يرى المشاهد داخل الغرفة ظلال المحيط المواجه للثقب. لكن البداية التطبيقية للسينما بدأت عام 1895م في فرنسا على يد لويس لوميير الذي أخرج أول فيلم: (رحلة إلى القمر). وهي الفترة التي شهدت أول كاميرا سينمائية وأول ممثل سينمائي وأول مخرج وأول رواية...

منذ تلك البدايات لأفلام البَكَرة الواحدة، أصبحت السينما أكثر أشكال الفنون البصرية شعبية. وعشقها الجمهور حتى باتت جزءا من الثقافة الاجتماعية لمعظم شعوب العالم.. إلى وقتنا الحاضر.

ذلك العشق مر بمراحل متعددة ومتدرجة، مثل: مرحلة الفيلم الصامت -بنجمه الأبرز الممثل شارلي شابلن- ثم مرحلة الفيلم الناطق، ثم المرحلة التوثيقية والخبرية خلال الحرب العالمية الثانية. وخلال الخمسينات والستينات، أطلق العنان لأفلام الخيال العلمي وأفلام الرعب والأفلام الموسيقية التي ظهر من خلالها أسماء نجوم مثل: إلفيس بروسلي ومارلين مونرو.. ثم مرحلة الثمانينات حين دخل الكمبيوتر في صناعة السينما.. وأخيرا، المرحلة الحالية المتوجة بالبعد الثالث.

إلا أن كل تلك المراحل التي صنعت عشق الجمهور للسينما كانت تسير على خطى الأسباب الحقيقية التي دفعت لظهورها وهي: التسلية والترفيه. وظلت السينما إلى الوقت الراهن تبحث عن السعادة الروحية والعقلية للجمهور تحت تلك المظلة، أيا كانت القضية التي يناقشها الفيلم -لكي ينجح- لا بد أن يكون جذابا ومسليا وترفيهيا. بالطبع، كل هذه الصناعة يجب أن تخضع للمعايير السياسية والدينية والأخلاقية والأعراف الاجتماعية، وإلا سيكون مصير الفيلم الفشل.

من المتعارف عليه في عالم الصحافة المقروءة أو المسموعة أو المرئية، أن الصحفي عندما يعتقد أن الإعلام رسالة، يفقد وظيفته ومصدر رزقه ويحمد الأقدار اللطيفة أنه خرج سليما من زلة فكره. عالم السينما يخضع للمفهوم ذاته. فالجمهور ليس متعطشا للحقيقة، هو يعرفها ويعيشها ويتنفسها في حياته اليومية، ولكنه متعطش للترفيه والتسلية.

لَي ذراع السينما ومحاولة إخراجها عن طبيعتها بالأفلام البكائية الحزينة، أو الأفلام ذات الموضوعات المستهلكة، أو الأفلام الأشبه بالبيانات السياسية وما يدور في فلكها.. كلها لا تخدم فكرة ثقافة السينما، فالسينما -أو الفن السابع كما تسمى- تحتاج لتهيئة ثقافية تنطلق من مفهوم أساس صناعة السينما بموضوعات جديدة معتمدة على الجاذبية والتسلية والترفيه -أيا كانت القضية التي يناقشها- كخطوة الأولى لصناعة ثقافة سينمائية ناجحة.