كتاب ومقالات

عفريت المحاصصة الطائفية في العراق

عباس الجنابي

تنشغل أطراف العملية السياسية في العراق هذه الأيام بالإعداد لما بعد مرحلة تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي لتفادي حصول أية مفاجآت تستدعي إجراء تغييرات جذرية على العملية السياسية التي قادت البلاد منذ عام 2003 إلى حافة الهاوية. ويبدو أن محاولات هذه الأطراف تسير باتجاهين؛ الأول يتمحور حول استرضاء قوى وشخصيات سياسية شاركت في بناء العملية السياسية منذ الشروع بها واختلفت معها فيما بعد في إطار صراع المصالح والمكاسب وتبادل التأثير في الساحتين الإقليمية والدولية، والثاني يرتكز على شرعنة وتقوية الأذرع المسلحة التي أصبحت ميليشيات ذات نفوذ قوي وتحظى برعاية اللاعب الأول في العراق النظام الإيراني.

في الاتجاه الأول تجري الاستعدادات لترتيب مؤتمر في العاصمة الأردنية عمان تحضره شخصيات تعيش في الغربة بعد أن (هربت) من العراق جراء اتهامها بدعم الإرهاب مثل الدكتور طارق الهاشمي الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية ورافع الكبيسي البرلماني السابق وحفنة من البرلمانيين السابقين مما يسمى بالكتلة السنية، إضافة إلى ممثلي حركات من المقاومة العراقية مثل جيش الرافدين وكتائب ثورة العشرين ومقاتلي الطريقة النقشبندية وممثل عن حزب البعث المنشق المدعوم من الولايات المتحدة ومقره في تركيا. ويمثل قوى العملية السياسية عناصر من التحالف الوطني الذي يقوده عمار الحكيم واتحاد القوى الذي يتزعمه الدكتور إياد علاوي ومن بين أبرز المشاركين باقر جبر صولاغ وعلي العلاق وعباس البياتي.

وبعد أن تم تشريع قانون الحشد الشعبي يعتقد أصحاب هذا المشروع الجديد الذي سمى التسوية التاريخية أن العملية السياسية المرتكزة على المحاصصة الطائفية يمكن أن تستمر في قيادة العراق ولا تستطيع الإدارة الأمريكية الجديدة أن تجري تعديلات عليها كما يرى محللون إستراتيجيون أمريكان.

واضح أن القوى الحاكمة في العراق ومن خلال هذه الترتيبات تشعر بالقلق من مرحلة ما بعد داعش ومن احتمالات أن تنهج الإدارة الأمريكية الجديدة نهجا مغايرا لنهج سابقتها وهذا أمر متوقع.