ثقافة وفن

علوان: يحيى حقي أنصفني.. ونصوصي لم تُنْصَف!

محمد علوان

حاوره: علي فايع

يكتب القصّة كما يقول بإيقاع يختلف من نصّ إلى نصّ، وبمفردات تُقرّب الصورة بألوانها وطعمها ورائحتها. يؤمن بأنّ أسلوبه في الكتابة يختلف عن أساليب غيره، ويُقرّ بأنّ نصه لا يرى النور إلاّ إذا أصبح ناضجاً، بعد أن يمرره على مجلس العائلة قبل أن ينشره، فربما كان لهم وجهة نظر أخرى مختلفة.. يعترف بأنّ «يحيى حقي» أنصفه في تلك المقدمة الباذخة التي حكى لنا حكايتها، لكنه يعترف في الوقت ذاته أنّ تجربته لم تنصف، وأنّه لا يوجد من النقاد مَنْ أعاد قراءة ما كتب «حقي» ومن ثمّ إنصافه، بقراءة نصوصه القصصية.. يصف ما يكتب بالعفوية، لكنه يوغل في التفاصيل.. المزيد من الآراء المختلفة والصادمة في حوارنا مع القاص «محمد علي علوان» صاحب أربع مجموعات قصصية، كان أولها «الخبز والصمت» وآخرتها «هاتف» وبينهما «هكذا تبدأ الحكاية» و «دامسة» فإلى نصّ الحوار:

• لماذا ينشغل كاتب قصّة مثل محمد علي علوان بالمقارنات بين المدينة والقرية؟!

•• المدينة والقرية كل منهما يمثل مسرحاً مختلفاً عن الآخر وهذا يضيف بعداً خاصاً إلى وجود البطل أو أبطال القصة والزمان.. المكان مهم جداً وحركة الشخوص لا تتم إلاّ في إطار المدينة أو القرية، ولكلّ منهما ميزة تختلف عن الأخرى.. وهذا الانشغال هو من صميم عملي ومدى اقترابي منهما ومن عوالمهما المختلفة.

• يقال إنّك تعتمد في كتابة نصّك القصصي على جمل قصيرة وسريعة، فهل هذه متطلبات القصّة القصيرة؟

•• هكذا طريقتي في كتابة القصة القصيرة والجملة القصيرة والسريعة كما قلت هي عبارة عن حركة داخل القصة وحسب القصة والأجواء التي يتحدث عنها النص فهناك بعض القصص لا يمكن كتابتها إلاّ بمثل هذا الإيقاع السريع وبعض القصص تأتي كتابتها أقرب إلى الوصف المكثف وفرد المساحة.. الكتابة حالة تختلف في المضمون والشكل والوسيلة.

• تضمين المفردات المحلية في النصوص القصصية.. هل يعد عجزاً أم أنه توظيف له دلالته في النصّ القصصي لديك؟

•• تضمين المفردات المحلية في كثير من الأعمال يمثل مقدرة خاصة لتقريب الصورة بألوانها ورائحتها وطعمها.. ليس عجزاً، بل النجاح بهذه الوسيلة يضيف إلى النص خصوصية المكان ووجوه الناس ودلالات كثيرة.

• الجمع بين الطرافة في كتابة النصّ القصصي والجرأة في الطرح... هل يتقصدهما محمد علوان أم أنهما أصبحتا عادة تلازمك في كتابة النصّ القصصي؟

•• لم أفهم السؤال جيداً، لكنّ أسلوبي بالتأكيد يختلف عن قاصّ آخر.. ثم إنّ النص حسب المكان والزمان والحدث هو الذي يفرض نمطاً من التعبير أنا لا أتقصّده مسبقاً، والقصة متى ما نضجت قدّمتها، بعد أن أعرض النص على زوجتي وبناتي وأبنائي وخصوصاً إذا أحسست أنّ في النص ملمحاً جديداً أو رائحة مختلفة.

• هناك من يركّز على الخصوصية الثقافية والذاتية لنصوص مع علوان في كتابته للنصّ القصصي... هل تشعر بعد هذا الوقت الطويل أنّك مختلف عن كتّاب القصّة لدينا في عوالمك وفضاءات الكتابة؟

•• لا أعتقد على الإطلاق، فكلّ له نمطه في الكتابة، وكتاب القصة القصيرة بالذات لديهم القدرة على أن يكون لكلّ أسلوبه وطريقته، لاختلاف الأجواء والمناطق والعوالم التي تثري النص.

• هل ما زالت دور النشر تبحث عن رواية جنسيّة لتطبعها؟

•• اسأل دور النشر! والتركيز على نص جنسي لا أخال أنه فن بقدر ما هو عمل مباشر إلاّ إذا كان الجنس يكمن في التفاصيل التي لا تخدش.

• متى يكتب محمد علوان نصّه القصصي؟

•• في أوقاتٍ مختلفة وأماكن مختلفة وليس لي طقسٌ في الكتابة.. لا يوجد زمن محدد، أو طريقة خاصة بي.

• لماذا أساتذة الجامعات لدينا لا يوجّهون طلاب الدراسات العليا إلى دراسة نصوصك؟

•• لا علم لي، لكن، حظيت بأكثر من دراسة جامعية، وهو سؤال يُوجّه لأساتذة الجامعات، فربما لهم خططهم الخاصة، وتوجهاتهم التي لا أعلمها.

• هل أنصف النقاد تجربة محمد علي علوان في كتابة النصّ القصصي؟

•• أعتقد أن مقدمة يحيى حقي رحمه الله أنصفتني بصدق، لكن لا أحد قام بقراءتها، ومن ثمّ إنصافي، والنص القصصي تنصفه القراءة المبدعة، والناقد المبدع، والنية في الإضافة. سوف أكتب محاولاً تجاوز ما سبق وأجرب طرقاً متعددة فأنا كاتب أركز على العفوية والتفاصيل.

• كلّ ما كتبه محمد علوان أربع مجموعات... هل كنت تتأنى لأنك فنان كما يقول محمود تراوري أم أن الوظيفة والمكان لم يكونا مهيّأين للكتابة؟

•• لمحمود تراوري محبتي وتقديري وآمل أن أكون عند حسن ظنه لكن القصة تأتي هكذا بهدوء وزمن ربما يكون طويلاً لكن لا أستطيع أن أتقصّد كتابة القصة وأحدد لها كمّا وكيفية، هي تأتي هكذا محملة بصخبها وخبالها.

• قدّم لمجموعتك الأولى «الخبز والصمت» الأديب يحيى حقي.. كيف وصلت المجموعة إليه؟ وهل كنت تنتظر هذه المقدّمة أو تتوقعها؟

•• وصلت إليه بعد أن اصطحب عبدالله الماجد الكاتب والناقد النصّ معه إلى القاهرة، وعرضها على هذا الفنان العظيم... وحقيقةً لم أتوقع مثل هذه الدراسة التي تمثل قفزة في كتابة القصة العربية كما أشار. ولعلمك وعلم القراء الأعزاء لم أتعرف عليه شخصياً ولا حتى عبر الهاتف.

• في دراسات لبعض نصوصك القصصيّة إشارة إلى تركيزك على الجملة الشعرية في بناء نصّك السردي.. إلام تُرجع هذا التركيز والاهتمام؟

•• هذا التركيز والاهتمام يعود يا صاحبي إلى متعة قراءة الشعر بمختلف ألوانه وتعدد طرائقه.. نعم قرأت في القصة لكثير وخصوصا ليوسف إدريس هذا المبدع الرائع، وزكريا تامر والذي لا يقل عنه إبداعاً يعجبني الإيقاع الشعري في النصوص متى ما كانت تلقائية.

• أنت مقلّ في الحوارات.. بحثنا عن حوارات لك لم نجد غير حوارين ونتف من كتابات الأصدقاء.. هل أنت من يرفضها أم أنّ الصحفيين كالنقاد لا يأتون إليك ولا يقتربون من إبداعك؟

•• أنا كاتب قصة قصيرة والحوارات يمكن أن تكون مفيدة ومنطقية متى ما صدر لي عمل جديد ثم إن قدرتي في إبداعي المطروح أمام القراء والنقاد، ما يأتي غير ذلك ليس لي به شأن، وأنا للعلم دائم الاعتذار في الاستجابة لطلب الحوارات.

• رأيك في ما يُكتب اليوم من روايات وقصص في السعودية؟

•• لا أقرأ نصاً روائياً إلاّ إذا بعثه لي صديق، أو أشاد به، ونحن نحاول أن نقدم أدباً روائياً وقصصياً لكن دون الاستعجال الذي يمثل سلبيةً واضحة، وها أنت نادراً ما تتحدث عن أعمالٍ روائية مكتملة وهي تُعدّ كميّة لا بأس بها. وعليك وجه الله لا تفتح علينا هذا الباب فبعضهم يترقب؟؟!!