تيماء.. أحياء عارية من الخدمات و«البعوض» يحاصر أهلها
زائرها يغادرها حاملا حزنا إلى جانب حقيبته
الأحد / 05 / ربيع الأول / 1438 هـ الاحد 04 ديسمبر 2016 02:44
عبدالرحمن العكيمي (تيماء)
كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا حين قمت بجولة صحفية على محافظة تيماء، تلك المحافظة التي تختزل التاريخ، وتحتفظ بذاكرة عريضة مليئة بالنقوش والآثار والحكايات والقصائد التي تؤرخ لحضارات منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد، فهي حاضرة في العصرين الآشوري والبابلي وحتى العصور التالية وصولا إلى العصر الإسلامي.
مررت على بقايا قصر الحمراء، مرورا بأعمال التنقيب حول قصر الأبلق التاريخي، ثمة حفريات تفتش عن تاريخ أوفى العرب (السموأل بن حيا بن عاديا) ومرورا بشيخ آبار الجزيرة العربية بئرها الشهيرة (هداج) التي أصبحت مضربا للمثل، كل هذا التاريخ لم يشفع لأهلها أن تكون مدينة جميلة أسوة بباقي محافظات منطقة تبوك الست.
توقف النمو
توقفت تيماء عند مرحلة قديمة، توقفت وتراجعت كثيرا عن التقدم والنمو، ليس لأنها لم تأخذ نصيبها من التنمية، بل على العكس فقد اعتمدت لها مليارات الريالات خلال السنوات الماضية من حكومتنا الرشيدة أسوة بباقي مدن بلادنا، لكن ثمة أسبابا أخرى عطلت هذا النمو وأوقفت هذا التقدم، حتى تجد نفسك أمام محافظة شاخت وأصبحت عجوزا هرمة غادرها زهو الحياة.
ما إن انتهيت من زيارة مواقعها التاريخية والسياحية حتى اتجهت إلى عدد من الأحياء مثل حي الربوة وحي الصفا مرورا بأحياء الفاو والرحمانية والشفاء. في حي الربوة تبدو أشجار الحلفاء تعشعش بجنبات الحي ويوحي لك مشهدها وهي تتعملق بجوار الجدران والطرقات أنك في مدينة مهجورة لا نبض فيها ولا حياة، فأشجار الحلفاء تنمو في البيئات الرطبة والمهجورة التي لا تخضع للنظافة والعمل.. لا تغيب عنك أشجار الحلفاء وتسريبات المياه هنا وهناك، بل تجدها تحيط بمنازل حديثة في حي الرحمانية، هذا الحي الكبير الذي لم ينل حظه من الخدمات في أسئلة حيرت ساكنيه.
الرحمانية حي من الأحياء التي تشهد كثافة سكانية عالية، ومعظم شوارعه الرئيسية والفرعية لم تكتمل فيها السفلتة، إذ يؤكد زبن بن صالح الفقير أن بلدية تيماء تتحمل مسؤولية كبيرة في إهمال سفلتة وإنارة هذه الأحياء، بينما أعرب محمد العنزي عن أمله في إنهاء معاناة سكان حي الرحمانية وبعض الأحياء الأخرى التي لا توجد فيها سفلتة أو إنارة رغم انتظارها لأكثر من 20 عاما، مؤكدا أن الظلام الدامس يحيط بحي الرحمانية والشفا وبعض الأحياء الأخرى، نتيجة غياب أعمدة الإنارة داخلها، إضافة إلى افتقادها للأرصفة تماما والنظافة وجمع النفايات والقضاء على أشجار الحلفاء التي تحولت إلى أحراش.
«نامس» وظلام دامس
يعاني سكان أحياء الرحمانية والشفاء والفاو وأحياء أخرى في المساء من ظلام دامس، وعدم وجود إنارة على الإطلاق، ما اضطر بعض المواطنين لجلب كشافات لإنارة الأماكن أمام منازلهم لرؤية الحشرات أو الكلاب الضالة التي تحيط بهم.
وحين تمر بالقرب من متنزه الأمير فهد بن سلطان مرورا عابرا لا يمكن أن تغادر المكان إلا وتتم مداهمتك من أسراب البعوض، فتقرر عدم البقاء، والمغادرة فورا؛ لأن الندبات والبثور والدماء ستبدو واضحة على محياك وعلى يديك من لسعات البعوض و«النامس» المتراكم حولك، لذلك يعاني مرتادو المسطحات الخضراء من وجود البعوض في الأحياء.
زبن العنزي طالب بلدية تيماء بتكثيف الرش بالمبيدات على مصادر البعوض الذي يهدد بنقل الأمراض، ومحاصرة المستنقعات وتجمعات المياه الآسنة، مشيرا إلى أن دور بلدية تيماء مفقود للأسف، وإشكال البعوض ليس طارئا، بل المعاناة منذ سنوات طوال مثلما يؤكد سكانها الأصليون.
مشاريع متعثرة
حين تدخل تيماء وأنت قادم من طريق تبوك سيواجهك دوار ضيق لا يستوعب الحركة المرورية، وما إن تعبره بأمتار قليلة حتى يواجهك دوار آخر ينتصب عليه منظر جمالي هلامي بلا دلالات، وتمضي على الطريق الدائري لتعبر من خلال مطبات وحفر وتدعو الله كثيرا أن يوصلك سالما، إذ يواجهك دوار آخر على طريق تيماء - المدينة المنورة يسمى بـ«صائد الشاحنات» الذي شهد عشرات الحوادث المأساوية نظرا لتخطيطه الهندسي السيئ، فهو يعاني من الضيق، ما يفاجئ السائقين بالانحناء بقوة فيحدث الانقلاب.
ولسوق الخضار والفاكهة بتيماء قصة غريبة، فهي موعودة بمكان قديم ومبنى متهالك في وسط البلدة القديمة، ثم نفذ مشروع آخر قبل أكثر من 20 عاما بالقرب من جامع ابن باز ولم يتم الانتهاء منه إلا بعد تعثر طويل، وحمل المبنى ملاحظات كثيرة وتم تشغيله موقتا ثم أغلق لتتم العودة للسوق القديمة، ومازالت القائمة تعج بالمخالفات وعدم مراقبة المنتجات وما تحملها من مبيدات مضرة بالصحة قبل انتهاء فترة السماح المتعارف عليها. ثم بدأ تنفيذ سوق الخضار الجديدة على طريق تبوك، لكنها لم تكن بأفضل من سابقتها، وظلت متعثرة لسنوات، ومازالت، ويبرر رئيس بلدية تيماء ذلك التعثر بأن سببه المقاول، على حد قوله، ثم عاد ليقول إن شركة الكهرباء لها دور في تعثر المشروع لكنه عاد ليقول إنه سيتم الانتهاء منه بعد شهرين.
تغادر تيماء وأنت تحمل حزنك إلى جانب حقيبتك، حيث المدينة غائبة حقيقة عن المشهد التنموي والذي تحفل به بقية محافظات المنطقة مثل حقل وضباء والوجه وأملج والبدع.
رئيس البلدية يبرّر: المشاريع لم تكتمل
مع أن رئيس بلدية تيماء المهندس سعود بن هريسان العنزي يؤكد لـ«عكاظ» حول شكاوى أهالي حي الرحمانية، أن هناك أجزاء من الحي تمت سفلتتها، إلا أنه يعترف بأن هناك أجزاء أخرى من الحي لم تصل إليها السفلتة والإنارة، مبررا ذلك بتوقف بعض المشاريع، مبينا أن ذلك سيكون مدرجا لحي الرحمانية في الميزانية الجديدة.
لا شك أن مثل هذا الرد يعتبر ردا إنشائيا جاهزا، لكن يبدو أنه يبرِّر ما لا يبرَّر، فهو وإدارته مسؤولون مسؤولية كاملة عن تدني مستوى الخدمات، لاسيما أن الدولة وفرت مليارات الريالات خلال الميزانيات الفائتة، لم تستفد منها محافظة تيماء على الوجه المطلوب.
رسالة لأمير تبوك شعرا
الشاعر محمد خلف سمران العنزي عبر عن استيائه الشديد من نقص الخدمات التي طال انتظارها لسنوات طوال في الحي الذي يسكنه بتيماء، فلا ماء سقيا ولا سفلتة ولا إنارة ولا أرصفة، وعبر عن ذلك بقصيدة موجهة لأمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان يقول فيها:
أميرنا المحبوب حنا بلا ماء
و(الزفلتة) يا أميرنا ما وصلتنا؟
(الزفلتة) يا أمير في كل الأحياء
ومع الدواير طايلة سالفتنا
مشروع متعثر ومشروع سقيا
ومشروع يقصر دوننا وش بختنا؟؟
كل يوم في حالة وبحالة أردا
وكل المشافي بحينا عارفتنا
بوعودهم يا أمير جتنا ولا جاء
يا أميرنا المحبوب شف مشكلتنا
مررت على بقايا قصر الحمراء، مرورا بأعمال التنقيب حول قصر الأبلق التاريخي، ثمة حفريات تفتش عن تاريخ أوفى العرب (السموأل بن حيا بن عاديا) ومرورا بشيخ آبار الجزيرة العربية بئرها الشهيرة (هداج) التي أصبحت مضربا للمثل، كل هذا التاريخ لم يشفع لأهلها أن تكون مدينة جميلة أسوة بباقي محافظات منطقة تبوك الست.
توقف النمو
توقفت تيماء عند مرحلة قديمة، توقفت وتراجعت كثيرا عن التقدم والنمو، ليس لأنها لم تأخذ نصيبها من التنمية، بل على العكس فقد اعتمدت لها مليارات الريالات خلال السنوات الماضية من حكومتنا الرشيدة أسوة بباقي مدن بلادنا، لكن ثمة أسبابا أخرى عطلت هذا النمو وأوقفت هذا التقدم، حتى تجد نفسك أمام محافظة شاخت وأصبحت عجوزا هرمة غادرها زهو الحياة.
ما إن انتهيت من زيارة مواقعها التاريخية والسياحية حتى اتجهت إلى عدد من الأحياء مثل حي الربوة وحي الصفا مرورا بأحياء الفاو والرحمانية والشفاء. في حي الربوة تبدو أشجار الحلفاء تعشعش بجنبات الحي ويوحي لك مشهدها وهي تتعملق بجوار الجدران والطرقات أنك في مدينة مهجورة لا نبض فيها ولا حياة، فأشجار الحلفاء تنمو في البيئات الرطبة والمهجورة التي لا تخضع للنظافة والعمل.. لا تغيب عنك أشجار الحلفاء وتسريبات المياه هنا وهناك، بل تجدها تحيط بمنازل حديثة في حي الرحمانية، هذا الحي الكبير الذي لم ينل حظه من الخدمات في أسئلة حيرت ساكنيه.
الرحمانية حي من الأحياء التي تشهد كثافة سكانية عالية، ومعظم شوارعه الرئيسية والفرعية لم تكتمل فيها السفلتة، إذ يؤكد زبن بن صالح الفقير أن بلدية تيماء تتحمل مسؤولية كبيرة في إهمال سفلتة وإنارة هذه الأحياء، بينما أعرب محمد العنزي عن أمله في إنهاء معاناة سكان حي الرحمانية وبعض الأحياء الأخرى التي لا توجد فيها سفلتة أو إنارة رغم انتظارها لأكثر من 20 عاما، مؤكدا أن الظلام الدامس يحيط بحي الرحمانية والشفا وبعض الأحياء الأخرى، نتيجة غياب أعمدة الإنارة داخلها، إضافة إلى افتقادها للأرصفة تماما والنظافة وجمع النفايات والقضاء على أشجار الحلفاء التي تحولت إلى أحراش.
«نامس» وظلام دامس
يعاني سكان أحياء الرحمانية والشفاء والفاو وأحياء أخرى في المساء من ظلام دامس، وعدم وجود إنارة على الإطلاق، ما اضطر بعض المواطنين لجلب كشافات لإنارة الأماكن أمام منازلهم لرؤية الحشرات أو الكلاب الضالة التي تحيط بهم.
وحين تمر بالقرب من متنزه الأمير فهد بن سلطان مرورا عابرا لا يمكن أن تغادر المكان إلا وتتم مداهمتك من أسراب البعوض، فتقرر عدم البقاء، والمغادرة فورا؛ لأن الندبات والبثور والدماء ستبدو واضحة على محياك وعلى يديك من لسعات البعوض و«النامس» المتراكم حولك، لذلك يعاني مرتادو المسطحات الخضراء من وجود البعوض في الأحياء.
زبن العنزي طالب بلدية تيماء بتكثيف الرش بالمبيدات على مصادر البعوض الذي يهدد بنقل الأمراض، ومحاصرة المستنقعات وتجمعات المياه الآسنة، مشيرا إلى أن دور بلدية تيماء مفقود للأسف، وإشكال البعوض ليس طارئا، بل المعاناة منذ سنوات طوال مثلما يؤكد سكانها الأصليون.
مشاريع متعثرة
حين تدخل تيماء وأنت قادم من طريق تبوك سيواجهك دوار ضيق لا يستوعب الحركة المرورية، وما إن تعبره بأمتار قليلة حتى يواجهك دوار آخر ينتصب عليه منظر جمالي هلامي بلا دلالات، وتمضي على الطريق الدائري لتعبر من خلال مطبات وحفر وتدعو الله كثيرا أن يوصلك سالما، إذ يواجهك دوار آخر على طريق تيماء - المدينة المنورة يسمى بـ«صائد الشاحنات» الذي شهد عشرات الحوادث المأساوية نظرا لتخطيطه الهندسي السيئ، فهو يعاني من الضيق، ما يفاجئ السائقين بالانحناء بقوة فيحدث الانقلاب.
ولسوق الخضار والفاكهة بتيماء قصة غريبة، فهي موعودة بمكان قديم ومبنى متهالك في وسط البلدة القديمة، ثم نفذ مشروع آخر قبل أكثر من 20 عاما بالقرب من جامع ابن باز ولم يتم الانتهاء منه إلا بعد تعثر طويل، وحمل المبنى ملاحظات كثيرة وتم تشغيله موقتا ثم أغلق لتتم العودة للسوق القديمة، ومازالت القائمة تعج بالمخالفات وعدم مراقبة المنتجات وما تحملها من مبيدات مضرة بالصحة قبل انتهاء فترة السماح المتعارف عليها. ثم بدأ تنفيذ سوق الخضار الجديدة على طريق تبوك، لكنها لم تكن بأفضل من سابقتها، وظلت متعثرة لسنوات، ومازالت، ويبرر رئيس بلدية تيماء ذلك التعثر بأن سببه المقاول، على حد قوله، ثم عاد ليقول إن شركة الكهرباء لها دور في تعثر المشروع لكنه عاد ليقول إنه سيتم الانتهاء منه بعد شهرين.
تغادر تيماء وأنت تحمل حزنك إلى جانب حقيبتك، حيث المدينة غائبة حقيقة عن المشهد التنموي والذي تحفل به بقية محافظات المنطقة مثل حقل وضباء والوجه وأملج والبدع.
رئيس البلدية يبرّر: المشاريع لم تكتمل
مع أن رئيس بلدية تيماء المهندس سعود بن هريسان العنزي يؤكد لـ«عكاظ» حول شكاوى أهالي حي الرحمانية، أن هناك أجزاء من الحي تمت سفلتتها، إلا أنه يعترف بأن هناك أجزاء أخرى من الحي لم تصل إليها السفلتة والإنارة، مبررا ذلك بتوقف بعض المشاريع، مبينا أن ذلك سيكون مدرجا لحي الرحمانية في الميزانية الجديدة.
لا شك أن مثل هذا الرد يعتبر ردا إنشائيا جاهزا، لكن يبدو أنه يبرِّر ما لا يبرَّر، فهو وإدارته مسؤولون مسؤولية كاملة عن تدني مستوى الخدمات، لاسيما أن الدولة وفرت مليارات الريالات خلال الميزانيات الفائتة، لم تستفد منها محافظة تيماء على الوجه المطلوب.
رسالة لأمير تبوك شعرا
الشاعر محمد خلف سمران العنزي عبر عن استيائه الشديد من نقص الخدمات التي طال انتظارها لسنوات طوال في الحي الذي يسكنه بتيماء، فلا ماء سقيا ولا سفلتة ولا إنارة ولا أرصفة، وعبر عن ذلك بقصيدة موجهة لأمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان يقول فيها:
أميرنا المحبوب حنا بلا ماء
و(الزفلتة) يا أميرنا ما وصلتنا؟
(الزفلتة) يا أمير في كل الأحياء
ومع الدواير طايلة سالفتنا
مشروع متعثر ومشروع سقيا
ومشروع يقصر دوننا وش بختنا؟؟
كل يوم في حالة وبحالة أردا
وكل المشافي بحينا عارفتنا
بوعودهم يا أمير جتنا ولا جاء
يا أميرنا المحبوب شف مشكلتنا