كتاب ومقالات

أمير ينافس الشباب بطموحاته

عبدالله صادق دحلان

كلمات إعجاب وتقدير وانبهار بجهد رجل ليس ككل الرجال ديناً وعلما وثقافة وخبرة وضعته على صدر قائمة الحكماء في وطننا الغالي الذي يقود مسيرته والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره، إنه الأمير خالد الفيصل صاحب السبعين عاما ونيّف ينافس فكر وجهد ونشاط الشباب الأربعين وزود، وإن من يتابع نشاط وإبداع وأفكار وخطط الأمير خالد الفيصل في منطقة مكة المكرمة سوف يجزم بأنه أمام شخصية قيادية ليس لها مثيل في إدارة المناطق، رجل يمتلك الخُلق العظيم والأدب الرفيع ولديه ملكة الخطابة وفن الإدارة وقوة الحزم وتتقدمهم جميعها الأمانة في العمل، طوّع جبال عسير وسهولها للتنمية، وفي منطقة مكة المكرمة تحولت معاناة البنية التحتية والخدمات إلى مشاريع طموحة، وتغيّرت ألوان الجبال في مكة المكرمة من عشوائيات بناء بالطوب الأحمر تشوّه صورة مداخل مكة إلى مشاريع إسكانية حديثة تعطي صورة مشرفة لمكة المكرمة أمام المسلمين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وتحولت مدينة جدة التي كانت تعاني من بنيتها التحتية نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر وتلوث أرضها بمياه الصرف الصحي وعاش أهلها في الماضي في قلق كبير من السيول العارمة التي أودت بأرواح وممتلكات الناس نتيجة سوء التخطيط وفساد العمل في أمانة محافظة جدة، مهمة عظيمة قادها للتطوير والتغيير في مدينة جدة حتى تحولت المدينة إلى مسماها الصحيح (عروس البحر الأحمر) وطوع جميع إدارات الخدمات في مدينة جدة لأن تحقق الأهداف المرسومة لها.

ولم يقف الأمر عند المدن الرئيسية في منطقة مكة المكرمة وإنما امتد ليشمل مدينة الطائف (مصيف المملكة) فكانت التنمية الثقافية والتعليمية تتقدم جميع الخطط ثم تبعتها التنمية العمرانية والترفيهية، وأخيرا كانت المفاجأة في الأسبوع الماضي بالإعلان عن إنشاء مطار محافظة الطائف الجديد الذي سيبدأ تنفيذه بعد شهرين من تاريخ هذا المقال، وهو حلم قديم لأهالي الطائف وقراها ومكة المكرمة وقراها، لقد حاولت قصارى جهدي عندما كنت عضوا في مجلس الشورى أن أدفع بهذا الاقتراح لمعرفتي بأهمية مطار الطائف لاستقبال الحجاج من الداخل والخارج وتفعيل أهمية هذا المطار الذي أنشئ قبل حوالى 50 عاما ليكون المطار الثاني لمنطقة مكة المكرمة يخدم فيه حجاج بيت الله والمعتمرين ليصل إلى الأرقام التي وضعتها الرؤية الجديدة 2030 وهي 30 مليون معتمر وحاج.

إن مشروع مطار الطائف الجديد له أبعاد تنموية عديدة، حيث سيعمل على إنعاش مدينة الطائف اقتصاديا من حيث استقبال المعتمرين والحجاج أو السياح، وتحقيقا لذلك فقد تم تخصيص 48 مليون متر مربع كمساحة لإنشاء مطار نموذجي يستقبل بطاقة استيعابية 5 ملايين مسافر سنويا يضم مرافق خاصة للحجاج والمعتمرين وعلى بعد 40 كيلومترا من مدينة الطائف والمشروع العملاق الذي يقوده الأمير خالد الفيصل (سوق عكاظ التاريخي) وبجانب جامعة الطائف التي تضم أعدادا كبيرة من الطلاب والطالبات من مختلف القرى والمدن الصغيرة المجاورة للطائف، علما بأن مدينة الطائف هي من ضمن أكبر المحافظات في منطقة مكة المكرمة من حيث عدد القرى والساكنين بها.

كما أن فكرة تطوير المحافظات التابعة لمنطقة مكة المكرمة امتدت إلى محافظة القنفذة صاحبة أحد أقدم الموانئ التاريخية في الإسلام على شرق البحر الأحمر وهي المحافظة التي كانت تحلم بخط حديدي يسهل عملية النقل بينها وبين مدينة جدة للسفر أومدينة مكة المكرمة للعمرة والحج ولبقية مدن المملكة، وهاهي اليوم تحتفل بتحقيق أكبر أمانيها في الإعلان عن الدراسة لإنشاء مطار في مدينتها.

نعم وبكل فخر، لقد سبق الأمير خالد الفيصل مجلس الشورى الذي طرحت فيه فكرة إنشاء المطارين قبل حوالى عشر سنوات مضت، ولكنها لم تحظ بالتصويت الكافي للموافقة، وكنت على علم وثقة بأن تحقيق هذا المشروع يحتاج إلى عزيمة الأمير خالد الفيصل وليس إلى نقاش وحوار وتوصيات زملائي في مجلس الشورى آنذاك.

إن تبني هذا المشروع في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سيُسجل له ضمن إنجازاته العظيمة، وهو الرجل الذي حوّل صحراء نجد إلى مدينة الرياض العاصمة التي تنافس عواصم العالم عندما كان الملك سلمان أميرا لمنطقة الرياض، فهو مخططها وراسم مستقبلها وصاحب أول رؤية مستقبلية للوطن من العاصمة الرياض.