أمريكا والمنطقة: خلفية موجزة..؟!
الأحد / 12 / ربيع الأول / 1438 هـ الاحد 11 ديسمبر 2016 02:14
صدقة يحيى فاضل
بعد تأكد أهمية المنطقة العربية النفطية، أخذت بريطانيا التي كانت تسيطر على معظم هذه المنطقة سياسياً، منذ سنة 1820 تقريباً، تهتم بالخليج لذاته، بسبب الثروة النفطية التي تبين وجودها به. وقد كان اهتمام بريطانيا بهذه المنطقة في السابق نابعاً من كونها – أي منطقة الخليج – بوابة الهند والشرق. وبدأت معظم دول الغرب توجه أنظارها نحو الخليج والعالم العربي لذاته.
وقد كان مجيء شركات النفط الأمريكية الكبرى هو مقدمة للاهتمام الأمريكي البالغ. وأدى نجاح هذه الشركات في التنقيب عن النفط، وإنتاجه بالمنطقة، إلى تزايد اهتمام الحكومة الأمريكية بهذه المنطقة... ذلك الاهتمام الذي تجسد في: تواجد عسكري، واتفاقيات دولية، والذى يهدف لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية الأمريكية المتنامية بها. ورغم حصول بعض التنافس بين بريطانيا من جهة والمصالح الأمريكية في المنطقة من جهة أخرى، إلا أن الولايات المتحدة (ومعظم دول الغرب الأخرى) كانت تؤيد الوجود البريطاني بالخليج، وتعتبره ضرورياً، لحماية المصالح الغربية، بصفة عامة. ثم تحول هذا التأييد لاحقا لأمريكا.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، سنة 1945، وخروج بريطانيا منهكة من تلك الحرب، وتبوؤ كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق مركز زعامة العالم، استمرت بريطانيا في الخليج، ولكن إمكاناتها العسكرية والاقتصادية لم تعد تسمح لها بمزيد من الاستمرار، فاضطرت، سنة 1968، إلى إعلان رغبتها في الانسحاب (عسكرياً) من منطقة الخليج وشرق السويس بحلول سنة 1971. وهذا ما حصل بالفعل. إذ انسحبت بريطانيا نهائياً، من المنطقة في 9/11/1971.
***
وقد أثار قرار بريطانيا الانسحاب من الخليج ما عرف في الغرب (وخاصة في الولايات المتحدة) بقضية «أمن الخليج». إذ إن انسحاب بريطانيا، وهي القوة الغربية الحامية للمصالح الغربية في المنطقة، كان يمكن أن ينتج عنه (في رأيهم) «فراغ قوة»، وإن ذلك الفراغ يمكن أن تحل فيه قوى أخرى معادية للغرب في المنطقة... مما يعرض المصالح الغربية الحيوية لخطر جسيم - في تقديرهم.
ونتج عن تلك «المخاوف» الغربية تصاعد الاهتمام الأمريكي والغربي بالمنطقة لما أضحت تمثله من ثقل اقتصادي دولي هام. وقد أعرب عن هذه المخاوف في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية والرسمية، ومؤتمرات القمة للدول الغربية الكبرى المعنية، منذ بداية السبعينات وحتى انهيار المعسكر الشرقي السوفيتي.
وقامت الولايات المتحدة بـ «ملء» ذلك الفراغ، وعمل ترتيبات عسكرية وسياسية معروفة لـ «سد» هذه الثغرة، التي يمكن أن تنفذ منها القوى المعادية للغرب – وخاصة الاتحاد السوفيتي السابق – لقطع شريان الحضارة الغربية، أو تحطيمها، أو جعلها تحت رحمة القوى المناوئة للغرب، وأمريكا بخاصة. ومن ذلك: تدعيم الوجود العسكري الأمريكي بالقرب من المنطقة، وإنشاء قوات «التدخل السريع» في سنة 1980. وإثر انسحاب بريطانيا أوكلت الولايات المتحدة لإيران الشاه لعب دور فعال في إستراتيجيتها الخليجية في القرن الماضي.
***
ومنذ نهاية السبعينات، ازداد الاهتمام الأمريكي بالمنطقة بشكل ملفت للنظر. وكان ذلك الازدياد ناتجاً من القلق الأمريكي المتصاعد حول الأحداث والتطورات المحيطة بمنطقة الخليج، ومنها ما حصل نتيجة سقوط الشاه محمد رضا بهلوي (رجل أمريكا الأول السابق في المنطقة) وقيام الثورة الإيرانية، سنة 1979، وما أعقب ذلك من أحداث، أهمها:-
(1) التدخل السوفيتي في أفغانستان، وخشية الولايات المتحدة من «اقتراب» السوفييت من حقول النفط بالمنطقة.
(2) الحرب العراقية – الإيرانية، وما أفرزته من تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز.
(3) تصاعد الشعور السلبي في المنطقة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، لتأييدها المطلق لإسرائيل.
... أدت هذه الأحداث، وغيرها، إلى تزايد قلق الولايات المتحدة، وقيامها بتكثيف حضورها، ومحاولة إحكام قبضتها على المناطق القريبة من المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. واستمر ذلك الاهتمام حتى بعد زوال السوفييت، بل تصاعد قليلا بعد أحداث الحادي عشر من ديسمبر 2001.
***
وتجلى ذلك الاهتمام أصلا في صدور ما سمي بـ «مبدأ كارتر (Carter Doctrine)» الذي وضح وحدد أسس السياسة الأمريكية نحو الخليج. حيث نص هذا المبدأ، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي الأسبق «كارتر»، في «رسالة الاتحاد»، الموجهة منه إلى الشعب الأمريكي، بتاريخ 20 يناير سنة 1980، على:
«أن أية محاولة من جانب أية قوة أجنبية، للسيطرة على منطقة الخليج العربي، سوف تعتبر بمثابة عدوان على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية. ولسوف يقابل مثل هذا العدوان بكافة الوسائل الضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية»...
وهذا التصريح يترجم سلوك وسياسة الولايات المتحدة نحو هذه المنطقة، وخاصة منذ أوائل السبعينات، وحتى الآن. وستستمر هذه السياسة... طالما استمرت الظروف التي أدت إليها. وقد تجلى هذا الاهتمام الخاص أثناء وبعد ما عرف بـ«حرب الخليج الثانية»... الناتجة عن الغزو العراقي لدولة الكويت، في 2/8/1990. ولكن هذا الاهتمام بدأ يتناقص لأسباب قد نتطرق إليها لاحقا. فعندما تتغير «المصالح» والظروف «تتغير» المواقف والسياسات..
وقد كان مجيء شركات النفط الأمريكية الكبرى هو مقدمة للاهتمام الأمريكي البالغ. وأدى نجاح هذه الشركات في التنقيب عن النفط، وإنتاجه بالمنطقة، إلى تزايد اهتمام الحكومة الأمريكية بهذه المنطقة... ذلك الاهتمام الذي تجسد في: تواجد عسكري، واتفاقيات دولية، والذى يهدف لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية الأمريكية المتنامية بها. ورغم حصول بعض التنافس بين بريطانيا من جهة والمصالح الأمريكية في المنطقة من جهة أخرى، إلا أن الولايات المتحدة (ومعظم دول الغرب الأخرى) كانت تؤيد الوجود البريطاني بالخليج، وتعتبره ضرورياً، لحماية المصالح الغربية، بصفة عامة. ثم تحول هذا التأييد لاحقا لأمريكا.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، سنة 1945، وخروج بريطانيا منهكة من تلك الحرب، وتبوؤ كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق مركز زعامة العالم، استمرت بريطانيا في الخليج، ولكن إمكاناتها العسكرية والاقتصادية لم تعد تسمح لها بمزيد من الاستمرار، فاضطرت، سنة 1968، إلى إعلان رغبتها في الانسحاب (عسكرياً) من منطقة الخليج وشرق السويس بحلول سنة 1971. وهذا ما حصل بالفعل. إذ انسحبت بريطانيا نهائياً، من المنطقة في 9/11/1971.
***
وقد أثار قرار بريطانيا الانسحاب من الخليج ما عرف في الغرب (وخاصة في الولايات المتحدة) بقضية «أمن الخليج». إذ إن انسحاب بريطانيا، وهي القوة الغربية الحامية للمصالح الغربية في المنطقة، كان يمكن أن ينتج عنه (في رأيهم) «فراغ قوة»، وإن ذلك الفراغ يمكن أن تحل فيه قوى أخرى معادية للغرب في المنطقة... مما يعرض المصالح الغربية الحيوية لخطر جسيم - في تقديرهم.
ونتج عن تلك «المخاوف» الغربية تصاعد الاهتمام الأمريكي والغربي بالمنطقة لما أضحت تمثله من ثقل اقتصادي دولي هام. وقد أعرب عن هذه المخاوف في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية والرسمية، ومؤتمرات القمة للدول الغربية الكبرى المعنية، منذ بداية السبعينات وحتى انهيار المعسكر الشرقي السوفيتي.
وقامت الولايات المتحدة بـ «ملء» ذلك الفراغ، وعمل ترتيبات عسكرية وسياسية معروفة لـ «سد» هذه الثغرة، التي يمكن أن تنفذ منها القوى المعادية للغرب – وخاصة الاتحاد السوفيتي السابق – لقطع شريان الحضارة الغربية، أو تحطيمها، أو جعلها تحت رحمة القوى المناوئة للغرب، وأمريكا بخاصة. ومن ذلك: تدعيم الوجود العسكري الأمريكي بالقرب من المنطقة، وإنشاء قوات «التدخل السريع» في سنة 1980. وإثر انسحاب بريطانيا أوكلت الولايات المتحدة لإيران الشاه لعب دور فعال في إستراتيجيتها الخليجية في القرن الماضي.
***
ومنذ نهاية السبعينات، ازداد الاهتمام الأمريكي بالمنطقة بشكل ملفت للنظر. وكان ذلك الازدياد ناتجاً من القلق الأمريكي المتصاعد حول الأحداث والتطورات المحيطة بمنطقة الخليج، ومنها ما حصل نتيجة سقوط الشاه محمد رضا بهلوي (رجل أمريكا الأول السابق في المنطقة) وقيام الثورة الإيرانية، سنة 1979، وما أعقب ذلك من أحداث، أهمها:-
(1) التدخل السوفيتي في أفغانستان، وخشية الولايات المتحدة من «اقتراب» السوفييت من حقول النفط بالمنطقة.
(2) الحرب العراقية – الإيرانية، وما أفرزته من تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز.
(3) تصاعد الشعور السلبي في المنطقة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، لتأييدها المطلق لإسرائيل.
... أدت هذه الأحداث، وغيرها، إلى تزايد قلق الولايات المتحدة، وقيامها بتكثيف حضورها، ومحاولة إحكام قبضتها على المناطق القريبة من المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. واستمر ذلك الاهتمام حتى بعد زوال السوفييت، بل تصاعد قليلا بعد أحداث الحادي عشر من ديسمبر 2001.
***
وتجلى ذلك الاهتمام أصلا في صدور ما سمي بـ «مبدأ كارتر (Carter Doctrine)» الذي وضح وحدد أسس السياسة الأمريكية نحو الخليج. حيث نص هذا المبدأ، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي الأسبق «كارتر»، في «رسالة الاتحاد»، الموجهة منه إلى الشعب الأمريكي، بتاريخ 20 يناير سنة 1980، على:
«أن أية محاولة من جانب أية قوة أجنبية، للسيطرة على منطقة الخليج العربي، سوف تعتبر بمثابة عدوان على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية. ولسوف يقابل مثل هذا العدوان بكافة الوسائل الضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية»...
وهذا التصريح يترجم سلوك وسياسة الولايات المتحدة نحو هذه المنطقة، وخاصة منذ أوائل السبعينات، وحتى الآن. وستستمر هذه السياسة... طالما استمرت الظروف التي أدت إليها. وقد تجلى هذا الاهتمام الخاص أثناء وبعد ما عرف بـ«حرب الخليج الثانية»... الناتجة عن الغزو العراقي لدولة الكويت، في 2/8/1990. ولكن هذا الاهتمام بدأ يتناقص لأسباب قد نتطرق إليها لاحقا. فعندما تتغير «المصالح» والظروف «تتغير» المواقف والسياسات..