ابتهال الخطيب لـ«عكاظ»: مصلحة شيعة الخليج ليست مع إيران
لست منبوذة وأعترف أنني أعمد إلى صدم المجتمع العقل
الثلاثاء / 14 / ربيع الأول / 1438 هـ الثلاثاء 13 ديسمبر 2016 02:16
يعدّها: علي مكّي
ما تزال الدكتورة ابتهال الخطيب الأكاديمية في جامعة الكويت قابضة على جمر أفكارها المثيرة التي دعت إليها مراراً في أطروحاتها المتعددة عبر حواراتها التلفزيونية وكتاباتها الصحفية التي عرفت بجرأتها في تناول المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان، وتملك الخطيب فكراً يعد متحرراً مما سبب لها صداماً عنيفاً مع التيارات الدينية السنية والشيعية، كما جاء في موقع ويكيبيديا على الإنترنت.«عكاظ»، عبر صفحتها «جدل» التقتها وأجرت معها حواراً مطولاً واجهتها فيه بدعواتها الصادمة للمجتمع وللتيارات الدينية وبدت الدكتورة ابتهال هادئة ودافعت عن أفكارها وفق أدواتها التحليلية، مؤكدة أنها لا تدري «إن كان من المجد مناقشة نيتي خلف ما أقول، لربما من الأهم والأوقع مناقشة نوعية وتأثير ما أقول».. هنا نصّ الحوار:
• هل تتعمدين أن تخرجي في حواراتك التلفزيونية والصحفية بما يصدم المجتمع؟ خصوصا آراءك عن المتحولين جنسيا، وموافقة نادين البدير في طرحها المستفز واللا مقبول بتعدد الأزواج إزاء تعدد الزوجات؟ هل هذا هو السبب الذي جعلك منبوذة من بعض المحيطين بك كما تقولين؟
•• بالتأكيد لا أشعر بأنني منبوذة ولم يسبق لي أن صرحت بذلك. أنا دوماً أشير إلى ارتفاع سقف الحرية الكويتي نسبة إلى الأسقف المحيطة، ما أتاح لي فرصة تعبير لا يمكن أن تتسنى في أي من الأجواء المحيطة. لكن، يبقى من المتوقع تماماً أن تكون هناك مقاومة للأفكار الجديدة التي تعتبر صادمة للجامد من الأفكار والعادات والتقاليد. حين اخترت التصريح بهذه الأفكار كنت على علم تام بابتعادها عن السائد، كما أنني أحترم ردود الأفعال وأقدر حتى غضبها، فلا يمكن للإنسان أن يخرج متحدثاً بما يعتبر خطاباً تجديدياً صادماً وقوياً ويتوقع ألا تكون هناك ردة فعل أو أن يرفض تحمل بعض الآثار الناتجة عن خطابه، فكما ندخل البيوت من خلال المقروء والمسموع لنعبر عن آرائنا، لا بد أن نتوقع رد الفعل ونحترم ونتحمل ردود بل وانفعالات الجمهور. أما مسألة التعمد فلا أدري إن كان من فائدة لنفيي لها أو لتبريرها، فالإنسان بكل تأكيد يميل لتبرير فعله ولتبرئة نفسه، ولكنني سأقول إلى حد ما نعم، وددت أن أقول شيئاً جديداً ولكن نيتي لم تكن للصدام ولكن لإحداث تغيير، كنت وما زلت أشعر أننا في سباق قاس مع الزمن، وأن خطابنا لا بد أن يتغير جذرياً ومواجهتنا مع واقعنا وقضايانا لا بد أن تكون حقيقية وواقعية وإنسانية. ومع ذلك، لا أدري إن كان من المجدي مناقشة نيتي خلف ما أقول، لربما من الأهم والأوقع مناقشة نوعية وتأثير ما أقول.
• عندما تستفزين المجتمع وقيمه وتدعين إلى إدخال الثقافة الجنسية في المدارس وترفضين حجب المواقع الإباحية.. أعرف أنه رأيك لكن عندما تعلنينه بهذه المكاشفة هل تتوقعين أن المجتمع العربي والإسلامي مهيأ لقبول مثل هذه الدعوة؟ هل تريدين الشهرة دكتورة وأن تصبحي حديث الناس مثلاً؟
•• طبعاً لم تصدر مني دعوة لتعليم الثقافة الجنسية ولكن هذه الجملة أتت إجابة على سؤال في مقابلة وكان السؤال هو: هل توافقين على إدخال هذه الثقافة في المدارس وأتت الإجابة بنعم، لذا لا أدعي أنني تصدرت مثل هذه الحملة التعليمية. ونعم، لا بد للعالم العربي والإسلامي الذي يبني خطابه الاجتماعي ويصيغ خطابه الفكري إلى حد كبير على الوعي بالثقافة الجنسية أن يقدم هذه الثقافة إلى الجيل الجديد الذي نعلم أنه لربما يستقيها من مصادر خاطئة، فاحشة أو متطرفة، وهنا تأتي الحاجة لأكاديمية وعلمية تقديم مثل هذه المادة في إطار واضح يقضي على الخرافات الاجتماعية ويقيد الخطاب الشهواني ويثقف الشباب الصغار حول حماية أنفسهم وأجسادهم ويعزز احترامهم لهذه الأجساد وللثقافة هذه كثقافة علمية واجتماعية. أما السؤال حول الرغبة في الشهرة فهو مرة أخرى يستدعي الدفاع عن النفس وأنا أرى هذه المحاولة للدفاع دون قيمة فعلية، فلا أنا مستطيعة إثبات نواياي ولن يتسنى للناس كذلك التأكد مما أدعي من حيث غرضي من طرح هذه القضايا. لذا، تبقى القيمة العلمية والاجتماعية والفكرية للطرح، أهو مستحق أم لا بغض النظر عن نية القائل.
• أنتِ مهتمة بالسياسة.. كيف تتابعين الصراع المشتعل حالياً وهذه الحروب الطائفية التي بدأت من العراق ثم انتشرت بشكل مخيف؟ كيف يمكن إيقاف الزحف الطائفي المدمر؟
•• لا أعتقد بإمكانية إيقاف الحرب الطائفية بعيداً عن خيار فصل الدين عن السياسة، فطالما بقي الصراع دينياً على السلطة، ستستمر الحروب الطائفية بغية الوصول لكرسي هذه السلطة. أتابع الصراع المشتعل في العراق بقلب حزين وعقل مرتعب.. حزين على عراق تفتت ولا نعلم إن كانت هناك أي إمكانية لإعادة جمع شتاته، ومرتعب من عراق يتشظى وستصيب شظاياه كل الدول والشعوب التي تحوطه امتداداً الى كل شعوب العالم بالتأكيد. فالحدود الجغرافية لا تستطيع الحد من التأثير النفسي والإنساني والبيئي لما يحدث في بقعة جغرافية معينة. كما أن التوعية وإعادة تأهيل الشعوب هما شرطان أساسيان للإصلاح السياسي، وأنا أعتقد أن التوعية وإعادة التأهيل قادمان لا محالة في ظل التواصل الخارق اليوم بين شعوب العالم، ما كشف للشعوب العربية المنشغلة بصراعاتها الطائفية أنماطا مختلفة من الحياة وحتى من الهموم والأيديولوجيات التي نتمنى أن تغير تقييمهم لأوضاعهم وترفع سقف تطلعاتهم ورغبتهم في المشاركة في صنع القرار والتخلي عن الانتماء الطائفي لصالح الدولة المدنية. بالطبع من الشروط الأساسية لتحقيق معادلة الدولة المدنية هو ضرورة إعادة إيمان الشعب بمؤسسات دولته، أنها قادرة على حفظ حقه وتحقيق رفاهه، بوجود هذا الإيمان لن يحتاح الإنسان العربي للجوء الى المؤسسات اللا مدنية الأخرى الهدامة كمؤسسة الطائفة أو القبيلة أو الأسرة وغيرها.
• «ده احنا حنشوف أيام سوده» هكذا غردتِ ليلة انتخاب الرئيس الأمريكي.. من نحن هنا؟ هل تعنين وطنك الكويت؟ أم الخليج؟ أم العالم العربي؟ أم المسلمين؟ أم كل ذلك؟ ومن سيسوّد أيامنا؟
إعادة بجملتي هذه كنت أعني البشرية عموماً، فانتخاب ترمب هو ليس فقط مؤشرا على السياسات الخارجية القادمة ولكنه مؤشر إنساني عام عن الطريقة التي أصبح الناس يفكرون بها ويقيمون أوضاعهم من خلالها. إن انتخاب الرئيس الأمريكي دلالة في رأيي وبالدرجة الأولى على خوف شديد من المواطن الأمريكي الأبيض العادي، الذي أقنعته الظروف والخطاب العنصري بأنه على شفا حفرة من فقد حقوقه وامتيازاته، وأن «الآخر» الذي لم يكن في يوم في أعلى الهرم يجد إليه صعوداً وبسرعة مخيفة. هناك بالتأكيد الهاجس الأمني الذي هو الهاجس الأخطر والأكثر فعالية في التوجه الأمريكي والتوجه العالمي العام لانتخاب المتعنصرين عرقياً وطائفياً لحماية أمن الناخبين الذين أصبحوا يشعرون - بشكل مستحق أحياناً وبتسويق كاذب أحايين أخرى - بخطر حقيقي يهدد أمنهم الجسدي والنفسي. ترمب يمثل مرحلة جديدة، فكر جديد معجون بالخوف، معزز بالتهديدات، فكر سيغير الطريقة التي نفكر بها ونقيم بها ونتعامل من خلالها مع بعضنا بعضا كبشر متساوين في حقوقنا الإنسانية. أتمنى أن تكون نظرتي السوداوية مبالغا بها، ولكنني أعتقد أن الأيام السوداء الحالكة قادمة لا محالة.
• في مقاله «شيعة الكويت والصراع الإيراني- السعودي» يقول خليل حيدر: «لا أثر لأي توجيه أو تنوير للقاعدة الشيعية الشعبية على الصعيد السياسي والمذهبي داخل الكويت والدول الخليجية، ولا أثر كذلك لأي خط ناضج مدرك يخاطب الشيعة ويحذرهم من مخاطر مغامرات إيران و«حزب الله» وتكتيل الشيعة على أسس طائفية خلف هذه السياسات». أنتِ علّقتِ عليه قائلة «مقال قوي وواقعي».. من يعلق الجرس دكتورة؟ وكيف ترين مستقبل المنطقة في ظل مغامرات إيران وحزب الله وتكتيل الشيعة على أسس طائفية كما عبر حيدر؟
•• المستقبل ليس مطمئناً بالتأكيد، فالتكتل قائم على كل الأصعدة ومن كل الأطراف الطائفية، إلا أن الوضع الشيعي تحديداً حساس كون الشيعة أقلية في المنطقة. يتحدث أستاذ حيدر عن ضرورة قصوى لوعي شيعي بحقيقة تمركز مصالحهم مع الجانب الخليجي لا الجانب الإيراني، حيث أرى أنا شخصياً أن الارتباط الشيعي بالدولة الإيرانية في معظمه ارتباط ديني عاطفي لا ارتباطا سياسيا. فالشارع الشيعي العام البسيط ينظر للنظام الإيراني على أنه تمثيل للمذهب في المنطقة وإعلاء لصوته الذي كان مقموعاً على مدى زمن طويل، ففي العموم، ينظر الشيعة لتاريخهم الإسلامي على أنه تاريخ نضال وقمع لا تاريخ إنجازات وحضارة كما ينظر إليه الجانب السني. يحتاج الشارع الشيعي في رأيي لإيقاف خطاب المظلومية ولأن يعي التأثير السلبي الخطير للارتباط العاطفي الديني مع إيران الذي ينظر له بقية العالم على أنه ذو بعد سياسي. يؤكد أستاذ حيدر على أن مصلحة شيعة الخليج هي مع السعودية التي يتواءم معها هؤلاء في أسلوب المعيشة وفي طبيعة الحياة وفي مصالحهم الاقتصادية، لا مع إيران التي سيُحدث التعاطف معها انشقاقاً في الصف الخليجي. وأتفق مع منطق أستاذ حيدر في أن هناك حاجة ملحة لدي الشيعة لأن يعوا موقعهم الحقيقي ويوضحوا توجه ولائهم الاجتماعي والديني، وإن كان في هذا المطلب نوع من التفرقة، فهم في النهاية أقلية في منطقة مشتعلة تحتاج منهم للكثير من الحكمة التي ستضمن لهم وبالدرجة الأولى مصالحهم المواطنية.
• تؤكدين أن «التعليم المشترك أفضل ومخرجاته تتفوق على التعليم المنفصل من الناحية الشخصية، وينمي شخصية الطالب ويعطي الثقة في التعامل بين الجنسين». إلى ماذا استندتِ في حكمك هذا؟ هل لديك دراسة علمية تؤدي إلى هذه النتيجة؟
•• مثلما ورد في سؤالكم، تأكيدي لرأيي حول التعليم المشترك هو تأكيد شخصي، أي أن تقييمي هذا هو تقييم لتجربتي الشخصية المنطلقة من مراقبتي لأولادي والآخرين المحيطين ممن تلقوا تعليما منفصلا ومشتركا ومن منطلق تجربتي التعليمية أنا شخصياً. فقد تعلمت أنا في مراحل دراستي الما قبل جامعية في مدارس حكومية منفصلة في حين يتعلم أولادي في مدارس مشتركة الآن، ومن هنا أتى تقييمي العملي للتجربة. إلا أنني طالما أكدت أن هذه التجربة شخصية جداً وخاصة جداً، لذا لا بد للدولة أن توفر أنواع التعليم المختلفة التي منها التعليم المشترك والمنفصل تاركة حرية الاختيار للطالب وأسرته بما يتناسب وتوجههم الاجتماعي والشخصية العلمية للطالب بحد ذاته. بالطبع قرأت أنا في الجدال القائم حول نوعي التعليم، وحاولت الاطلاع على الأبحاث التي يشير لها إسلاميو المنطقة حول التوجه الغربي الحالي لفصل التعليم وهي أبحاث لم أجد لها أثراً في الواقع (أشير تحديداً لحوار دار بيني وبين نائب كويتي وضع عدة روابط على تويتر لأبحاث ادعى أنها موثقة علمياً ضد التعليم المشترك ولم تتبين صحة أو حقيقية أي من هذه الأبحاث أو كتابها)، وعليه، من واقع تجربتي العملية وبعض ما قرأت، فقد توصلت لقناعة تامة باختياري الشخصي لنوعية تعليم أبنائي على أنه الاختيار الأكاديمي والاجتماعي الأفضل المتوائم مع طبيعة أسرتي الاجتماعية والغرض الأكاديمي والأيديولوجي والسلوكي الذي أسعى لترسيخه عند الأولاد. لكنني لا يمكن أن أزعم أن ما أسعى أنا إليه وما أراه الاختيار الأمثل لأسرتي يجب أن يكون كذلك لكل الأسر ولكل الطلبة، فهناك عوامل عدة تؤثر على نوعية الاختيار وهي متغيرة من أسرة لأخرى. بالنسبة لي رأيت أن التعليم المشترك يرفع الحساسية بين الجنسين، يعزز الرأي الآخر للجنس الآخر فيقرب وجهات النظر الذكورية الإناثية، يؤسس لحالة من الاعتيادية ويعطي بعداً آخر للعلاقة بين الجنسين تتخطى البعد الجسدي والانطباع الانجذابي، تلك لاحظتها في الصفوف المشتركة التي أدرسها أنا في الجامعة كما وأراها تتحقق مع أولادي، الا أنني أعود فأؤكد أن هذا اختيار شخصي صلاحيته وتقييمه يعتمدان على ظروف عدة تختلف من أسرة لأخرى.
• ماذا تصنفين نفسك؟ ليبرالية؟ أم مثقفة؟ أم ناشطة حقوقية؟
•• أود أن أصنف نفسي على أنني ليبرالية اجتماعية الفكر، يسارية الهوى، وأتمنى أن أستحق شرف لقب ناشطة حقوقية، أما التصنيف الثقافي فلا يحق لإنسان إطلاقه على نفسه في رأيي، فلقب مثقف يحتاج دليلا ويحتاج إنتاجا ويحتاج إجماعا، وعليه، يكون من الصعب ولربما من الغرور أن يطلق إنسان على نفسه لقب مثقف، إلا إذا ما بقي اللقب في حيز الثقافة العامة، أي في دلالته على أن الشخص قارئ وله رأي فيما يقرأ ويشهد، وحتى عند هذه الدلالة لا تزال هناك حساسية من أن يطلق إنسان وصفا كهذا على نفسه، يبقى وصفا وحكما من حق الآخرين لا من حق الشخص نفسه.
• تصفين العقل العربي بأنه «لا يزال في بداية تمرينه، فلا مكان له بعد في التنافس الأولمبي للحريات، لذلك، علينا أن نخفف من غلوائنا وتشدقنا، ونأخذ حقيبة أفكارنا ونروح (الجيم).» أي (جيم) هذا الذي نذهب إليه؟ ألا تخافين أن يتكسر هذا المكان من ثقل هذا العقل؟
•• أعتقد أن العقل مثل الجسد يحتاج للتريض المستمر، فإذا ما صار في محيط مرتخي الأفكار، قليل التحفيز، خمل هذا العقل وتهدلت قدراته. وعليه، أعتقد أن عقولنا الإنسانية عموماً والعربية خصوصاً تحتاج للمواجهة المستمرة مع الجديد، مع الغريب ومع المتضاد. لابد للعقل العربي أن يتدرب على مواجهة الأفكار المتضادة وفكره، بل والتي تصنف على أنها جارحة له، حتى يتسنى لهذا العقل ممارسة رياضة الانفتاح والقبول، أن يلعب تمرين الاختلاف والاحترام، الاختلاف بالرأي والاحترام لحرية هذا الرأي، وإن لم يحمل الاحترام للرأي ذاته. إن هذا المنطق الفولتيري للاختلاف مع الآخر والاستماتة في الدفاع عن حرية هذا الآخر في التعبير يحتاج إلى ممارسة ذهنية مستمرة، لكي يتمكن الإنسان حقيقة من التفريق بين مبدأي الاختلاف في الرأي والإفساح لكل رأي، لكي يستطيع أن يرى أن الحقيقة هي حقائق، وأن العلم هو علوم، وأن الصح والخطأ هما مبدآن متعددان لربما بتعدد أنفاس البشر. يحتاج الإنسان لتدريب عقلي قاس لكي يستوعب فكرة أن حقيقته ليست الحقيقة الوحيدة، وأن إيمانه بها يعادل إيمان الآخرين بحقائقهم، وأن السلام لن يستتب في يوم إلا إذا استطاع الإنسان أن يحقق المعادلة الصعبة المذهلة: «أنا أملك الحقيقة وغيري يملك حقيقة، علي أن أفسح المكان لوجودها». هذه الفكرة العصية على التنفيذ تحتاج تدريبا قاسيا مستمرا، من خلال التواصل المستمر مع الآخرين، من خلال الانفتاح عليهم والترحيب بهم، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي ما عاد لنا اليوم من خيار في الواقع في ممارسة هذا التمرين في رحابها، فلا يمكن أن تدخل تويتر أو انستغرام أو سناب شات أو غيرها من «دون الرياضة العقلية»، فلا تواجه هذه المعضلة الفكرية لحقيقتك المواجِهة لحقائق الآخرين ولا يمكن أن تتفادى ممارسة هذه الرياضة العقلية قسراً. الجيم اليوم هو كل مكان تذهب إليه، كل ساحة إلكترونية تدخلها، العالم تشابك بشكل أصبح من العصي الانزواء ورفض التريض العقلي هذا.
• هل تتعمدين أن تخرجي في حواراتك التلفزيونية والصحفية بما يصدم المجتمع؟ خصوصا آراءك عن المتحولين جنسيا، وموافقة نادين البدير في طرحها المستفز واللا مقبول بتعدد الأزواج إزاء تعدد الزوجات؟ هل هذا هو السبب الذي جعلك منبوذة من بعض المحيطين بك كما تقولين؟
•• بالتأكيد لا أشعر بأنني منبوذة ولم يسبق لي أن صرحت بذلك. أنا دوماً أشير إلى ارتفاع سقف الحرية الكويتي نسبة إلى الأسقف المحيطة، ما أتاح لي فرصة تعبير لا يمكن أن تتسنى في أي من الأجواء المحيطة. لكن، يبقى من المتوقع تماماً أن تكون هناك مقاومة للأفكار الجديدة التي تعتبر صادمة للجامد من الأفكار والعادات والتقاليد. حين اخترت التصريح بهذه الأفكار كنت على علم تام بابتعادها عن السائد، كما أنني أحترم ردود الأفعال وأقدر حتى غضبها، فلا يمكن للإنسان أن يخرج متحدثاً بما يعتبر خطاباً تجديدياً صادماً وقوياً ويتوقع ألا تكون هناك ردة فعل أو أن يرفض تحمل بعض الآثار الناتجة عن خطابه، فكما ندخل البيوت من خلال المقروء والمسموع لنعبر عن آرائنا، لا بد أن نتوقع رد الفعل ونحترم ونتحمل ردود بل وانفعالات الجمهور. أما مسألة التعمد فلا أدري إن كان من فائدة لنفيي لها أو لتبريرها، فالإنسان بكل تأكيد يميل لتبرير فعله ولتبرئة نفسه، ولكنني سأقول إلى حد ما نعم، وددت أن أقول شيئاً جديداً ولكن نيتي لم تكن للصدام ولكن لإحداث تغيير، كنت وما زلت أشعر أننا في سباق قاس مع الزمن، وأن خطابنا لا بد أن يتغير جذرياً ومواجهتنا مع واقعنا وقضايانا لا بد أن تكون حقيقية وواقعية وإنسانية. ومع ذلك، لا أدري إن كان من المجدي مناقشة نيتي خلف ما أقول، لربما من الأهم والأوقع مناقشة نوعية وتأثير ما أقول.
• عندما تستفزين المجتمع وقيمه وتدعين إلى إدخال الثقافة الجنسية في المدارس وترفضين حجب المواقع الإباحية.. أعرف أنه رأيك لكن عندما تعلنينه بهذه المكاشفة هل تتوقعين أن المجتمع العربي والإسلامي مهيأ لقبول مثل هذه الدعوة؟ هل تريدين الشهرة دكتورة وأن تصبحي حديث الناس مثلاً؟
•• طبعاً لم تصدر مني دعوة لتعليم الثقافة الجنسية ولكن هذه الجملة أتت إجابة على سؤال في مقابلة وكان السؤال هو: هل توافقين على إدخال هذه الثقافة في المدارس وأتت الإجابة بنعم، لذا لا أدعي أنني تصدرت مثل هذه الحملة التعليمية. ونعم، لا بد للعالم العربي والإسلامي الذي يبني خطابه الاجتماعي ويصيغ خطابه الفكري إلى حد كبير على الوعي بالثقافة الجنسية أن يقدم هذه الثقافة إلى الجيل الجديد الذي نعلم أنه لربما يستقيها من مصادر خاطئة، فاحشة أو متطرفة، وهنا تأتي الحاجة لأكاديمية وعلمية تقديم مثل هذه المادة في إطار واضح يقضي على الخرافات الاجتماعية ويقيد الخطاب الشهواني ويثقف الشباب الصغار حول حماية أنفسهم وأجسادهم ويعزز احترامهم لهذه الأجساد وللثقافة هذه كثقافة علمية واجتماعية. أما السؤال حول الرغبة في الشهرة فهو مرة أخرى يستدعي الدفاع عن النفس وأنا أرى هذه المحاولة للدفاع دون قيمة فعلية، فلا أنا مستطيعة إثبات نواياي ولن يتسنى للناس كذلك التأكد مما أدعي من حيث غرضي من طرح هذه القضايا. لذا، تبقى القيمة العلمية والاجتماعية والفكرية للطرح، أهو مستحق أم لا بغض النظر عن نية القائل.
• أنتِ مهتمة بالسياسة.. كيف تتابعين الصراع المشتعل حالياً وهذه الحروب الطائفية التي بدأت من العراق ثم انتشرت بشكل مخيف؟ كيف يمكن إيقاف الزحف الطائفي المدمر؟
•• لا أعتقد بإمكانية إيقاف الحرب الطائفية بعيداً عن خيار فصل الدين عن السياسة، فطالما بقي الصراع دينياً على السلطة، ستستمر الحروب الطائفية بغية الوصول لكرسي هذه السلطة. أتابع الصراع المشتعل في العراق بقلب حزين وعقل مرتعب.. حزين على عراق تفتت ولا نعلم إن كانت هناك أي إمكانية لإعادة جمع شتاته، ومرتعب من عراق يتشظى وستصيب شظاياه كل الدول والشعوب التي تحوطه امتداداً الى كل شعوب العالم بالتأكيد. فالحدود الجغرافية لا تستطيع الحد من التأثير النفسي والإنساني والبيئي لما يحدث في بقعة جغرافية معينة. كما أن التوعية وإعادة تأهيل الشعوب هما شرطان أساسيان للإصلاح السياسي، وأنا أعتقد أن التوعية وإعادة التأهيل قادمان لا محالة في ظل التواصل الخارق اليوم بين شعوب العالم، ما كشف للشعوب العربية المنشغلة بصراعاتها الطائفية أنماطا مختلفة من الحياة وحتى من الهموم والأيديولوجيات التي نتمنى أن تغير تقييمهم لأوضاعهم وترفع سقف تطلعاتهم ورغبتهم في المشاركة في صنع القرار والتخلي عن الانتماء الطائفي لصالح الدولة المدنية. بالطبع من الشروط الأساسية لتحقيق معادلة الدولة المدنية هو ضرورة إعادة إيمان الشعب بمؤسسات دولته، أنها قادرة على حفظ حقه وتحقيق رفاهه، بوجود هذا الإيمان لن يحتاح الإنسان العربي للجوء الى المؤسسات اللا مدنية الأخرى الهدامة كمؤسسة الطائفة أو القبيلة أو الأسرة وغيرها.
• «ده احنا حنشوف أيام سوده» هكذا غردتِ ليلة انتخاب الرئيس الأمريكي.. من نحن هنا؟ هل تعنين وطنك الكويت؟ أم الخليج؟ أم العالم العربي؟ أم المسلمين؟ أم كل ذلك؟ ومن سيسوّد أيامنا؟
إعادة بجملتي هذه كنت أعني البشرية عموماً، فانتخاب ترمب هو ليس فقط مؤشرا على السياسات الخارجية القادمة ولكنه مؤشر إنساني عام عن الطريقة التي أصبح الناس يفكرون بها ويقيمون أوضاعهم من خلالها. إن انتخاب الرئيس الأمريكي دلالة في رأيي وبالدرجة الأولى على خوف شديد من المواطن الأمريكي الأبيض العادي، الذي أقنعته الظروف والخطاب العنصري بأنه على شفا حفرة من فقد حقوقه وامتيازاته، وأن «الآخر» الذي لم يكن في يوم في أعلى الهرم يجد إليه صعوداً وبسرعة مخيفة. هناك بالتأكيد الهاجس الأمني الذي هو الهاجس الأخطر والأكثر فعالية في التوجه الأمريكي والتوجه العالمي العام لانتخاب المتعنصرين عرقياً وطائفياً لحماية أمن الناخبين الذين أصبحوا يشعرون - بشكل مستحق أحياناً وبتسويق كاذب أحايين أخرى - بخطر حقيقي يهدد أمنهم الجسدي والنفسي. ترمب يمثل مرحلة جديدة، فكر جديد معجون بالخوف، معزز بالتهديدات، فكر سيغير الطريقة التي نفكر بها ونقيم بها ونتعامل من خلالها مع بعضنا بعضا كبشر متساوين في حقوقنا الإنسانية. أتمنى أن تكون نظرتي السوداوية مبالغا بها، ولكنني أعتقد أن الأيام السوداء الحالكة قادمة لا محالة.
• في مقاله «شيعة الكويت والصراع الإيراني- السعودي» يقول خليل حيدر: «لا أثر لأي توجيه أو تنوير للقاعدة الشيعية الشعبية على الصعيد السياسي والمذهبي داخل الكويت والدول الخليجية، ولا أثر كذلك لأي خط ناضج مدرك يخاطب الشيعة ويحذرهم من مخاطر مغامرات إيران و«حزب الله» وتكتيل الشيعة على أسس طائفية خلف هذه السياسات». أنتِ علّقتِ عليه قائلة «مقال قوي وواقعي».. من يعلق الجرس دكتورة؟ وكيف ترين مستقبل المنطقة في ظل مغامرات إيران وحزب الله وتكتيل الشيعة على أسس طائفية كما عبر حيدر؟
•• المستقبل ليس مطمئناً بالتأكيد، فالتكتل قائم على كل الأصعدة ومن كل الأطراف الطائفية، إلا أن الوضع الشيعي تحديداً حساس كون الشيعة أقلية في المنطقة. يتحدث أستاذ حيدر عن ضرورة قصوى لوعي شيعي بحقيقة تمركز مصالحهم مع الجانب الخليجي لا الجانب الإيراني، حيث أرى أنا شخصياً أن الارتباط الشيعي بالدولة الإيرانية في معظمه ارتباط ديني عاطفي لا ارتباطا سياسيا. فالشارع الشيعي العام البسيط ينظر للنظام الإيراني على أنه تمثيل للمذهب في المنطقة وإعلاء لصوته الذي كان مقموعاً على مدى زمن طويل، ففي العموم، ينظر الشيعة لتاريخهم الإسلامي على أنه تاريخ نضال وقمع لا تاريخ إنجازات وحضارة كما ينظر إليه الجانب السني. يحتاج الشارع الشيعي في رأيي لإيقاف خطاب المظلومية ولأن يعي التأثير السلبي الخطير للارتباط العاطفي الديني مع إيران الذي ينظر له بقية العالم على أنه ذو بعد سياسي. يؤكد أستاذ حيدر على أن مصلحة شيعة الخليج هي مع السعودية التي يتواءم معها هؤلاء في أسلوب المعيشة وفي طبيعة الحياة وفي مصالحهم الاقتصادية، لا مع إيران التي سيُحدث التعاطف معها انشقاقاً في الصف الخليجي. وأتفق مع منطق أستاذ حيدر في أن هناك حاجة ملحة لدي الشيعة لأن يعوا موقعهم الحقيقي ويوضحوا توجه ولائهم الاجتماعي والديني، وإن كان في هذا المطلب نوع من التفرقة، فهم في النهاية أقلية في منطقة مشتعلة تحتاج منهم للكثير من الحكمة التي ستضمن لهم وبالدرجة الأولى مصالحهم المواطنية.
• تؤكدين أن «التعليم المشترك أفضل ومخرجاته تتفوق على التعليم المنفصل من الناحية الشخصية، وينمي شخصية الطالب ويعطي الثقة في التعامل بين الجنسين». إلى ماذا استندتِ في حكمك هذا؟ هل لديك دراسة علمية تؤدي إلى هذه النتيجة؟
•• مثلما ورد في سؤالكم، تأكيدي لرأيي حول التعليم المشترك هو تأكيد شخصي، أي أن تقييمي هذا هو تقييم لتجربتي الشخصية المنطلقة من مراقبتي لأولادي والآخرين المحيطين ممن تلقوا تعليما منفصلا ومشتركا ومن منطلق تجربتي التعليمية أنا شخصياً. فقد تعلمت أنا في مراحل دراستي الما قبل جامعية في مدارس حكومية منفصلة في حين يتعلم أولادي في مدارس مشتركة الآن، ومن هنا أتى تقييمي العملي للتجربة. إلا أنني طالما أكدت أن هذه التجربة شخصية جداً وخاصة جداً، لذا لا بد للدولة أن توفر أنواع التعليم المختلفة التي منها التعليم المشترك والمنفصل تاركة حرية الاختيار للطالب وأسرته بما يتناسب وتوجههم الاجتماعي والشخصية العلمية للطالب بحد ذاته. بالطبع قرأت أنا في الجدال القائم حول نوعي التعليم، وحاولت الاطلاع على الأبحاث التي يشير لها إسلاميو المنطقة حول التوجه الغربي الحالي لفصل التعليم وهي أبحاث لم أجد لها أثراً في الواقع (أشير تحديداً لحوار دار بيني وبين نائب كويتي وضع عدة روابط على تويتر لأبحاث ادعى أنها موثقة علمياً ضد التعليم المشترك ولم تتبين صحة أو حقيقية أي من هذه الأبحاث أو كتابها)، وعليه، من واقع تجربتي العملية وبعض ما قرأت، فقد توصلت لقناعة تامة باختياري الشخصي لنوعية تعليم أبنائي على أنه الاختيار الأكاديمي والاجتماعي الأفضل المتوائم مع طبيعة أسرتي الاجتماعية والغرض الأكاديمي والأيديولوجي والسلوكي الذي أسعى لترسيخه عند الأولاد. لكنني لا يمكن أن أزعم أن ما أسعى أنا إليه وما أراه الاختيار الأمثل لأسرتي يجب أن يكون كذلك لكل الأسر ولكل الطلبة، فهناك عوامل عدة تؤثر على نوعية الاختيار وهي متغيرة من أسرة لأخرى. بالنسبة لي رأيت أن التعليم المشترك يرفع الحساسية بين الجنسين، يعزز الرأي الآخر للجنس الآخر فيقرب وجهات النظر الذكورية الإناثية، يؤسس لحالة من الاعتيادية ويعطي بعداً آخر للعلاقة بين الجنسين تتخطى البعد الجسدي والانطباع الانجذابي، تلك لاحظتها في الصفوف المشتركة التي أدرسها أنا في الجامعة كما وأراها تتحقق مع أولادي، الا أنني أعود فأؤكد أن هذا اختيار شخصي صلاحيته وتقييمه يعتمدان على ظروف عدة تختلف من أسرة لأخرى.
• ماذا تصنفين نفسك؟ ليبرالية؟ أم مثقفة؟ أم ناشطة حقوقية؟
•• أود أن أصنف نفسي على أنني ليبرالية اجتماعية الفكر، يسارية الهوى، وأتمنى أن أستحق شرف لقب ناشطة حقوقية، أما التصنيف الثقافي فلا يحق لإنسان إطلاقه على نفسه في رأيي، فلقب مثقف يحتاج دليلا ويحتاج إنتاجا ويحتاج إجماعا، وعليه، يكون من الصعب ولربما من الغرور أن يطلق إنسان على نفسه لقب مثقف، إلا إذا ما بقي اللقب في حيز الثقافة العامة، أي في دلالته على أن الشخص قارئ وله رأي فيما يقرأ ويشهد، وحتى عند هذه الدلالة لا تزال هناك حساسية من أن يطلق إنسان وصفا كهذا على نفسه، يبقى وصفا وحكما من حق الآخرين لا من حق الشخص نفسه.
• تصفين العقل العربي بأنه «لا يزال في بداية تمرينه، فلا مكان له بعد في التنافس الأولمبي للحريات، لذلك، علينا أن نخفف من غلوائنا وتشدقنا، ونأخذ حقيبة أفكارنا ونروح (الجيم).» أي (جيم) هذا الذي نذهب إليه؟ ألا تخافين أن يتكسر هذا المكان من ثقل هذا العقل؟
•• أعتقد أن العقل مثل الجسد يحتاج للتريض المستمر، فإذا ما صار في محيط مرتخي الأفكار، قليل التحفيز، خمل هذا العقل وتهدلت قدراته. وعليه، أعتقد أن عقولنا الإنسانية عموماً والعربية خصوصاً تحتاج للمواجهة المستمرة مع الجديد، مع الغريب ومع المتضاد. لابد للعقل العربي أن يتدرب على مواجهة الأفكار المتضادة وفكره، بل والتي تصنف على أنها جارحة له، حتى يتسنى لهذا العقل ممارسة رياضة الانفتاح والقبول، أن يلعب تمرين الاختلاف والاحترام، الاختلاف بالرأي والاحترام لحرية هذا الرأي، وإن لم يحمل الاحترام للرأي ذاته. إن هذا المنطق الفولتيري للاختلاف مع الآخر والاستماتة في الدفاع عن حرية هذا الآخر في التعبير يحتاج إلى ممارسة ذهنية مستمرة، لكي يتمكن الإنسان حقيقة من التفريق بين مبدأي الاختلاف في الرأي والإفساح لكل رأي، لكي يستطيع أن يرى أن الحقيقة هي حقائق، وأن العلم هو علوم، وأن الصح والخطأ هما مبدآن متعددان لربما بتعدد أنفاس البشر. يحتاج الإنسان لتدريب عقلي قاس لكي يستوعب فكرة أن حقيقته ليست الحقيقة الوحيدة، وأن إيمانه بها يعادل إيمان الآخرين بحقائقهم، وأن السلام لن يستتب في يوم إلا إذا استطاع الإنسان أن يحقق المعادلة الصعبة المذهلة: «أنا أملك الحقيقة وغيري يملك حقيقة، علي أن أفسح المكان لوجودها». هذه الفكرة العصية على التنفيذ تحتاج تدريبا قاسيا مستمرا، من خلال التواصل المستمر مع الآخرين، من خلال الانفتاح عليهم والترحيب بهم، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي ما عاد لنا اليوم من خيار في الواقع في ممارسة هذا التمرين في رحابها، فلا يمكن أن تدخل تويتر أو انستغرام أو سناب شات أو غيرها من «دون الرياضة العقلية»، فلا تواجه هذه المعضلة الفكرية لحقيقتك المواجِهة لحقائق الآخرين ولا يمكن أن تتفادى ممارسة هذه الرياضة العقلية قسراً. الجيم اليوم هو كل مكان تذهب إليه، كل ساحة إلكترونية تدخلها، العالم تشابك بشكل أصبح من العصي الانزواء ورفض التريض العقلي هذا.