سعودة «عبد العزيز» وسعودتنا
السبت / 18 / ربيع الأول / 1438 هـ السبت 17 ديسمبر 2016 01:25
حمود أبو طالب
يروي وزير البترول السابق علي النعيمي في كتابه الممتع «من البادية إلى عالم النفط» قائلا:
(أثناء مفاوضات المملكة مع شركة النفط الأمريكية ـ التي ستقوم بالتنقيب في المملكة سنة ١٩٣٣م ـ حاول المفاوضون السعوديون الحصول من الشركة على أكبر دفعة مالية مقدما لتلبية احتياجات البلاد الملحة. ويشهد التأريخ كذلك على حرص المفاوضين السعوديين على التنمية الوطنية، فقد نصت المادة ٢٣ من اتفاقية الامتياز المكونة من سبع وثلاثين مادة أن تخضع الشركة المؤسسة بموجب هذا العقد لإدارة الأمريكيين وإشرافهم، وعليهم أن يتعهدوا بتوظيف مواطنين سعوديين ما أمكن ذلك، وما دامت الشركة قادرة على إيجاد موظفين سعوديين يؤدون العمل فإنها لن توظف أحداً من جنسيات أخرى).
حدث ذلك قبل ٨٣ عاما، والمملكة في بداية تأسيسها وتمر بظروف مالية في غاية الصعوبة، لأنها ببساطة لا تملك مصدراً ثابتا للدخل تنفق منه على احتياجات الدولة الجديدة. كان بالإمكان في مثل تلك الظروف الحرجة أن يخضع أي حاكم للشروط التي تضعها الشركة التي ستنقذ بلاده من الفقر وربما الانهيار لأنه لا يملك أوراقا قوية تمكنه من فرض شروطه، لكن الحس الوطني والنظرة المستقبلية البعيدة والإصرار على فرض الهيبة حتى مع الحاجة الملحة للطرف الآخر، هي التي جعلت الملك عبدالعزيز يضع ذلك الشرط ويفرضه في الاتفاقية. لاحظوا أنه لم يكن يريد توظيف سعوديين يحملون شهادات أو حتى يحسنون القراءة والكتابة آنذاك، لكنه أراد أن يجعل جيل العلم موجودا من خلال تلك الاتفاقية، وقد حدث ذلك، بل وأصبحت عملاق النفط أرامكو تدار الآن بشكل شبه كامل بأيدٍ سعودية.
نورد هذه القصة لأننا تحدثنا عن السعودة وتوطين الوظائف حتى أصابنا الملل دون أن نحقق شيئاً يذكر، لسبب واضح هو أننا بلا عزيمة صادقة كالتي فرضها الملك عبدالعزيز رغم الظروف التي كانت تعيشها دولته. والمتوقع أن تدخل بلادنا قريبا شركات أجنبية كبرى مع فتح باب الاستثمار على مصراعيه، فهل سوف نستطيع فرض السعودي المؤهل عليها إذا كنا لم نستطع فرضه على الشركات والمؤسسات الوطنية بشكل جاد ولائق يحفظ كرامته وكرامة الوطن الذي ينتمي إليه.
لقد ابتكرنا مصطلح «السعودة الوهمية» لأننا نسوّق الأوهام للشباب، فيصبح الوهم هو الواقع الذي يعيشونه ونعيشه كلنا معهم.. كم نحن مبدعون في صناعة الأوهام!
(أثناء مفاوضات المملكة مع شركة النفط الأمريكية ـ التي ستقوم بالتنقيب في المملكة سنة ١٩٣٣م ـ حاول المفاوضون السعوديون الحصول من الشركة على أكبر دفعة مالية مقدما لتلبية احتياجات البلاد الملحة. ويشهد التأريخ كذلك على حرص المفاوضين السعوديين على التنمية الوطنية، فقد نصت المادة ٢٣ من اتفاقية الامتياز المكونة من سبع وثلاثين مادة أن تخضع الشركة المؤسسة بموجب هذا العقد لإدارة الأمريكيين وإشرافهم، وعليهم أن يتعهدوا بتوظيف مواطنين سعوديين ما أمكن ذلك، وما دامت الشركة قادرة على إيجاد موظفين سعوديين يؤدون العمل فإنها لن توظف أحداً من جنسيات أخرى).
حدث ذلك قبل ٨٣ عاما، والمملكة في بداية تأسيسها وتمر بظروف مالية في غاية الصعوبة، لأنها ببساطة لا تملك مصدراً ثابتا للدخل تنفق منه على احتياجات الدولة الجديدة. كان بالإمكان في مثل تلك الظروف الحرجة أن يخضع أي حاكم للشروط التي تضعها الشركة التي ستنقذ بلاده من الفقر وربما الانهيار لأنه لا يملك أوراقا قوية تمكنه من فرض شروطه، لكن الحس الوطني والنظرة المستقبلية البعيدة والإصرار على فرض الهيبة حتى مع الحاجة الملحة للطرف الآخر، هي التي جعلت الملك عبدالعزيز يضع ذلك الشرط ويفرضه في الاتفاقية. لاحظوا أنه لم يكن يريد توظيف سعوديين يحملون شهادات أو حتى يحسنون القراءة والكتابة آنذاك، لكنه أراد أن يجعل جيل العلم موجودا من خلال تلك الاتفاقية، وقد حدث ذلك، بل وأصبحت عملاق النفط أرامكو تدار الآن بشكل شبه كامل بأيدٍ سعودية.
نورد هذه القصة لأننا تحدثنا عن السعودة وتوطين الوظائف حتى أصابنا الملل دون أن نحقق شيئاً يذكر، لسبب واضح هو أننا بلا عزيمة صادقة كالتي فرضها الملك عبدالعزيز رغم الظروف التي كانت تعيشها دولته. والمتوقع أن تدخل بلادنا قريبا شركات أجنبية كبرى مع فتح باب الاستثمار على مصراعيه، فهل سوف نستطيع فرض السعودي المؤهل عليها إذا كنا لم نستطع فرضه على الشركات والمؤسسات الوطنية بشكل جاد ولائق يحفظ كرامته وكرامة الوطن الذي ينتمي إليه.
لقد ابتكرنا مصطلح «السعودة الوهمية» لأننا نسوّق الأوهام للشباب، فيصبح الوهم هو الواقع الذي يعيشونه ونعيشه كلنا معهم.. كم نحن مبدعون في صناعة الأوهام!